&يشتتون انتباهنا عن أسباب الإرهاب لنحذر منهم


هيا عبدالعزيز المنيع

الإرهاب من بدايات اشتعاله بشرارة حركة جهيمان واحتلال الحرم المكي إلى يومنا هذا ومحاولة تفجير الحرم المدني بجسد إرهابي قاتل وهو يأخذ أشكالاً مختلة متفقة على الدموية وخلخلة أمننا إلى حد تغيير خريطة وطننا الجغرافية والسياسية..

بين إرهاب الحرمين ما يقارب أربعين عاما تنقص تقريباً ثلاث سنوات..

حجم الوجع بين تلك الحادثتين يختلف للإنسان البسيط حيث سكن الروع قلوب الآباء والأمهات على حدث خارج عن منظومة التفكير والقبول المجتمعي بكل المعايير آنذاك.. لم يكن هناك من يتلكأ في رفض الحادثة والمطالبة بأشد العقوبات للقائمين بها.. لم تكن اللكنة موجودة في قاموس الناس الكل كان رافضاً للحركة لم يكن هناك إمام متردد في رفضها ولم يكن هناك داعية يجرؤ أن يبرر عملهم لم يكن هناك اختلاف طائفي يدخل بين ثغرات النقاش..

حادثة المدينة روعتنا وأصابت كثيرا منا بحزن، ولكن بيننا من تلكأ وبيننا من امتطى صهوة اللكننة مبررا تصرف هؤلاء المجرمين، هؤلاء من أصحاب اللكننة شخصيا أعتبرهم أقل خطرا لأنهم يقفون تحت أشعة الشمس الكاشفة لكل أنواع الفيروسات فهي إما ان تقتلهم وإما أن تتيح للمختصين كل في مجاله اتخاذ إجراءاتهم العلاجية والوقائية معهم بما يحمي الوطن ومصالحة..

المشكلة الأهم باتت تكمن في من يرفضون الإرهاب وينددون به مع كل عملية إرهابية ويعلنون حربهم له بتقاذف كرة المسؤولية بين عناصر خارجية تارة وألعاب بلاي ستيشن تارة أخرى والليبراليين تارة ثالثة ومسلسل تلفزيوني تارة أخرى..!! يرمون الكرة هنا وهناك ينقلونها من ملعب لآخر ومن مشهد لآخر مبتعدين في كل حركة عن مسببات المشكلة الحقيقية. مع تسطيح وتبسيط لخطورة الإرهاب بشكل سافر وغير مقبول.. الإشكال في ذلك أن هناك من يعمل على تشتيت الانتباه عن مكونات أسباب التطرف الفكري بين شبابنا بصنع عناصر وأسباب للإرهاب وغير ذي أثر على بناء فكر متطرف..

فلو حللنا المشكلة من بداياتها لوجدنا أنها ترتكز على فكر متطرف دينيا من بداياتها على يد جهيمان الى يومنا هذا حيث استل المحرضون خطابا دينيا منغمسا في الدم وسكبوه في كأس الخطابة على منابرهم وفي مخيماتهم للشباب بمغريات عاطفية حيث الحور العين ولذة الشاربين من خمر حلال..

ليس لصالحنا أن ننقل التركيز نحو أسباب لن تسمن ولن تغني من جوع في مواجهة توغل الإرهاب بيننا.. نعم هناك استثمار واستغلال من مصادر خارجية لإرهابنا في أجساد أبنائنا لقتلنا وزعزعة أمننا فنحن من يهيئ تلك الأجساد للاستغلال.. تلك هي الحقيقة..، من جعل القتل تقربا لله، من يسابق في الدعاء على من يختلفون معه، من يسأل الله أن يبيد الكفار والليبراليين.. من قتل في مجتمع بأكمله حب الحياة، ورفض دخول دراسة الفنون في التعليم وكرس النشاط فقط في نوع واحد..

إمام المسجد مازال يعتقد أن هؤلاء مجرد شباب مضلل بهم، وبعض العلماء يعتقدون أن هؤلاء أبناؤنا بغوا علينا، وآخرون يبتهلون لله بدمار الكفار في الليل وفي النهار وبعد أن يتشرب شبابنا هذا الفكر المعادي تجد هذا أو ذاك رحل وعائلته لهؤلاء الكفار سائحاً وطالب علم لأبنائه..!!

منهج جديد لتشتيت الانتباه عن جذور الإرهاب ومسبباته، والبحث عن شماعة لا ناقة لها ولا جمل في المشكلة بعد أن دخلت سكين الإرهاب بيوتنا وقتلت الأم والأب والأخ.. وبعد أن طال الحزام الناسف من المصلين ووصل للحرم المدني بجوار قبر الرسول وأصحابه..