& الياس الديري

&إذا استثنينا الاتفاق الثنائي حول ينابيعنا النفطيَّة والغازيَّة، أو ما قيل في هذا الخصوص، نجد أن كلَّ شيء ليس على ما يرام، سيّدتي المركيزة.
أبداً بتاتاً مطلقاً.

بل كل شيء سائب، على صعيد الدولة والمؤسَّسات الرسميَّة، والدوائر. كل ما تُذكر وزارة أو إدارة يطل منها مشروع فضيحة.
دعك من الزبالة التي أُعطيت كل بحر لبنان لتسبح مع الكبار والصغار، ومرتديات آخر ما نُسِجَ للنادر من أجساد المتألِّقات فوق الكراسي لا فوق المياه.
ولا يفوتني، سيدتي المركيزة، أن اعتذر بقوة لإهمالي "الفراغ الرئاسي" الذي دخل عامه الثالث بكل ثقة وثبات.

ومَنْ يدري، فقد نضطر لاحقاً إلى البحث عن صديقة، عن رفيقة، عن عروس تسلِّيه في وحدته وغربته، إذا ما بقيت حال هذا اللبنان على نحو ما يعرف القاصي والداني.
ليس من الضروري تكرار الأسباب والمسبَّبين، وما أصبح في شهرة عالميّة من شأنها منافسة التبّولة والكبَّة النيَّة، والتشكيلة التي كانت نادرة وصارت كلّها ملغومة مثل بحر الزبالة.
عمَ تريدين أن أخبرك؟ دنيا لبنان فالتة. فمساحة العشرة آلاف واثنين وخمسين كيلومتراً مربعاً سائبة بكل معنى الكلمة والتسيّب. فالداخل مفقود والخارج مولود. والداخلون من كل حدب وصوب أكثر من أن يستطيع البلد – الغابة احصاء عددهم. فضلاً عن "ضيوف" التنكُّر والتسلُّل والتخريب...

أما إذا تطلَّعنا الى حال الدولة اللبنانيّة، فنجدها اسماً على غير مسمّى: مجلس الوزراء، مثلاً، يشبه العائلة الذاهبة لطلب يد بنت الجيران لوحيدها الغالي، والعروس وأهلها يا غافل إلك الله!
كانوا، قديماً، يقولون: حارة كل مين إيدو إلو. اليوم تغيَّرت المقولة. صاروا يحكون عن الفضائيات والأرضيّات عن "دولة كل مين إيدو طويلة". أو "كل واحد فاتح دولة عَ حسابو"... أو "عَ طول إيدو".

هنا في هذا المقام، ولهذه المناسبة سيدتي المركيزة، يطيب لي الرجوع الى ذلك "البغل" الذي اكتشفه الشيخ الرفيق سعيد تقي الدين وهو يبحث عن الرأي العام الذي يغيّر فلا يتغيَّر.
فكانت حكاية "البغل" وكانت خيبة الشيخ سعيد، التي لا تزال تنتقل من جيل الى آخر. الى ان اختفت الدولة وتبخَّر الرأي العام، ولم يبق في الميدان سوى ذلك "البغل".
هذه هي حكاية بلد كان يوماً "وطن النجوم".