&صحف عراقية: دروس انقلاب تركيا.. وانتقاد عقلية التفرد بالحكم وفشل زيارة المالكي للموصل… وتأثير تنظيم «الدولة» على أهل الموصل


مصطفى العبيدي

& ركزت الصحف العراقية هذه الايام على الكثير من الأحداث والتطورات ومنها الموقف من انقلاب تركيا والتظاهرات والاصلاح وعقلية التفرد في الحكم وعلاقة اهالي الموصل بتنظيم «الدولة»وزيارة نوري المالكي للسليمانية وغيرها من المواضيع.

إنقلاب تركيا هل سيكون الأخير؟

وكتب كفاح محمود كريم مقالا في صحيفة «الزمان» المستقلة، ذكر فيه أن ما حدث في أنقرة واستانبول وبقية مدن الدولة التركية إزاء الانقلاب الأخير، اثبت إن تلك الثقافة قد انتهت بفعل أهالي تلك الدولة التي أغلقت أبوابها أمام أي نزعة انفعالية لمجاميع من العسكر تحاول تغيير نظام الحكم والاستيلاء على السلطة بقوة الدبابات والطائرات، كما حصل في صبيحة 14 تموز/يوليو 1958م، حيث قامت مجموعة من الضباط والجنود وأعداد من الدبابات والمدرعات في آخر الليل بالاستحواذ على السلطة وإسقاط النظام الملكي الدستوري، في انقلاب أباد العائلة الحاكمة، وبشر الأهالي بيوم ومستقبل جديد على أنقاض حكم ( رجعي متخلف ) كما تم توصيفه يومذاك، ولم تر الأهالي في بلاد ما بين النهرين يوما سعيدا في حياتها بعد ذلك الانقلاب إلا مغمسا بالدماء والدموع والحروب وآخرها مطحنة التنظيم والميليشيات.
لقد دفعت معظم شعوب آسيا وأمريكا اللاتينية وأفريقيا ثمنا باهظا لتلك الثقافة اللصوصية، التي استغفلت الأهالي بشعارات غرائزية تداعب أوتار الطبقات الفقيرة والعامة من السكان، خاصة في بياناتها الأولى التي تبشر بها شعوبها بغد جميل ومستقبل زاهر، بينما أنتجت تلك الانقلابات، مشاهد مأساوية وحمامات دماء، ما تزال عالقة في ذاكرة تلك الشعوب.
وإننا حقيقة نرفع القبعة لشعوب الدولة التركية، التي كانت تسمى ( آسيا الصغرى ) بمختلف أعراقهم وأديانهم وتوجهاتهم السياسية، حيث شهدنا رفضهم لثقافة الانقلاب وإلغاءه تماما من قاموس الحكم في هذه الدولة التي تعمل ليل نهار لتنافس شرقيا أنظمة أوروبا المتمدنة حضاريا.
فعلا كما قال سياسي كردستاني إن أسوأ نظام ديمقراطي أفضل من أي حكم دكتاتوري مهما كان! وقد أثبتت شعوب تركيا صحة هذا الخيار الشعبي المتمدن».

الموصل وتنظيم «الدولة»

وعن مدينة الموصل، نشرت صحيفة المشرق المستقلة مقالا لصباح اللامي، جاء فيه «لا يدخل في الظن أبداً، أنّ جماعة «التنظيم»، حتى لو بقيت سنين أخرى في الموصل ـ لا سمح الله ـ لن تتمكن من تغيير البنية العقلية، والروحية، والنفسية، لمجتمع هذه المدينة العريقة، الموغلة في القدم.
نعم لقد تعرّضت الأقليات فيها لتطهير منهجي، ومارس الإرهابيون الدواعش، جرائم إبادة جماعية، وفتحوا أسواقاً للنخاسة، وارتكبوا جرائم اغتصاب جماعي للإيزيديات، واستعبدوهن. ولم يتركوا عملاً سيئاً، ومشيناً، ومرفوضاً دينياً، وقيمياً، إلا ارتكبوه، لكنّهم ـ برغم جبروتهم الخادع، المبني على فكرة الترهيب بالعنف ـ ظلوا الأضعف، والأذل، والأكثر شذوذاً، فيما بقي المجتمع الموصلي، الأقوى، والأعز، والأكثر تمسكاً بقواعد وجوده، وأخلاقياته.
ولعل الذي يلاحظه المراقب المنصف، هو أنّ السنة من سكان الموصل، كانوا قد تحمّلوا الأذى الأكبر من ماكنة الشر المستطير الذي مارسه «الدواعش» خلال السنتين الماضيتين.
وطبقاً لإحصائية تقرير «إنفوغراف» نشرته السومرية نيوز، فإنّ إرهابيي «التنظيم» في الموصل، تبلغ أعدادهم «10.000»، منهم 2000 عنصر أجنبي، ينتمون لـ«60» جنسية، و8000 عنصر محلي. وحسب تقرير الانفوغراف، فإنّ «دواعش الموصل بين قتيل وجريح وفار.
وليس من المبالغة القول: إنّ تحرير العراق ـ بإذن الله تعالى ـ من رجس «داعش»، وجميع التنظيمات الإرهابية، سيكون «معجزة» بكل المقاييس، تعيد إلى الشعب ثقته بنفسه، تساعده على التخلص من عقابيل داء الإرهاب، وجنون الطائفية المقيتة، وتدفعه في الوقت ذاته إلى إنجاز خطوات توطيد السلم الاجتماعي، ونبذ الفرقة، والتمسك بُعرى المواطنة قبل كل شيء».

التظاهرات والاصلاح

ونشرت صحيفة العدالة المقربة من المجلس الاعلى الإسلامي، مقالا افتتاحيا ذكرت فيه ،»لاشك أن التظاهرات والمطالبة بالاصلاحات ظاهرة صحية كوسيلة للتعبير عن الرأي والضغط على الرأي العام واصحاب القرار للتعريف بقضايا معينة او لتحقيق مطاليب محددة. لكن التظاهرات وشعاراتها الاصلاحية تتحول لظاهرة سلبية عندما تتحول إلى نمط عيش ونظام، متصادماً مع النظام القائم، بسلبياته وايجابياته، والى عمل معرقل ومعطل للحياة والمصالح العامة، وأداة ابتزاز الخاص للعام والقلة للكثرة. يؤكد الجميع (حكومة ومتظاهرين) على الاصلاحات ومحاربة الفساد والمحاصصة.. لكن لنتوقف عن التوصيف والعناوين العامة، ونسأل كيف التطبيق؟
إن على المتظاهرين إعلام الشعب خططهم ليتم الحكم عليهم بالفشل او النجاح. وكما ان واجب السلطات ان تعرف حدود سلطاتها وحقوق المواطنين عليها، فإن من واجب المتظاهرين أن يعرفوا حدود حقوقهم وحقوق الدولة والمواطنين عليهم. فالشعب لم يعطِ تفويضاً لغير مجلس النواب وبالتالي للحكومة للكلام باسم الشعب. فهناك أسلوب قانوني وآخر انقلابي، ولا يمكن الجمع بينهما، او اللعب عليهما.
ما يؤسف له ويزيد الأوضاع ارتباكاً ان الكلام عن المحاصصة والفساد والاصلاحات يصدر من برلمانيين وحكوميين ومتظاهرين بكلام هلامي غامض. فالمحاصصة ليست احزاباً حاكمة راشدة او غير راشدة، فيكفي ازاحتها لنأتي بغيرها، بل المحاصصة تقاسم مواقع ومصالح الدولة بين احزاب تتمدد من مساحاتها المشروعة في قمم النظام لتستولي على كل شيء في الدولة والمجتمع. فالكل (احزاب حكومية او متظاهرة) متحاصصون وشاركوا ويشاركون بكل صفقات التحاصص.
لقد عرف جميع الفرقاء الحكوميين والمعارضين الان واقعهم الفعلي وموقف قطاعات الشعب منهم.. فان اراد البعض المبالغة، فلن يغش إلا نفسه».

الحكم الفردي في العراق

وتناول مقال لمهند البراك في صحيفة طريق الشعب الصادرة عن الحزب الشيوعي، ظاهرة التفرد في الحكم، جاء فيه» يرى سياسيون انه منذ استلام المالكي للحكم ـ بولايتين و تمديد ـ اخذ الحكم ينحو منحى فرديّاً بشتى الحجج و الأعذار، حتى صار رئيس مجلس الوزراء قائداً فرداً وصار مكتبه ينوب عن مجلس الوزراء في اتخاذ القرارات، وصار (رئيس الوزراء) يقود بشكل مباشر كل وزارات القوات المسلحة بصنوفها، واخذت مسيرة الحكم تنحى منحى طائفياً عائلياً أثار عليه مرجعية النجف بأعلى مراجعها مطالبة ايّاه بالحكم المدني و بتفرغ رجال الدين للدين والسياسيين للسياسة، حماية للدين و المذهب والوطن.. في وقت أخضع فيه المالكي القضاء والهيئات المستقلة الضابطة للمسيرة الدستورية، لقراراته بإجراءات فردية.

ويرى مقرّبون من التحالف إلى ان المالكي رغم احتمائه بمظلة التحالف الوطني (الشيعي) حتى الآن خوفاً من تقديمه للعدالة بسبب سقوط الموصل وسبايكر.. الاّ انه يسعى حثيثاً إلى فضّ ذلك التحالف الذي بدأ يتصدّع، او إلى التحرّك دونه و انشاء تحالف جديد ـ او كتلة او تجمّع ـ مستند إلى قادة ميليشيات شيعية متطرفة، يصفهم قادة كتل شيعية اخرى، بكونهم ممن يسرقون انتصارات الميليشيات الشيعية الجادة في محاربة داعش الاجرامية، بعد ان ضُمّت كلّ الميليشيات تحت مظلة الحشد الشعبي.

ويحذّر سياسيون من ان مخاطر ادوار المالكي على مسيرة البلاد، نابعة من سلوكه السياسي وسلوك وآليات حزبه، خاصة بعد إستمراره بقيادة حزبه الذي لم يحاسبه على نواقصه واخطائه من جهة، وباستمرار الدعم الخارجي له بوتائر أعلى من جهة اخرى، ومحاولته قيادة قوات الحشد الشعبي والوقوف بوجه العمل بالإصلاح والمرونة النسبية للسيد العبادي.. لتعبيد طريق عودته علناً للحكم، كحق لمختار العصر في ولاية ثالثة؟

ويرى خبيرون ان المالكي ومؤيديه يحاولون توظيف المناخ الذي تثيره ألاحتجاجات السلمية الداعية للإصلاح والحكم المدني وحكم الكفاءات المؤهلة وإنهاء حكم المحاصصة.. يحاولون توظيفها بإظهار أن حزب الدعوة لا يتحمل لوحده مسؤولية ما حصل وانما كل اطراف التحالف الوطني وان التعدد هو السبب، لتهيئته ـ حزب الدعوة ـ بقيادة المالكي لتولي السلطة لوحده، بالدعم الخارجي و تحالفاته».

فاقد الشيء لا يعطيه

وعن نوري المالكي ايضا، كتب عصمت رجب مقالا في صحيفة التآخي المقربة من الحزب الديمقراطي الكردستاني، اشار فيه إلى انه» ربما تكون مقولة ( فاقد الشيء لا يعطيه ) تنطبق على زيارة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي إلى مدينة السليمانية وهو قادم إلى اقليم كردستان بزيارة (حسب ادعائه) لحل المشاكل بين اربيل وبغداد، مع أنه عمل لدورتين انتخابيتين رئيسا لوزراء العراق، وكان هو المسبب في هذه الخلافات التي حصلت بسبب سوء الادارة العامة للبلد اذ كانت اغلب الوزارات السيادية تدار بالوكالة، مع عمله لتوسيع الفجوة بين اربيل وبغداد عن طريق قطع الميزانية ورواتب البيشمركه بفرض حصار اقتصادي وقطع رواتب الموظفين وتهميش الكورد في معظم مفاصل الحكومة وابعادهم عن مركز صنع القرار ما ادى إلى شبه قطيعة بين الاقليم وبغداد ايام حكمه، فهل يعقل أن يكون من تسبب في الخلاف وهو صاحب قرار، مصلحا وحالا للمشاكل وهو بعيد عن مصدر القرار، والمضحك المبكي ان الإعلام اعطى هالة كبيرة لهذه الزيارة، وبالمقابل عدت الزيارة صدمة كبيرة للشعب الكردستاني وهم يشاهدون بعض ممن إستقبلوا رئيس الوزراء السابق نوري المالكي الذي عادى الكورد لسنوات عند حكمه.

كان من المفترض ألا يستقبل مثل هذا الرجل الذي اسهم في عرقلة مشاريع البناء والإعمار والتطور في الاقليم ،في الوقت الذي يمر اقليم كردستان بأزمة اقتصادية خانقة ويحتضن ما يزيد عن مليوني نازح من مختلف المكونات العراقية ومن شتى المناطق، وتقف قوات البيشمركه البطلة بوجه الهجمة الإرهابية الجبانة على طول 1050 كيلومترا وقدموا آلاف الشهداء والجرحى في الدفاع عن أرض الوطن، يقوم بعض من ابناء جلدتنا باستقبال اعداء الكورد وزارعي الفرقة بين ابناء الشعب الواحد ليقولوا للجماهير الكردستانية نحن ضد قضيتكم وضد تطلعاتكم.
وكان المفروض على المالكي زيارة جبهات القتال وشكرهم على تصديهم لهذه المنظمة الإرهابية التي كان هو المتسبب بتقويتها واحتلالها مساحات واسعة من الاراضي العراقية.

تركيا والتشدد

ونشرت صحيفة الصباح الرسمية افتتاحية جاء فيها «هناك مخاوف لدى الأوساط الإسلامية المعتدلة فضلا عن العلمانية من ان تركيا تنزلق بسرعة صوب التطرف والتشدد الإسلامي الذي تجسده عصابات “التنظيم” المنتشرة حيثما يعشش التخلف والظلام والجهل في اكثر من مكان من الارض».

إلى وقت قريب كانت الدوائر العالمية تنظر إلى حزب العدالة والتنمية التركي بوصفه تجربة تجسد الاعتدال الإسلامي في مقابل حركات إسلامية متشددة تعددت أسماؤها لكن تشابهت منطلقاتها الدينية ومرجعياتها الفقهية. وحين وصل الحزب إلى السلطة عام 2002 كان ثمة تفاؤل بصعود الاعتدال الإسلامي وضمور التطرف الذي تعبر عنه مجموعات السلفية الجهادية التكفيرية.

مما يثير القلق ان هذه الممارسات تجري بنفس الطريقة التي يتبعها «التنظيم» و«النصرة»، وغيرهما من حركات السلفية الجهادية في العراق وسوريا وغيرهما.
لم يكن القلق ليتسرب إلى الدوائر المراقبة للشأن التركي لو ان الاجراءات الأخيرة كانت تستهدف تطبيق الرؤى الإسلامية المعتدلة التي تدعو إلى العدالة والحرية والمساواة واحترام الإنسان الذي كرّمه الله؛ لكن الذي يجري هو دفع تركيا بقوة وسرعة قياسية نحو النموذج الداعشي الذي بات العالم على قناعة بأنه يشكل خطرا على الأمن والسلام العالميين. ومن حق العراقيين ايضا أن يساورهم القلق لمشاهدة هذه التطورات وهي تحدث على حدودهم الشمالية التي لم تحترمها الجارة تركيا».