& سهوب بغدادي &


كشف استطلاع أجرته "الوطن" شمل عددا من المبتعثات في ولاية متشيجان الأميركية، ثاني ولاية على مستوى أعداد العرب والمسلمين فيها، أن 50% منهن تعرضن لأحد مظاهر العنصرية.
يأتي ذلك، في الوقت الذي سرد بعضهن قصصا لبعض ما تعرضن له من مواقف تكشف عن التعصب ضد العرب عامة والسعوديين بشكل خاص، ومنها السخرية من مولودة في مستشفى، ومحاولة نزع حجاب إحدى المبتعثات، وكذلك رمي النفايات أمام منزل مبتعثة أخرى.

"بلاد الحرية"، أو "بلاد الفرص"، و"عش الحلم الأميركي"، كلها عبارات إعلامية تلقى رواجا كبيرا لكنها في الحقيقة لا تلامس الواقع الذي يعيشه الإنسان في بلاد العم سام.
فتحت "الوطن" ملف العنصرية تجاه المبتعثين والمبتعثات في أميركا، وأجرت استطلاعا للرأي كشفت نتائجه عن أن هناك 50% من المبتعثات السعوديات سبق أن تعرضن لأوجه مختلفة من العنصرية خلال فترة دراستهن أو بقائهن في الولايات المتحدة.
تاريخ عنصري
على مدار عقود، عرضت وسائل الإعلام قصصا حقيقية تعرضت فيها جميع الأعراق في أميركا من أفارقة ولاتينيين وسكان أميركا الأصليين (الهنود الحمر)، للعنصرية والتمييز، إلا أن العقدين الأخيرين شهدا تغيرا بسبب أحداث 11 سبتمبر، فأصبح المسلمون والعرب على رأس قائمة المستهدفين من عنصرية الشعب والإعلام الأميركي، واستغل المرشح الجمهوري للرئاسة دونالد ترامب أخيرا حادثة إطلاق مواطن أميركي من أصول أفغانية النار على العديد من الأشخاص في ملهى ليلي بمدينة أورلاندو بولاية فلوريدا، حيث نشر تغريدة عنصرية عن الإسلام والمسلمين قال فيها: "أقدر التهاني لكوني محقا بخصوص الإرهاب الإسلامي المتطرف، أنا لا أريد التهنئة، أريد الصلابة واليقظة، يجب أن نكون أذكياء".

سفيرات الوطن
"الوطن" أجرت استطلاعا للرأي يضم نحو 54 مبتعثة بولاية متشيجان الأميركية التي تعد ثاني ولاية على مستوى كل الولايات من حيث عدد العرب والمسلمين، وكان الهدف من سؤال المبتعثات معرفة إن كان وجود الجاليات الكبيرة من العرب والمسلمين سببا في تعايش الأميركيين معهم بسلام. وكان السؤال الأساسي كالتالي: "هل سبق أن تعرضت لأي وجه من أوجه العنصرية، سواء كان ذلك عن طريق توجيه نظرات أم شتم أو رفض تقديم خدمات أو خلاف ذلك؟". فكانت إجاباتهن كالآتي: 27 مبتعثة قمن بالإجابة بـ"لا" في حين أجاب 27 منهن بـ"نعم".

طفلتها بشعة
تروي المبتعثة (س. ب) من شيكاجو بولاية إيلينوي قصة تعرضها للعنصرية في غرفة الولادة من قبل ممرضة في أرقى مستشفى بالمدينة قائلة: "وأنا في غرفة الولادة أتت الممرضة سارة لأخذ الضغط وبعض عينات الدم وكانت في قمة اللطافة معي ومع زوجي، ذهبت الممرضة سارة لإحضار ملاءة دافئة لي وعند دخولها الغرفة كان زوجي يصلي العشاء، فاختلفت تعابير وجهها وأبدت امتعاضا كبيرا، وما إن فرغ زوجي من الصلاة حتى عادت الممرضة إلى معاملتها اللطيفة. كانت تعاملني معاملة سيئة وتبدي اشمئزازها مني ومن لمسي عندما أكون لوحدي، بينما تتغير معاملتها حين يتواجد زوجي في الغرفة. استمر هذا الوضع لمدة ست ساعات على التوالي حتى حان وقت الولادة وقدمت الطبيبة فبدأت سارة بالتربيت على كتفي وتشجيعي بأجمل العبارات".
وأضافت "بعد إنجابي طفلتي، أتت ممرضة أخرى مع سارة لمساعدتها في معاينة المولودة، تمتمت سارة كلمة "السلام" بصوت منخفض للممرضة الأخرى، فقالت الممرضة الجديدة لي "طفلتك جميلة جدا" والتفتت إلى سارة وقالت "أحيانا يجبر الشخص على مجاملة المرضى". فقالت سارة "نعم إنها طفلة بشعة بشعة" ثم كررت الاثنتان كلمة (بشعة) أكثر من مرة، وأنا أصبت بالانهيار.. عمر طفلتي الآن خمس سنوات ولم أنجب بعدها طفلا آخر لخوفي أنا وزوجي من التعرض لمثل هذه الحادثة مجددا، فلقد أصبت باكتئاب ما بعد الولادة واستمر لمدة ثلاث سنوات اضطررت خلالها الذهاب إلى طبيب نفسي، لم أسكت عن حقي حينها إلا لخوفي وعدم معرفة حقوقي كمريضة، فالجهل وصغر سني كانا أكبر قاتل لي ..أنا محطمة".

رمي القمامة في فناء المنزل
في إحدى الدول الأوروبية وتحديدا فرنسا، قالت المبتعثة (د. ع) إن العنصرية في هذا البلد تتفاوت بتفاوت أعداد العرب في المنطقة. وأضافت: "في المدينة التي أسكن بها أعداد العرب قليلة، ومع ذلك عندما أردنا استئجار منزل، لم يرض الكثير من أصحاب المنازل تأجيرنا لأننا عرب، فالأحياء الفرنسية التي يسكن فيها العرب والمسلمون غالبا ما تصنف على أنها خطيرة وسيئة، أذكر أنني كنت أجد القمامة منثورة في فناء منزلي الأمامي والخلفي عندما سكنا في حي أغلبه من الفرنسيين، ولكننا نعاملهم بحسن الأخلاق ولا نعير ما يفعلونه اهتماما كبيرا".

سحب الحجاب بالقوة

تروي مبتعثة أخرى (خ. م) قصتها التي حدثت في مدينة مونتريال بكندا، قائلة: كانت هناك امرأة راشدة تقف على أحد الأرصفة وتبيع الزهور، فكنت أبتاع الزهور منها مرارا، فذهبت لأشتري منها وردا وتمنيت لها يوما سعيدا، فأوقفتني وسألتني باللغة الفرنسية، وأنا على علم أنها تتحدث الإنجليزية، فقلت لها إني لا أتقن الفرنسية فقامت برفع صوتها، وقالت "شكلك مقرف بالحجاب"، ثم قامت بسحب حجابي بقوة وأنا أحاول التمسك به، وهي تقول "نحن خلقنا عراة، وأنت تقومين بتغطية جسدك بكل هذه الملابس، حتى ابنتك ظلمتيها معك". فقلت لها "إن السعادة التي بداخلي بسبب حجابي وديني من المستحيل أن تشعري بها أو أن تفهميها، فأنا حرة في حجابي كما أنت حرة في إظهار جسدك وارتداء ما يحلو لك".
وأضافت: "كانت المرأة ترفع صوتها أكثر فأكثر حتى تجمهر المارة حولنا وكان معظمهم طلابا في الجامعة، وبدؤوا الاقتراب مني محاولين استفزازي، وكانوا يصفقون لها ويشجعونها وأنا دموعي خلف نظارتي".
تقول المبتعثة إن ابنتها كانت صغيرة وكانت مرتدية بنطالا وقميصا عاديين.

نصائح لسفراء الوطن
تجنب الرد على الإساءات اللفظية والجدال مع العنصريين
عدم الخوض في حوارات عن الأديان والمعتقدات
تجنب أماكن التجمعات والاحتفالات الوطنية والدينية
تحصين النفس
بالأذكار قبل الخروج من المنزل
أخذ دورات في الدفاع عن النفس مثل دورة "راد" الشهيرة للنساء والرجال
إعلام شخص أو صديق وقت الخروج من المنزل بالمكان المراد الذهاب إليه