&مؤمن سعد&

ساهمت الأزمة المالية لدى القنوات الفضائية في اختفاء البرامج الحوارية الفنية، لحاجة تلك البرامج الى ميزانيات باهظة. فعلى الرغم من أنّ البرامج الحوارية التي تعتمد استضافة المشاهير من نجوم الوسط الفني كانت موجودة بقوة في الأعوام الماضية على شاشة القنوات الفضائية في رمضان، يبدو أنّها اختفت هذا العام بشكل غريب ومفاجئ. أمّا الأسباب فتختلف باختلاف وجهات النظر حول غيابها. لكنّ السؤال الأهم يظلّ ما إذا كانت هذه النوعية من البرامج مجرد ظاهرة فقدت بريقها أم أنّها غابت جزئياً وستعود؟


يرى بعضهم أن برامج المقالب حلّت بديلاً من البرامج الحوارية الفنية، خصوصاً أنّها تعتمد على استضافة الفنانين والمشاهير، وبرامج المقالب التي انتشرت هذا العام تقوم بدفع مبالغ باهظة للضيف وفي الوقت ذاته لا تجبره على إعلان أسرار وتفاصيل تخص حياته الشخصية مثلما يحدث في البرامج الحوارية، علماً أنّ معظمها يتمّ بالاتفاق مع الفنان قبل التصوير. وتعدّ هذه النوعية من البرامج ألطف بالنسبة إلى الفنان، الذي يتعرّض أحياناً إلى المشاكل أو الإحراج في بعض البرامج الحوارية.

ولكن ثمّة وجهة نظر أخرى تؤكد أن غياب البرامج الحوارية عن رمضان هذا العام سببه وجود أكثر من برنامج مشابه تمّ عرضه قبل الشهر الكريم، ومنها برنامج «مصارحة حرة» و «الليلة مع سمر». هذا الأمر جعل هذه البرامج غير مرتبطة بالشهر الكريم كما في السنوات الماضية.
ومن الأشياء التي ربما تكون ساهمت في اختفاء البرامج الحوارية الفنية، الأزمة المالية التي يتعرض لها معظم القنوات الفضائية، خصوصاً أن هذه النوعية من البرامج تحتاج إلى ميزانية كبيرة، نظراً إلى أن الضيوف يطلبون مبالغ كبيرة للظهور فيها، ومعظم القنوات وجهت ميزانياتها المتوافرة لشراء المسلسلات والبرامج الخفيفة.
وأكدت المذيعة سمر يسري، وهي إحدى الإعلاميات اللواتي اشتهرن خلال الأعوام الماضية بتقديم البرامج الحوارية الفنية، أنها لا تجد فكرة تقديم برنامج حواري خلال شهر رمضان أمراً مميزاً، خصوصاً أنها كانت تبحث عن برنامج مختلف عما قدمته من قبل. وأوضحت أنها لا تبحث عن تقديم برنامج على الشاشة الرمضانية لمجرد التواجد فقط إنما تفتّش عن مضمون يسمح لها بالتجديد والاختلاف.
تتفّق الإعلامية منى عبد الوهاب في الرأي مع سمر، علماً أنّها قدمت قبل شهر رمضان برنامج «مصارحة حرة». وأوضحت أنها لم تكن متحمسة لبرنامج جديد في شهر رمضان خصوصاً أنها ظهرت قبله ببرنامج حقق نجاحاً وصدى كبيرين، كما أنّ معظم الأفكار التي عرضت عليها لا تحمّسها لخوض التجربة، مؤكّدة أنّ المسألة بالنسبة إليها هي تقديم برنامج قوي ومختلف ولا يشغلها توقيت عرضه لأن النجاح ليس مرتبطاً بالوقت وإنما يتعلق بفكرة البرنامج ومضمونه.
أما الناقد طارق الشناوي، فلديه رأي مختلف،

وهو يقول : «اختفاء هذه النوعية من البرامج كان متوقعاً منذ فترة، لأنها تعتمد على أسرار المشاهير من الفنانين وإخراج أشياء لم يعلنوها من قبل. وقد أتى الوقت الذي لم يعد لدى الفنانين المعروفين أي أسرار يمكن قولها كي يتقاضوا مقابلها أجوراً مرتفعة.
ولأنّ مضمون هذه البرامج يبحث فقط عن الفضائح أو المفاجآت الصادمة لجذب أكبر عدد من المشاهدين، لم يعد لديها معنى بعدما تحدث كل النجوم والنجمات في أزماتهم ومشاكلهم وأسرارهم طوال السنوات الماضية، أكثر من مرة وفي أكثر من برنامج حواري. وقد وصل الأمر خلال الأعوام الأخيرة حد لجوء الفنانين إلى الإعلان عن أشياء غير حقيقية لم تحدث في حياتهم من أجل تحقيق الإثارة وتقديم مادة يتحدث عنها الجميع بعد الحلقة. إلاّ أنّ هذا الأمر أيضاً صار قديماً ومستهلكاً». وأضاف الشناوي قائلاً: «لقد انتشرت البرامج الحوارية الفنية بشكل كبير في السنوات الأخيرة تحديداً لأن ثمة مادة دسمة يمكن الحديث عنها مع الضيوف، وهي مدى انتماء النجم إلى ثورات الربيع العربي أو رفضه لها. لكنّ هذه النقطة أصبحت الآن لا تشغل الجمهور بل إنه يملّ من فكرة الحديث عنها، ولذلك كان من الطبيعي أن تنتهي موضة البرامج الحوارية الفنية بعد أن تشابهت في كل شيء، حتى على مستوى الضيوف الذين تتم استضافتهم».