&جهاد الخازن

المتنافسون على الترشيح للرئاسة من الحزب الديموقراطي كانوا جميعاً مؤهلين للمنصب، خصوصاً هيلاري كلينتون وبيرني ساندرز. في المقابل، التنافس في الحزب الجمهوري كان في معظمه بين سيئ وأسوأ منه، ورأينا رجل أعمال أحمق ينافس عضوَيْن في مجلس الشيوخ من أصل كوبي، وعضواً آخر على يمين اليمين.

التنافس حُسِم الآن وهو بين الديموقراطية هيلاري كلينتون والجمهوري (الذي كان قبل سنوات قليلة ديموقراطياً) دونالد ترامب. ساندرز أيّد كلينتون للرئاسة، وترامب ضمن الترشيح قبل أسابيع، ليصبح مؤتمرا الحزبَيْن من نوع احتفالي.

قلت غير مرة في السابق أن كلينتون ستفوز بالرئاسة ولا أزال عند رأيي. إذا فاز ترامب فسيكون فوزه إهانة لمنصب الرئاسة وللديموقراطية الأميركية.

كلينتون كانت سيدة أولى، وعضواً في مجلس الشيوخ عن نيويورك ووزيرة خارجية أربع سنوات. لا أعرف أحداً يجمع هذا القدر من الخبرة السياسية، ثم إنها وسطية معتدلة ليس في سجلها أخطاء فادحة تحتاج إلى الاعتذار عن ارتكابها.

هذا لا يعني أنها من نوع البابا في روما الذي نسمع أنه لا يخطئ، فقد ارتكبت أخطاء سياسية، لعل أهمها استعمال «ايميلها» الشخصي في عمل وزارة الخارجية. رئيس مكتب التحقيق الفيديرالي (أف بي آي) جيمس كومي قال أن عملها هذا كان «إهمالاً فادحاً»، إلا أن المحققين وجدوا أن لا سبب لطلب محاكمتها.

في المقابل، ترامب رجل أعمال من دون خبرة سياسية تُذكـَر، وهو أعلن إفلاسات عدة خلال عمله في «البزنس» ودفع الموظفون الثمن ونجا هو ليبقى من أصحاب البلايين. هو اقترح منع المسلمين من دخول الولايات المتحدة، ثم تراجع واقترح منع المواطنين من دول إرهابية لم يسمّها. وهو اقترح طرد 11 مليون مقيم غير شرعي في الولايات المتحدة. بل إنه اتهم المكسيكيين بأنهم يضمون «مغتصبين» واقترح بناء سور بين المكسيك والولايات المتحدة تدفع ثمنه المكسيك. مهرجاناته الانتخابية تميزت بأعمال عنف لم يجد سبباً لإدانتها، وإنما بدا وكأنه يرحب بها.

ترامب عنصري، ولعل أفضل مثل على عنصريته في الأيام الأخيرة هجومه على كلينتون في صورة لها بدت وراءها نجمة سداسية الأطراف من نوع نجمة داود، والمال يتدفق على المرشحة الديموقراطية. عندما قامت حملة تتهم ترامب باللاساميّة أسرع إلى سحب الصورة ووضع بدل النجمة السداسية دائرة، ثم هاجم الذين هاجموه بعنف في خطاب استغرق 30 دقيقة ألقاه بعد أن بدأت الضجة حول الصورة الأصلية تموت، فقرر بهجومه أن يحييها.

من مواقفه الغريبة أنه قال أن صدام حسين كان سيئاً، إلا أن الحرب عليه وإسقاطه خطأ لأن العراق تُرِك مباحاً لمخربين وإرهابيين وكان أفضل أيام صدام. أنا أقول هذا كمواطن عربي، إلا أنه يقوله وهو مرشح للرئاسة عن الحزب الجمهوري، والحرب على العراق شنها الرئيس الجمهوري جورج بوش الابن مع عصابة المحافظين الجدد، وغالبيتهم من ليكود أميركا. بكلام آخر هو يدين الحزب الذي يمثله في التنافس على الرئاسة.

مؤتمر الحزب الجمهوري الذي بدأ في كليفلاند، بولاية أوهايو، محسوم لترامب، غير أنني لاحظت وأنا أتابع الإعداد له أن حاكم أوهايو جون كايسيك سيكون مسؤولاً عن ضمان أمن المؤتمر، وهو الذي كان يوماً بين المتنافسين عن الترشيح عن الحزب الجمهوري للرئاسة. وقد ألقت ميلانيا ترامب، زوجة دونالد، خطاباً في المؤتمر بدت فقرات منه وكأنها مقتبسة من خطاب ألقته ميشيل أوباما سنة 2008 في مؤتمر الحزب الديموقراطي. حاكم أوهايو انسحب عندما وجد أن تأييده محدود. أرى كايسيك أفضل من أي مرشح جمهوري آخر للرئاسة. بل أراه أقرب إلى سياسة كلينتون منه إلى أي شيء يمثله ترامب، فهذا الرجل يذكرني بالسناتور مكارثي في خمسينات القرن الماضي وحربه على الشيوعية واتهامه أميركيين أبرياء بأنهم شيوعيون في جلسات كانت أقرب إلى محاكم التفتيش منها إلى الديموقراطية الأميركية.