&هوامش الأسفار ولطائف الأخبار: «ساق الأمين العام»


سمير عطا الله


بدأت في تغطية دورة الجمعية العمومية خلال عهد الدكتور كورت فالدهايم، وتوقفت عن ذلك مع نهاية ولاية الدكتور بطرس غالي. كل أمين عام أعطى المنظمة شيئا من شخصه وطبعه. بطرس غالي أضاف إلى كل ذلك ظرف مصر، برغم جديته وحيويته وشعوره بأهمية التاريخ من حوله.

اعتدت السفر إلى الدورة في سبتمبر (أيلول) موعدها السنوي، لكن هذا الصيف وقع بطرس غالي، وأصيب بكسر في رجله أرغمه على البقاء في المنزل طوال شهر أغسطس (آب). وتذكَّر أنني كنت قد طلبت منه موعدا لمقابلة، فقال للأمين العام المساعد سمير صنبر: «ما دام ما فيش حاجة، هات لنا صاحبك بقى».

تركت الصيف مع العائلة، وذهبت إلى نيويورك في شهرها الأكثر قرا وحرا ورطوبة الأطلسي والنهرين، الهدسون والإيست ريفر. لكن ظرف الدكتور غالي لطَّف اللقاء. ومع نص المقابلة، نشرت «الشرق الأوسط» صورة للسائل والمسؤول، بديا فيها يضحكان كأنهما في مسرح شكوكو.

كثيرون أعابوا على نشر الصورة التي لا تتناسب أبدا مع جدية التصريحات التي أدلى بها الأمين العام في ظروف دولية حادة. فقد كانت روسيا خارجة من محاولة الانقلاب العسكري على غورباتشوف، والعالم يقف متوترا على رؤوس أصابعه، والمسؤول يضحك في اتزان مثل باشا، أما السائل، فيضحك كأنه شاهد للتو شكوكو يقع على الأرض مع عصاه.
بدأت مع الدكتور غالي مودة استمرت إلى ما بعد عزلته السياسية. كان الرجل يعوِّل كثيرا على أهمية الإعلام العربي، ويرى أن ذكره التاريخي سوف يكون في بلاده. ولذلك، حرص على اتصال دائم مع بعض الصحافيين العرب. وتعددت المقابلات الشخصية معه، في نيويورك أو في مصادفات المدن الأخرى، مثل بيروت والقاهرة وباريس.

برغم إشرافه على نهايات العقد الثامن، كان بطرس غالي يتمتع بحيوية فائقة وذهن متوقد ووعي مذهل لضرورات منصبه، وخصوصا الناحية التاريخية منه. ومن ذلك، حرصه أيضا على مظهره الخارجي وأناقته الكلاسيكية التي هي مزيج من بذلة الباشوات وربطة عنق الأساتذة الجامعيين.
إلى اللقاء..
&

&