&علي بن صديق الحكمي


التطرف ظاهرة موجودة في جميع الأمم، وعلى مدى التاريخ. ويمثل «داعش» في الوقت الحاضر أحد أكبر منتجاته وأخطرها، نظراً إلى نطاق عمله الواسع، والتزايد المضطرد لأتباعه والمتعاطفين معه، وتأثيره الإعلامي الكبير، وقدرته الفائقة على استقطاب المراهقين والشباب ودفعهم للقيام بأعمال إرهابية غاية في القسوة وصلت إلى قتل الوالدين والإخوة. ويمكن تناول «داعش» من أبعاد دينية وسياسية وثقافية وإعلامية واجتماعية، لكن البعد النفسي لا تقل أهميته عن هذه الأبعاد، فهو يحاول توظيف النظريات والأبحاث النفسية لفهم كيف يستطيع «داعش» التأثير على الشباب واستقطابهم للانضمام إليه أو تنفيذ عملياته أو التعاطف معه.
يقدّم علم النفس بفروعه المختلفة تفسيرات مهمة لظاهرة التطرف والإرهاب من منطلق اهتمامه بديناميكيات الجماعات، والتأثير والإقناع وتغيير الاتجاهات، وسيكولوجية الطاعة، وتحول الإنسان من كائن خيِّر إلى شرير، والحرب النفسية. ويعود الاهتمام بالجوانب النفسية إلى توظيف داعش الأساليب والنظريات النفسية بأسلوب فعال غير مسبوق من الجماعات الإرهابية والسرية، ما يدل على طابع مؤسسي واحترافي في إدارة خطابه الإعلامي ووسائل الاستقطاب القائمة على المعرفة النفسية العلمية.

كيف يتحول الأخيار إلى أشرار؟


أحد الأهداف الرئيسية لعلم النفس هو فهم سلوك الإنسان والعوامل المؤثرة فيه، وهذه مهمة بالغة التعقيد، فالسلوك الإنساني تؤثر فيه عوامل عدة ولا يمكن تفسيره بعامل واحد فقط. وفي كتاب «تأثير إبليس (The Lucifer Effect) فهم كيفية تحول الناس الأخيار إلى أشرار»، يقدّم عالم النفس فيل زيمباردو Phil Zimbardo تفسيراً لعملية تحول الإنسان إلى الشر (كما كانت الحال مع إبليس) يمكن توظيفه لفهم العوامل المؤدية للسلوك الإرهابي، حيث قدم في الكتاب نظرية متكاملة قائمة على دراسات علمية كان هو من أوائل من عمل عليها في واحدة من أشهر التجارب النفسية، وهي تجربة سجن ستانفورد (The Stanford Prison Experiment)، والتي تمكّن فيها من تحويل طلاب جامعيين عاديين إلى سجانين يقومون بتعذيب زملائهم الذين تحوّلوا في التجربة سجناء، حيث يعزو زيمباردو - ويشاركه في ذلك علماء نفس آخرون - أسباب السلوك الإنساني، ومن ذلك السلوك العدواني والإرهابي والمتطرف، إلى ثلاثة عوامل تعمل مجتمعة وتتفاعل في ما بينها، وهي:
- السمات الشخصية للفرد واستعداده النفسي ونزعته لسلوك معين، وهذا يتشكل من خلال الأساليب التربوية والبيئة الاجتماعية التي يعيش فيها، ما يجعل بعض الأفراد، ونظراً إلى تكوينهم النفسي، أكثر احتمالاً للتأثر بالأفكار المتطرفة والقيام بأعمال عنف وإرهاب.
- المنظومة الثقافية والاجتماعية والسياسية التي يعيش فيها الشخص، وتشمل المعايير والأنظمة والقوانين والمعايير الاجتماعية وثقافة المجتمع بشكل عام (وتشمل البيئة على المستوى المحلي أو العالمي).
- السياق الآني الذي يوجد فيه الشخص في وقت من الأوقات، فهو قد يشكل دافعاً للفرد لتبني موقف أو سلوك معين، وتدخل تحت ذلك السياق المؤثرات الاجتماعية والإعلامية وغيرها.
لذلك، فإن التفسير المبسط الذي يعتمد على عزو أسباب تأثُّر الشباب بأفكار «داعش» والانضمام إليه أو التعاطف معه لعامل أو سبب واحد، يعيق فهم الظاهرة بشكل صحيح ولا يمكن أن يؤدي إلى حلول فعالة لها، بل إنه قد يساهم في تفاقمها وانتشارها وخروجها عن التحكم.

البروفايل الشخصي للإرهابي


حاولت الدراسات النفسية تحديد «بروفايل» معيّن للشخصية المتطرفة والإرهابية، ومنها «داعش»، ولكن من دون جدوى كبيرة، فنوعية المنتمين لـ «داعش» أو المتأثرين به أصبحت متنوعة بشكل كبير، حيث رأينا ازدياد انضمام الفتيات والنساء، واتساع النطاق العمُري ليبدأ من مرحلة مبكرة (13 سنة). كما لم يعد الانضمام إلى «داعش» أو التعاطف معه يقتصر على جنسيات أو أعراق معينة بل تجاوز ذلك ليشمل أشخاصاً من بلدان وأصول عرقية عدة. أما من ناحية المكانة الاجتماعية والمهنية، فقد شمل من ينضم لـ «داعش» الأطباء والمهندسين ورجال الأعمال وغيرهم من المهنيين، ما يخالف الصورة النمطية الشائعة، من أن أعضاءه ومثيلاته (من المنظمات الإرهابية) هم من أصحاب المستوى التعليمي والاجتماعي والاقتصادي المتدني أو العاطلين من العمل.
أما ما يعتقده البعض من أن الإرهابيين والمتطرفين هم أشخاص مختلون عقلياً أو من متعاطي المخدرات أو أصحاب السوابق أو نحو ذلك، فهو تبسيط مخل لمشكلة بالغة التعقيد، فالدراسات النفسية تدل إلى أنهم في الغالب لا يعانون من اضطرابات نفسية أو عقلية أو نحو ذلك، بل الكثير منهم من مرتفعي الذكاء، وهذا منطقي، لأن الجماعات المتطرفة لا تستقطب في الغالب من هو غير مستقر نفسياً، خصوصاً في الأعمال القيادية والمهام الإرهابية، لأن تلك الأعمال تتطلب السرية الكاملة والالتزام الكامل والاضطراد في المواقف والتصرفات، وهذا لا يتوافر لدى من لديه اضطراب نفسي أو عقلي. ولا يعني ذلك عدم فائدة دراسة الخصائص النفسية لأعضاء الجماعات المتطرفة، بل على العكس، فعلم نفس الشخصية وعلم النفس الاجتماعي وغيرهما من فروع علم النفس، تقدم أدوات مهمة تساعد في التعرف إلى كيفية تشكل الجماعات الإرهابية وأسلوب عملها ووسائلها في التأثير الواسع النطاق والتأثير على أفرادها، خصوصاً المستقطَبين الجدد، لكن المهم هو توظيف تلك الأدوات والأبحاث لفهم الظاهرة بشكل معمق، وألا يركز على الشكل على حساب المضمون.

الاستراتيجية النفسية في الاستقطاب
تقوم استراتيجية داعش في استقطاب أعضائه، خصوصاً من النشء والشباب، على الجوانب النفسية بشكل أساسي، وذلك من خلال الاعتماد في خطابه على تلبية الاحتياجات الرئيسية للإنسان والتي تحدث عنها علماء النفس، مثل أبراهام ماسلو وغيره. بل إن بعض علماء النفس يشير إلى أن داعش يعتمد في الاستقطاب على العامل النفسي أكثر من العامل الديني، حيث يشكك الدكتور كروغلانسكي (Kruglanski) أستاذ علم النفس في جامعة ماريلاند في الولايات المتحدة الأميركية، وأحد مؤسسي المركز الوطني للتميز في دراسة الإرهاب والتعامل معه، في أن المعركة الحقيقية التي تدور حول عقول المتحمسين لـ «داعش» وقلوبهم يمكن كسبها بالاعتماد على مرتكزات دينية فقط، إذ إن استراتيجية «داعش» في الاستقطاب تقوم في الغالب على أسس نفسية وليست دينية كما يقول، ومن هنا فإن التناول يجب أن يكون نفسياً لدرجة كبيرة.
وفي ما يلي بعض الاستراتيجيات ذات الأبعاد النفسية التي يستخدمها «داعش» في الاستقطاب:


توفير أجوبة لتساؤلات حائرة (الإغلاق المعرفي). من أهم الحاجات النفسية عند الإنسان الحاجة إلى الإغلاق المعرفي (Cognitive Closure) التي تشير إلى الحاجة للابتعاد من حالة عدم اليقين (Uncertainty) والغموض التي تؤدي بالإنسان إلى التوتر والقلق والتنافر المعرفي (Cognitive Dissonance)، والحاجة للوصول إلى حالة يكون فيها نوع من يقين الشخص حول مستقبله: ماذا سيعمل، وإلى أين سيذهب، وماذا سيقدم في حياته. ويربط كروغلانسكي بين الحاجة إلى الإغلاق المعرفي والتطرف، حيث يشير إلى أن الأوضاع الحالية التي يعيشها العالم تزيد في حاجة كثير من الناس إلى الإغلاق المعرفي وتوفير إجابات مقنعة حول ما يجري، ما يؤدي بهم إلى حالة من عدم اليقين، تدفعهم للبحث عن تفسيرات مقنعة وإلى الحصول على الجواب. هنا تأتي الجماعات المتطرفة، ومنها «داعش»، بتوفير أجوبة قطعية (أسود أو أبيض) مباشرة لتلك التساؤلات، وتعِدُ بحلول سريعة للمشكلات التي تواجه الأفراد والمجتمعات و «الأمة» بشكل عام، حيث تربط أجوبتها والحلول التي تقدمها مباشرة بين السبب والنتيجة، وتُشعر الناس بأنه في إمكانهم توقع المستقبل والتأثير فيه والتحكم به. وبغض النظر عن صحة الأجوبة التي تقدم، إلا أن تأثيرها على الناس كبير، فهي تنقلهم من حالة عدم اليقين وما يصاحبها من قلق وتوتر إلى حالة أخرى يشعرون بارتياح أكثر فيها. فـ «داعش» بهذا يقدم صورة أكثر وضوحاً للعالم، يستطيع الأشخاص (وخصوصاً النشء والشباب) فهمها وتبنّيها بسهولة، كما أنه يقدم لهم خيارات ويعدهم بحلول لمشكلاتهم ومشكلات مجتمعاتهم وأوطانهم وأمتهم. ويشير كروغلانسكي إلى مجموعة من الأبحاث التي وجدت أنه كلما زادت الحاجة إلى الإغلاق عند الشخص زاد التطرف. هذه النتيجة تم التوصل إليها في دراسات أجريت في دول عدة، منها المغرب وفلسطين وإسبانيا والفيليبين وإرلندا الشمالية وسيريلانكا، بل إن الدراسات وجدت أن الأشخاص الذين يتوقون للإغلاق بشكل كبير يحملون أفكاراً متطرفة يصاحبها انتقاص وازدراء للأشخاص الذين لا يشاركونهم أفكارهم والشعور بأن لديهم مبررات أخلاقية لتحطيمهم بأي طريقة.

توفير الهدف والمعنى للحياة والشعور بالقيمة الذاتية
من الحاجات الرئيسية للإنسان حاجته إلى وجود هدف ومعنى في حياته والشعور بأن له قيمة في المحيط الذي يعيش فيه. ويوظف «داعش» هذه الاستراتيجية بشكل فعال، حيث يسعى إلى ملء الفراغ الذي يعيشه بعض النشء بسبب عدم وجود أهداف لحياتهم يسعون إلى تحقيقها أو شعورهم بعدم القيمة أو التهميش، كما أن «داعش» يقدم مكافأة لمن ينتمي إليه، بزعمه أنه يتيح لهم الفرصة ليكونوا من «النخبة المميزة» التي تسعى لتحقيق هدف سام يتمثل في «قتال الكفار» وتحقيق «دولة الخلافة» أو «الشهادة في سبيل الله»، أي المكانة العليا كمجاهد في الحياة الدنيا، وخير الجزاء عند الاستشهاد، وغير ذلك من المزاعم الضالة. وهذه استراتيجية فعالة في الكثير من المتلقّين، خصوصاً من هم في سن المراهقة والشباب، فعندما يعتقد الواحد منهم بأن عملاً ما سيوصله إلى الجنة فسيتعاطف معه، ويكون من السهل استقطابه إلى المنظومة التي ستساعد في تحقيقه.

إثارة روح الإحباط وتوفير فرص «للانتقام»
يستخدم «داعش» والجماعات الإرهابية بشكل عام أسلوب إثارة روح الغضب لدى النشء حول مختلف جوانب حياتهم وحياة مجتمعهم ودفع صاحبها للانتقام، ومن الوسائل المتبعة لذلك غرس السلبية واليأس والإحباط وتقديم فكرة «الدولة الإسلامية» كحل. إن من عناصر القوة لدى «داعش» والجماعات الإرهابية الأخرى قدرتها الفائقة على توظيف الإحباط والشعور باليأس لخدمة أغراض العنف والإرهاب، واستغلال البنية النفسية الهشة عند بعض الشباب وعدم تمتعهم بشخصية مستقلة أو القدرة على قول «لا» ومواجهة الضغوط أو المغريات. وجدير بالتنويه هنا، أن علاقة عامل اليأس والإحباط بالتطرف أو العدوان بشكل عام، ليست علاقة سببية، بل هناك متغيرات وسيطة بينهما، مثل طريقة تفكير الإنسان وقدرته على التعامل مع ضغوط الحياة والتفكير المنطقي الذي يحول الإحباط إلى دافع للعمل والإنتاج.

التصنيف (نحن وهم)
التصنيف أحد أهم الوسائل التي يستخدمها المتطرفون لاستقطاب النشء لأفكارهم أو جماعاتهم. ويُستغل التصنيف لتوفير هوية للفرد تميزه عن الآخرين، وتستغل هذه الحاجة عند بعض الشباب فيوفرها لهم المتطرفون، فيصبح الشاب منتمياً إلى كيان له أفكاره وأهدافه الواضحة، كيان يُشعر أتباعه بأنهم «أفضل وأكمل وأنقى» من الآخرين، وأن الآخرين لا قيمة لحياتهم. وبالتالي، فهم لا يستحقون العيش، ناهيك عن التعايش. ويوظف «داعش» والجماعات المتطرفة ذلك بأسلوب يحقق أهدافها ويبرر ممارساتها الإجرامية، فإخراج الإنسان من دائرة المؤمنين إلى الكفار، يقود للتقليل من قيمة حياته، وأنه لم يعد يستحق الحياة أو الاحترام.

الطاعة العمياء
هذه استراتيجية أخرى مهمة يستخدمها المتطرفون لاستقطاب الشباب، وهي تعتمد على طمس شخصيتهم المتفردة والمستقلة، وإدخالهم في نمط التفكير الجمعي والالتزام بأفكار الجماعة والطاعة العمياء لها. فرسالة «داعش» وغيره من الجماعات السرية والإرهابية لأفرادها هي: اتبعني أوصلْك إلى الطريق الصحيح لتحقيق «أهدافك»، وأنه ليس هناك داعٍ للتفكير باستقلالية أو التصرف وفقاً لقناعات شخصية، وبالتالي طمس التفرد والاستقلالية لدى الفرد وجعله يتحرك وفقاً لما تريد الجماعة.

توفير نموذج البطل وتمهيد الطريق للبطولة
الحاجة إلى الإنجاز والنجاح من الاحتياجات الأساسية عند الإنسان، والنشء والشباب يتطلعون لأن يكونوا أبطالاً لهم إنجازات، وأن يشار إليهم بالبنان، وأن يحظوا بتقدير الآخرين. ويستغل المتطرفون هذه الحاجة عندما يُشعرون الشاب بأنه هو أيضاً يمكن أن يكون بطلاً وفقاً لمفهومهم المنحرف للبطولة. وتزداد الخطورة عندما يتحول «داعش» وقادته في أذهان الشباب ليصبح رمزاً للثورة والتمرد، كما كان غيفارا وغيره، خصوصاً أن بعض الشباب يبحثون عن هذه الرموز نتيجة شعورهم برفض المجتمع والسلطة الوالدية والسياسية، وحاجتهم إلى رموز بديلة.

إشباع الحاجة للانتماء

الحاجة للانتماء من أهم الحاجات التي يسعى الإنسان إلى تحقيقها، وتقوم الجماعات الإرهابية، و «داعش» منها، بمحاولة إشباع هذه الحاجة عند النشء والشباب من خلال إتاحة الفرصة لهم للانتماء إلى كيان أو فكرة أو جماعة، وغرس الشعور عندهم بأنهم جزء من كيان له رسالة سامية تتمثل بإعادة «أمجاد الأمة» التي حكمت العالم من المحيط إلى الصين. والشعور بالانتماء لا يشبع حاجة ملحة فقط، بل يشكل مؤثراً قوياً على أفكار الفرد وسلوكه. ولا تقتصر استراتيجية داعش على إشباع حاجة الفرد للانتماء، بل توفر له المساندة الاجتماعية والعاطفية والمادية، ولذلك يصبح كل شيء في حياته يتمثل فكرها حتى يضمن مكانه فيها، وحتى يحافظ على الامتيازات التي تقدم له فيها، وحتى إنْ وجد أن بعض قناعات الجماعة تخالف قناعاته الشخصية والأخلاقية وما تربى عليه سابقاً، إلا أنه يتبنى رأي الجماعة، لأنها تمارس ضغوطاً على الأفراد المنتمين بسحب المميزات التي حصلوا عليها، وبعقابهم إذا انحرفوا عنها، ولذلك يجد الشاب نفسه في النهاية قد «تورط»، ما يجعل عصيانه الجماعة خطراً عليه. ويرتبط بهذه الاستراتيجية التي يستخدمها «داعش» لاستقطاب الشباب أسلوب آخر يعتمد على فصل الشاب شعورياً عن مجتمعه «الجاهلي» أو «الكافر»، على حد زعمهم، من خلال غرس القناعة لديه بأن الانتماء إلى المجتمع أو «الوطن» يتعارض مع الانتماء إلى الكيان الأكبر، وهو «الأمة»، وأن تلك التنظيمات هي الوحيدة الجديرة بأن تمثل الأمة، من خلال «الخلافة» المزعومة. وهذا الأسلوب يجعل من السهل وقوع الشاب فريسة للاقتناع بأفكار الجماعة وممارساتها المتطرفة مهما بلغت من الوحشية.

دروس مستفادة من الأبحاث النفسية

- إن الاقتصار على نقض خطاب «داعش» وتكذيبه وتخطئته لن يكون فعالاً من دون أجوبة على التساؤلات التي تحير الشباب وتعرضهم لحالات مستمرة من عدم اليقين، حيث يجب تقديم إجابات مقنعة لهم قبل أن يلجأوا إلى الجماعات المتطرفة بحثاً عن ذلك.


- إعادة صياغة مفهوم البطولة ونصرة الدين في أذهان النشء من خلال توجيههم بأن تميُّز الفرد في دراسته أو عمله هو أفضل خدمة للدين، وأن البطولة تتحقق بعمل الخير ونبذ الشر والمساهمة في بقاء الوطن قوياً ومتماسكاً وآمناً وليس بالقتل والإرهاب. بالإضافة إلى إتاحة الفرص للشباب لأن يكونوا أبطالاً حقيقيين من خلال توفير مشاريع إنتاجية تتيح لهم الإبداع وإظهار طاقاتهم الكامنة وتحتفي بإنجازاتهم.
- تربية النشء لتكون له أهدافٌ في حياته يكرس جميع جهوده وتفكيره وطاقته من أجلها، فمن لديه هدف وتعلم كيف يحققه سيستمر في طريق ذلك، أما من يعيش بلا هدف فسيسهل اختطافه لتحقيق أهداف الآخرين والتضحية بحياته «وحياة الآخرين» ثمناً لذلك.


- تركيز الممارسات التربوية والتعليمية على تنمية الشخصية والتفكير المستقلين، وعلى عدم مسايرة الآخرين من دون تفكير ونظر في عواقب أفعاله على نفسه وعلى الآخرين. إن البيئة الأسرية والمدرسية والمجتمعية التي تشجع التساؤل ولا تكبته، وتدعم الحوار الحقيقي، هي التي يخرج منها جيل يصعب نجاح المتطرفين في التأثير فيه.

- إشباع حاجة الفرد للانتماء، بأن تكون الأسرة متماسكة وتهتم بجميع أفرادها وتمارس معاً اهتمامات مشتركة، وتعزيز تماسك المجتمع المحلي والجوار وتكثيف برامج تعزيز الانتماء للوطن والهوية الوطنية.

- تربية النشء والشباب على التحكم بمشاعر الغضب والإحباط وتوجيههما ليصبحا قوة إيجابية تدفعهم إلى العمل والإنتاج ومنع الإحباط، وذلك بتعليمهم أن يفرقوا بين الغضب والسلوك الذي قد ينتج عنه، فمن الطبيعي أن يغضب الإنسان، ولكن ليس من الطبيعي أن ينتقم بنفسه، أو أن يسمح لمشاعر الغضب بأن تتحول إلى كراهية تمنعه من التمييز بين الصواب والخطأ.

- تصميم برامج الوقاية وفق أسس علمية منتظمة وليس في شكل جهود مشتّتة لا توظف أساليب الإقناع والتأثير والتنشئة الاجتماعية المناسبة، وإشراك المجتمع ومؤسساته في تنفيذها.

- تبنّي خطاب إعلامي فعال غير تقليدي يوظف النظريات والأساليب النفسية في الإقناع وتغيير الاتجاهات بأسلوب جذاب يراعي خصائص المستهدفين.