&فاتح عبد السلام

بحسب مصادر بلدية فإن المجمعات التجارية المبنية في القطاع الخاص في بغداد لا تتمتع بشروط الأمان في حالات الطواريء ، وان واجهات المباني مطلية بمواد جرى تحريمها في عدد من الدول العربية منها الامارات بعد تكرار حوادث الحريق في الفنادق خاصة. ياترى هل يتابع أحد في اجهزة الدولة آخر الأبحاث في عالم بناء المدن ؟ هل توجد آلية لمتابعة التطور؟

شهود عيان بثوا شهاداتهم عبر الانترنت وفي مواقع التواصل الاجتماعي من المواطنين الناجين في التفجير الارهابي الأخير في الكرادة ، قالوا ونبرة اللوعة والصدق واضحة في أصواتهم بعد ساعات من المأساة، أن عدداً كبيراً من الضحايا كانوا أحياء في الدقائق العشر الأولى بعد الانفجار وهناك من بقي بعد ربع ساعة حياً ولم تصبه النيران والدخان اللاهب ، غير أن خدمات الطواريء كانت بطيئة وسيئة ولم يتمكن أحد من افراد الدفاع المدني من انقاذ أحد ، بل لم يفلحوا في انقاذ الجثث التي تفحمت وضاعت ملامحها في مشهد مروع ندر مثيله في العراق ، ولعل مشهد واحد يحاكي مشهد الموت هذا هو القصف الامريكي على ملجأ العامرية عام 1991 ببغداد حيث تفحمت الجثث وانصهرت ولم ينج أحد في أعداد تقارب الضحايا في مجمعات الكرادة.

وزير الداخلية الذي استقال ، عليه أن يكشف امام الناس ما امكانات الدفاع المدني وخدمات الطواريء في وزارته ليطلعوا على هزال الاستعدادات في بلد لاشيء فيه طبيعي حتى الموت.

رمى وزير الداخلية المستقيل من دون حساب ولا كتاب ، الكرة في مرمى غيره ، وتحدث عن عدم خضوع المنظومات الامنية للداخلية أي تحت سيطرة واحدة، مثل عمليات بغداد والأجهزة الامنية و العسكرية الأخرى، وهو مطلب استئثاري للهيمنة على كل شيء، ويبدو انه كان يعمل وفق نظرية كل شيء أو لاشيء.. الا بالصدفة. تحدث هذا المستقيل بعد الكارثة ولم يدرك أن اكثر من نصف المأساة التي حدثت ليست لأسباب أمنية وخروقات ، وانما لتقصير خدمات الانقاذ والطواريء، ولعله لا يفهم من أمر الداخلية سوى الاعتقال والتحقيقات والمداهمات والملاحقة ، ضمن مفهوم غريب لم تعشه وزارة داخلية في أي دولة تحترم ذاتها. ويا ليته طالبة بمنظومة ادارية وحضارية تكون تحت امرة الداخلية

كما ان أحداً لا يعرف من أين تهبط هذه العبقرية المفاجئة على المسؤولين منذ أكثر من عشر سنوات في تحديد مصدر السيارات المفخخة وخط مسارها من انطلاقها حتى حصول التفجير، بعد اقل من ساعة من وقوع أي تفجير . أين كنتم قبله ، وكيف جاءكم الوحي مباشرة بعده .

اعادة النظر في بناء وزارة الداخلية التي تعني وجه الحياة المدنية والانسانية للمجتمع ، هو أمر مصيري لأي بلد يريد الخروج من عنق الزجاجة .