&علي حماده&

القول إن حرب تموز 2006 هي مفخرة للبنان، وانها انتهت بانتصار إلهي، هو نوع من المزاح الثقيل الذي لا يقنع سوى "حزب الله" وقسم من جمهوره المخدوع بهذه الشعارات المنتهية الصلاحية. لقد كانت حرب تموز حرب توريط للبنان في اشتباك اقليمي ايراني - اسرائيلي، تولى فيه "حزب الله" باعتباره فصيلا في "الحرس الثوري" الايراني مهمة اشعال الحدود اللبنانية - الاسرائيلية، وافتعال حرب مدمرة تسببت بقتل ما يزيد على الف وثلاثمئة مواطن لبناني، وتدمير بنى البلد التحتية ومعها آلاف المنازل، وتكبيد الاقتصاد الوطني اللبناني خسائر تجاوزت عشرة مليارات دولار! وفي النهاية خرج الامين العام للحزب المذكور السيد حسن نصرالله من بين الركام معلنا "النصر الالهي" على جثث اللبنانيين واموالهم وبيوتهم!

بعدها بفترة وجيزة، وبعدما كان الحزب يستجدي وقفا لاطلاق النار، ويعتبر بلسان رئيس مجلس النواب نبيه بري ان رئيس الحكومة آنذاك فؤاد السنيورة، انما هو رئيس "حكومة المقاومة"، تغيّر الخطاب ليصبح السنيورة وحكومته "عملاء لاسرائيل واميركا"، ووصل الحد بنصر الله الى نعت الحكومة بـ"حكومة اولمرت" (نسبة الى رئيس حكومة اسرائيل آنذاك ايهود اولمرت)، محللا دماء الاستقلاليين جميعا بدءا بقياداتهم!

اليوم وبعد مرور عشر سنين على حرب تموز، يتفق الجميع، وبينهم من ذهبوا بعيدا في مهادنة "حزب الله" الى درجة الاستسلام، على أن حرب تموز 2006 كانت في جانب منها وجها من وجوه المفاوضات الساخنة بين ايران والمجتمع الدولي حول البرنامج النووي، وكانت في جانب آخر جزءا من الانقلاب المضاد في لبنان ما بعد 2005، واطلاق الاشارة لعملية السيطرة على لبنان من قبل "حزب الله" باعتباره وريثا للنظام السوري في ادارة لبنان.

لم تكن حرب تموز انتصارا للبنان، بل كانت انتصارا على لبنان، وفي حين شكلت في اسرائيل لجنة تحقيق في المسؤوليات عن حرب عجزت فيها عن تحقيق نصر حاسم، لم تشكل في لبنان اي لجنة تحقيق لتحديد المسؤوليات عن جر لبنان الى حرب افتعلها فريق لوحده، وتسببت بمآس كبيرة. لو كان هناك قانون في لبنان لجرت محاسبة!

والان، فيما تحل الذكرى العاشرة لحرب "حزب الله" مع اسرائيل، يقف لبنان كله على شفير انهيار من نوع آخر: تعطيل كامل للمؤسسات، ومنع انتخاب رئيس للجمهورية، ونهب منظم للمرافق العامة وخزينة الدولة، وحرب توريطية في سوريا كلفت بيئة "حزب الله" حتى الان اكثر من الف وسبعمئة قتيل، وحديث عن قرب انهيار المالية العامة وفقا لارقام كارثية كشف عنها وزير المال قبل يومين. وبالرغم من كل ذلك هناك من لا يزال يعول على "تسوية" جدية، فيما يعرف الجميع ان لا تسوية دائمة في لبنان، ما لم تجر معالجة المشكلة من جذورها!
املنا ان ينزع القادة الاستقلاليون عنهم وهم التسويات السطحية، فأساس المشكلة لم يتغير.

&