&علي حماده


&لا يحمل وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت أي مبادرة فرنسية نحو لبنان، كما انه لا يحمل افكارا جديدة بشأن الاستحقاق الرئاسي المعلق منذ اكثر من عامين . ففرنسا تعرف ان مفتاح الإفراج عن الاستحقاق الرئاسي موجود في طهران ، باعتبار ان الطرف المعطل لبنانيا هو "حزب الله" ، وليس اي طرف آخر! فبعدما قام الرئيس سعد الحريري بخلط الأوراق الرئاسية عبر ترشيحه النائب سليمان فرنجية ، لم يستطع هذا الأخير ان يحدث اختراقا فعليا في جدار التعطيل الرئاسي ، على الرغم من كونه جزءا اساسيا من منظومة ٨ آذار التي يقودها "حزب الله"، فاستمر التعطيل من خلف واجهة الجنرال ميشال عون اكثر من ستة اشهر ، في الوقت الذي انفجر فيه تحالف ١٤ آذار . ولم تنفع كل التنازلات التي قدمها الحريري، ومن بعده الدكتور سمير جعجع بتأييد ترشيح عون في ارغام "حزب الله" على فتح مجلس النواب لإتمام الاستحقاق الرئاسي.

أين صرنا اليوم ؟ في المربع الأول ، ولا سيما ان ايا من مرشحي ٨ آذار اللذين نال كل منهما تأييد قطب أساسي من ١٤ آذار ، لم يحدث ترشيحهما أي اختراق في جدار التعطيل. فلا فرنجية تمكن من اقناع حلفائه بفتح الطريق أمامه ، ولا عون بدّل من وضعية الواجهة التي يتلطى بها "حزب الله" ليفتح مجلس النواب كيفما اتفق الأمر. والحقيقة ان كلا المرشحين فشل في احداث ديناميكية سياسية كافية لانهاء حال الشغور الرئاسي المديد . فرنجية لم يثبت انه بالقوة الكافية لدفع "حزب الله" الى تغيير حساباته من اجله ، وعون لم يثبت انه يمكن ان ينتقل الى موقع وسطي حقيقي يمهد لانتزاعه تأييد من لم يؤيدوه حتى اليوم . ويبقى الاستحقاق الرئاسي معلقا بسبب قرار "حزب الله" ، وخفة الزعامات المارونية المتنافسة على فتات المائدة !
هكذا نقف أمام جدار سميك جدا ، والفرنسيون لا يملكون حتى الان سوى ان يتحدثوا مع نظرائهم الإيرانيين ( أخيرا مع وزير الخارجية محمد جواد ظريف ) لتذكيرهم بأن لبنان يعاني ازمة رئاسية خطيرة ، وليطلبوا منهم الضغط على "حزب الله" للإفراج عن الاستحقاق الرئاسي، ولا يلقون منهم سوى ردود تشي بالتهرب من تقديم إجابات شافية . فبين القول إن طهران تدعم ما يقرره اللبنانيون، والقول إن ملف لبنان هو من خارج اختصاصات الرئيس الإيراني حسن روحاني وفريقه في الحكومة، يجد الفرنسيون انفسهم في موقف العاجز عن تقديم اي جديد سوى الإيحاء بأن لبنان لا يزال محل اهتمام في باريس!
بالأمس قال لي دبلوماسي عربي مقيم في باريس :" لا رئيس في لبنان قبل ان يحصل اختراق سياسي حقيقي في الأزمة السورية . ولا نفط للبنان قبل النفط السوري!"، فهل يقوم طرف لبناني ما بخلط الأوراق من جديد؟