& علي بردى

&تحظى المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ باحترام بالغ في أوساط المجتمع الدولي. يبدي أعضاء مجلس الأمن اعجابهم بتصميمها على مساعدة الزعماء السياسيين اللبنانيين للخروج من مأزق وضعوا أنفسهم فيه. كانوا في غنى عنه. تبدو أحرص على لبنان من أكثرهم. يصفها البعض بأنها "حارسة لبنان" ديبلوماسياً كما الجيش حارسه عسكرياً.

يرى كثيرون أن الديبلوماسية الهولندية من أكثر المؤهلين للاضطلاع بأدوار أكبر على الساحة الدولية. يجادلون بانها أنجح المبعوثين الأمميين خلال السنين العشر من ولايتي الأمين العام للأمم المتحدة بان كي - مون. ليس فقط لأنها أشرفت قبل مهمتها اللبنانية على المهمة الاستثنائية الناجحة لتفكيك ترسانة سوريا من الأسلحة الكيميائية. بل أيضاً لأنها تعرف كيف تستثمر كل الموارد في أي موقع تشغله، وخصوصاً اذا كان ذا صلة بالتنمية أو الشرق الأوسط، منطقة شغفها الأكبر.

على سبيل المثال لا الحصر، يعتقد ديبلوماسي روسي أن سيغريد كاغ تقدم "الاحاطات الأكثر توازناً"بين المبعوثين الدوليين في جلسات مجلس الأمن. لا تهون عزيمتها أمام استهتار الزعماء السياسيين اللبنانيين بالمصالح الوطنية العليا لبلدهم. تأسف لمبالغات بعضهم في الولاءات الخارجية ولايغال بعضهم الآخر في الفساد. بيد أنها تقف على مسافة واحدة متساوية منهم جميعاً. تتفهم الحاجة الى المساعدة من السعودية وايران ودول أخرى للتوصل الى تسوية سياسية تكون في مصلحة لبنان. خلال احاطتها الأخيرة أمام مجلس الأمن، حذرت كاغ من الاضمحلال المطرد لمؤسسات الدولة اللبنانية، ليس فقط لأن مجلس النواب لا يزال عاجزاً عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية، بل أيضاً لأن الحكومة عاجزة أيضاً عن اتخاذ قرارات في شأن أبسط الشؤون التنفيذية. هناك مئات الملايين من الدولارات لا تصل الى لبنان لأنها تحتاج الى مراسيم وقرارات تنفيذية!

لا غرابة أن المبعوثة الدولية ترى في الجيش اللبناني حارساً هو الأكبر للبنان. يقوم بـ"عمل نموذجي" على رغم تجهيزاته المحدودة. يحرس الحدود الشمالية والشرقية من الجماعات الارهابية الناشطة في سوريا. نفذ مع الأجهزة الأمنية الأخرى خلال الأشهر الستة الأخيرة ما يزيد عن 272 عملية اعتقال باتهامات ذات صلة بالارهاب. يقابل هذا العدد زهاء 70 عملية اعتقال خلال العام الماضي. وكذلك ينفذ المهمات الموكولة اليه في منطقة عمليات القوة الموقتة للأمم المتحدة في لبنان "اليونيفيل" وغيرها من المهمات على الحدود الجنوبية مع اسرائيل.
لبنان ممثلاً بالجيش يحظى باحترام وتقدير واسعين في أوساط المجتمع الدولي وبين أعضاء مجلس الأمن. يتحمل ضغوطاً استثنائية، اذا قيس بما تقوم به بلدان أخرى لديها موارد أكبر في المنطقة، تؤدى له التحية.