&فاتح عبد السلام

ما هو الحل، ولنقل ماالوصفة العلاجية التي يمكن أن يتوافق عليها حكماء العراق من كل المشارب للخروج به من المآزق التي لا يغادر واحداً منها حتى يقع في سواه .

العراق كان يتهدم شيئاً فشيئاً منذ المغامرة العبثية في غزو الكويت، وحين جاءت سنوات الحصار الدولي للعراق بعد ذلك الغزو مباشرة، بدأ النخر يظهر في مفاصل المجتمع. ثم وقعت الحرب الكبرى بالأداة الأمريكية في تحطيم العراق نهائياً، ولا أقصد تحطيم النظام فليس لذاك النظام أو أي نظام من مصير سوى الزوال الحتمي حين يسير عكس التاريخ ولا يطور نفسه ولا يصغي إلا لصوت المنافقين الذين ينفخونه من شريان نجس كما يقول المثل .

بعد التحطيم النهائي للعراق ، بقيت ذكريات وأحلام مشروعة الى جانب مشاريع سياسية تتعامل مع نتائج ذلك التحطيم ، أي أن كل الذي يجري هو عملية لملمة الحطام واعادة رصفه في مكان بعيد عن ممرات لا يكون معرضاً فيها للدوس من جديد ، بما يضمن عدم سحق ذلك الحطام . سوى ذلك آمال أو أمنيات أو أحلام أو أوهام. واعتاد العراقيون على لغة التخوين والتشكيك في كل كلام يدعو الى تأمل اللحظة الراهنة للبلد وربطها بمقتربات الزمن القريب المقبل .

البلد ينتقل من مرحلة تنظيم داعش الى ما بعدها ، لكن ما هي ملامح تلك المرحلة التي ستأتي حتماً. أعود للحكماء ، علينا أن نبحث عنهم ، هم بالتأكيد ليسوا عدداً منتظماً يمثلون نسباً جماهيرية لمجاميع صنعت البرلمان. هم بلا شك شيء آخر ، قد يكونون نخباً لهم تجارب وليس لهم مصالح ويكون عليهم العمل السياسي محرماً لكي لا ينخرطوا في المستنقع القديم . يتوهم كثير من الناس ان كل حامل شهادة دكتوراه يصلح ان يكون من نخب بناء المستقبل والتخطيط له . الشهادات مهمة والخبرات تعطيها معاني الجدوى والعمل الجماعي يضعها في إطار البناء والانتاج.

لا عراق عائد الى مكانه الطبيعي على ترابه ، قبل أن يجري تحريم حمل السلاح من دون استثناءات مهما كانت ضئيلة لكن أن يصاحب ذلك قانون لا يبصر علاقات سياسية ومذهبية وقومية ومصلحية ، قانون أعمى بمعنى الكلمة، لأن ما يحصل في العراق هي أوضاع شاذة ولابد من تعامل استثنائي معها لعقد من الزمن في أقل تقدير . وهذا الأمر لا يحصل إلا بتعليق العملية السياسية وأحزابها التافهة والانتهازية والدموية والفاسدة أصلاً في العراق.

العراق ينقصه كل شيء يمت بصلة الى الى النهوض والتقدم اليوم فلتنقص منه الأحزاب أيضاً ، فلن يضر البلاد والعباد ذلك شيئاً. حين يتقدم شخص الى وظيفة في شركة أو بلدية أو محل تجاري يخضع لمقابلة اختبار لفحص امكاناته على العمل بما يحقق الربح ولا يلحق ضرراً بالمصالح. فكيف بمن صاروا زعماء في ليلة وضحاها ، وحين جرى فحصهم في كل مناسبة وحدث كانوا يفشلون لكنهم ماضون ومعهم هذا العراق الى حيث لا يدرون هم أصلاً.