رلى موفّق

& لا يُخفي وزير المالية اللبناني الأسبق جهاد أزعور، الذي شغل هذا المنصب خلال عهد حكومة الرئيس فؤاد السنيورة بين عامي 2005 و2008 في مرحلة دقيقة، أن لبنان يخسر تدريجياً جزءاً من الرصيد الذي يمتلكه، سواء على مستوى المناعة الاقتصادية أو قدرته على الصمود، بحيث أصبح اليوم في مرحلة حساسة مع انسداد الآفاق السياسية ومواجهته عاملين إضافيين يتمثلان بتراجع العلاقة مع دول الخليج والضغوط التي شهدتها الساحة الداخلية مالياً مع بدء تنفيذ العقوبات الأمريكية ضد «حزب الله».

وإذ اعتبر أن لبنان لديه تجارب مع إدارة الأزمات، وأن اقتصاده يحظى بقدرة كبيرة على التكيّف، أكد وجوب المحافظة على أكبر قدر ممكن من إمكاناته في مرحلة عبور الأزمة، وذلك عبىر «خريطة طريق» تستند إلى عوامل الثقة ومقاومة تراجع دور الدولة وحماية المقومات الاقتصادية فضلاً عن معالجة مسألة النزوح السوري. وذهب إلى اعتبار أن القوى السياسية تجازف دائماً بالاستقرار الداخلي في تعبير عن مشكلة في النضوج السياسي، لافتاً إلى أن لبنان معادلة كيميائية وليست فيزيائية، وأنه بلد التوازن في الشراكة، وليس مراكز قوّة يمكن من خلالها السيطرة على القرار السياسي.

غير أنه حذر من أن لبنان ليس موجوداً على طاولة المفاوضات التي قد تأتي على حساب مصلحته، ولا سيما في مسائل النزوح وتوطين النازحين والضمانات السياسية، معرباً عن مخاوفه من غياب مظلة الحماية عن لبنان، والتي حمته سابقاً حين هبّت عليه رياح الخطر الشديد، من اغتيال الرئيس رفيق الحريري إلى حرب تموز/يوليو 2006 وصولاً إلى أحداث 7 أيار/مايو 2008.

○ هناك قلق اقتصادي ومالي على لبنان إلى جانب المخاوف السياسية الناجمة عن الفراغ الرئاسي وتعطّل مؤسسات الدولة، وغياب السيّاح العرب والخليجيين. إلى أي مدى أنت قلق؟
• بلا شك أن لبنان، بعد خمس سنوات من التراجع الاقتصادي الذي يرتبط جزء منه بالوضع الإقليمي وخاصة الحرب في سوريا، يخسر تدريجياً من الرصيد الذي كان يملكه، سواء المناعة الاقتصادية أو قدرته على الصمود. ونرى أن الأمور تزداد تعقيداً سنة بعد سنة، بمعنى أن في المرحلة الأولى كانت المشكلة مشكلة نازحين ووضع أمني لا يسمح للمواطنين الخليجيين بالمجيء إلى لبنان، لكنها أصبحت بعد فترة مشكلة مؤسساتية نتيجة الشغور في رئاسة الجمهورية، وتحوّلت إلى مشكلة عدم قدرة الدولة على الحركة الطبيعية بعد التمديد للمجلس النيابي ومع حكومة هي اليوم شبه مشلولة. تراكم هذه المشاكل السياسية ذات البعدين الإقليمي والداخلي والمترابطين، أثر بشكل كبير على الوضع الاقتصادي.

○ كيف تجلّى هذا التأثير بشكل عمليّ؟

• انعكس التأثير على الوضع الاقتصادي في المرحلة الأولى تراجعاً في النمو، وفي الثانية تراجعاً في مالية الدولة، واليوم أصبحنا في مرحلة دقيقة حيث الآفاق السياسية مسدودة ولا تعطي أي ثقة للمواطنين. أتى عاملان إضافيان في المرحلة الأخيرة، وهما تراجع العلاقة مع دول الخليج والضغط الإضافي الذي شهدته الساحة الداخلية مالياً مع بدء تنفيذ «قانون العقوبات الأمريكي» ضد «حزب الله». أكيد الوضع اليوم صعب ولكن لدى لبنان في المقابل تجربة مع إدارة الأزمات. الاقتصاد اللبناني لديه قدرة كبيرة على التكيّف، وكذلك المواطن اللبناني خاصة أن حركته الاقتصادية أوسع من الجغرافيا اللبنانية وتساعده على تحمّل الضغوطات، لكن هذا الوضع له أكلاف، كلفته الأولى اجتماعية على صعيد القدرة الاجتماعية للمواطن وعلى صعيد فرص العمل، والثانية للقطاعات التي هي اليوم تخسر من إمكانيات الاستثمار، أما الكلفة الثالثة فتتعلق بوضع مالية الدولة الذي تراجع بشكل كبير جداً مع عجز يزداد ارتفاعاً وعدم قدرة الحكومة الحالية على ضبط الوضع المالي أو اقتراح أفكار تعالج المشكلة المالية.

○ في الماضي كانت هناك قوة دفع عبر الدعم الدولي الذي تُرجم بمؤتمرات باريس1 و2 و3، اليوم لبنان لا يملك قوة الدفع هذه مع غياب المساندة العربية والدولية وموقف عربي وخليجي تحديداً ضاغط بما يشبه «الحصار» واقترابنا من أن نكون «دولة فاشلة»، كيف يمكن أن نجترع حلولاً في ظل هذه المعطيات السلبية حولنا؟

• أنت تطرحين نقطتين، الأولى هي العلاقة مع الخارج والثانية تسيير الدولة لأمورها الذي يُظهر نقاط ضعفها. في العلاقة مع الخليج يجب أن نأخذ في الاعتبار عاملين، العامل الأول موضوعي، والثاني سياسي، الموضوعي يتمثل في تراجع سعر النفط من حوالي 115 إلى حوالي 50 دولاراً مروراً بالفترة التي هبط فيها إلى نحو 30 دولاراً، هذه أثرت على الحركة الاقتصادية في دول الخليج نظراً للوجود الكثيف للبنانيين والحركة الاقتصادية اللبنانية مع هذه الدول، فتأثر لبنان بفعل هذا العامل الموضوعي. أما العامل الثاني، وهو سياسي، فيرتبط بالقرار الخليجي الذي اعتبر أن مواقف لبنان غير متضامنة عربياً. هذا العامل في واقع الأمر انعكس في العلاقة السياسية أكثر من الإجراءات الاقتصادية والمالية تجاه لبنان.

○ ولكن هذا انعكس مناخاً سلبياً، حتى صدرت قرارات حظر سفر على المواطنين الخليجيين إلى لبنان؟

• لا، قرارات الحظر ليست جديدة ولها علاقة بالوضع الأمني اللبناني أكثر مما هي مرتبطة بالعلاقة السياسية، فإذا عُدنا في الذاكرة إلى عام 2012 حدثت عمليات خطف لبعض الرعايا الخليجيين، فالحظر ليس جديداً. هناك العامل الاقتصادي المرتبط بتراجع سعر النفط وتأثيراته على لبنان والمغتربين الذين يعملون في دول الخليج، وهناك السياسي الذي لا يُترجم إجراءات مالية اقتصادية عملية تجاه لبنان، ولا توجد إذا ما قارناه بـ «قانون العقوبات الأمريكي» ضد «حزب الله» الذي يؤثر على الاقتصاد اللبناني ككل. صحيح أن الموقف الخليجي ليس إيجابياً تجاه لبنان ولكن بقي ضمن الإطار السياسي من دون تأثير فعّال. إنما التأثير الذي يجب متابعته هو الوضع الاقتصادي في دول الخليج نظراً لوجود عدد كبير من أفراد الجالية اللبنانية والدور الاقتصادي الذي يلعبونه.

الشق الثاني من السؤال المتعلق بكيفية إدارة وضع البلد في ظل عدم قدرة المؤسسات على العمل بفعالية، والذي يذهب البعض إلى تسميته «شبه دولة فاشلة». دعينا لا ندخل في التوصيف الدراماتيكي، ولكن بلا شك أن الأزمة السورية والتدخل اللبناني فيها انعكس على الدولة، لأنه انعكس على المكوّنات السياسية الموجودة داخلها، والتي تُمارس جزءاً من الصراع الداخلي من خلال المؤسسات. فهذه المكوّنات تمارس، عبر التعطيل والتعطيل المضاد، جزءاً من العملية السياسية، وهذا أمر مؤسف في الحقيقة. ما يحدث اليوم أننا، في ظل الأوضاع الصعبة إقليمياً والمشاكل التي يعاني منها لبنان بسبب الأزمة الإقليمية، نزيد أزمة إضافية، ونجعل لبنان ورقة من أوراق اللعبة الإقليمية التي هي لعبة حارقة ولا ترحَم. ما نراه في سوريا والعراق وفي أماكن أخرى لعبة خطيرة جداً. ولهذا السبب كان على لبنان الابتعاد عن هذه اللعبة بسبب عدم قدرته على احتمال هذا النوع من الضغوط نظراً لتنوعه أولاً، ولقربه من النقطة الأكثر حماوة، والتي هي سوريا، ثانياً. بالتأكيد، كان على لبنان أن ينأى بنفسه عن الأزمة ليس فقط لعدم الدخول في صراعات ليس له فيها، ولكن لحماية الداخل. ففي بلد على هذه الدرجة من التنوّع والانقسام السياسي يفترض أن تكون المكونات السياسية أكثر تعقلاً في الإدارة.

○ هل لهذا تأثير على الاقتصاد؟

• أنا أقول نعم. في رأيي أننا اليوم في مرحلة أساسية، التي هي مرحلة المحافظة على الاستقرار لعبور المرحلة الانتقالية كي نحافظ على أكبر قدر ممكن من إمكاناتنا. الهدف اليوم ثلاثة أشياء: الثقة، ومقاومة تراجع دور الدولة من خلال التفعيل ولو بشكل جزئي، والمحافظة على أكبر قدر ممكن من المقومات الاقتصادية للبنان. هذه المقومات مبنية على عناصر عدة: أولها، العنصر البشري الذي يمثل الخطر الأكبر اليوم لأن الهجرة تأخذ النخبة. وثانيها، عدم انفلاش الدولة مالياً لأن لذلك لاحقاً كلفة مالية عالية سوف تعطّل قدرة القطاع الخاص على التمويل. أما ثالثها، فهو الإبقاء على حركة اقتصادية مقبولة لغاية تحسّن الأوضاع حتى يتم الانطلاق بسرعة. ثمة تجربتان ومرحلتان عايشناهما سابقاً: مرحلة إعادة الإعمار ما بعد الحرب الأهلية حيث احتاجت الماكينة الاقتصادية خمس سنوات على الأقل حتى تنهض بالاقتصاد اللبناني، ومرحلة ما بعد حرب تموز 2006 حيث كانت الماكينة الاقتصادية فعّالة فلم تأخذ أكثر من ستة أشهر كي ينطلق الاقتصاد من جديد، وهذا يُظهر كم هو ضروري أن نحافظ راهناً، في مرحلة عبور الأزمة، على المقومات الأساسية التي تساعد على النهوض في ما بعد. البعض يعتبر أن هذا موضوع ثانوي لكنه بالنسبة لي أساسي وحيوي لأنه يشكل جزءاً من قدرة مؤسسات الدولة على النهوض. بعد الحرب الأهلية كانت مؤسسات الدولة ضعيفة جدا فيما بعد حرب 2006 كانت المؤسسات لا تزال موجودة فكان الوضع مختلفاً، من الأهمية بمكان عدم الاستمرار في جرّ الإدارات والمؤسسات لأن تكون تعبيراً عن «دولة فاشلة».

○ التحدي الراهن هو الحفاظ على مؤسسات الدولة، ولكن يبقى السؤال كيف؟

• إذا كانت الحكومة غير قادرة على التأثير في عملية انتخاب رئيس للجمهورية نظراً للتداخل الإقليمي، فإن لا شيء يمنعها من القيام بدورها في المسائل التي تتعلق بحياة الناس ويومياتهم وبالتنمية، إذ لا يوجد فيها أي ترابط إقليمي، التقاعس هنا غير مبرر. تستطيع الحكومة أن تقوم بأشياء كثيرة، أولاً أن تعطي وقتاً أكثر للملفات الحياتية، وثانياً أن لا يتم إقحام الانقسام الداخلي في السياسة لتحويله إلى تعطيل للحكومة. قد يكون هناك خلاف على رؤيتنا حيال الأزمة السورية وطريقة معالجتها ودور الأطراف السياسية، ولكن هذا لا يمنع رفع النفايات من الطرقات، وأن تُعالج أزمة الكهرباء وإطلاق المشاريع التنموية المعطّلة في مجلس النواب، ومعالجة مشكلة النزوح بطريقة لا تؤثر على الاستقرار الداخلي. هذا يُعالج 50٪ من المشكلة المالية والاقتصادية لأنه في النتيجة جزء أساسي من الحل.

○ الأطراف السياسية تستعمل تعطيل الملفات الحياتية كوسيلة ضغط؟

• القوى السياسية تجازف دائماً بالاستقرار الداخلي. هذه ليست المرة الأولى، فقد سبق في أكثر من محطة أن تمت المجازفة بالوضع الاقتصادي والاجتماعي والأمني، وبهذا التنوع الموجود الذي هو داعم أساسي للمحافظة على لبنان. سهولة المجازفة عند الطبقة السياسية تعبّر عن وجود مشكلة في النضوج السياسي كبيرة جداً ندفع ثمنها كل مرّة.

○ في رأيك، هي تعبير عن مشكلة في النضوج السياسي أم هي خطط مدروسة لتنفيذ مشاريع سياسية خارجية؟

• عدم النضوج هو الوقوع في هذا النوع من المطبّات، وهو اعتبار أن المصالح الخاصة تتقدم على المصالح الوطنية حتى ولو كان ثمنها الاستقرار العام. المشروع الخارجي لا يستطيع أن يستمر إذا لم يجد له عمقاً داخلياً. هناك فرقاء، من حيث يدرون أو لا يدرون يعززونه. نظراً لضعفهم الناشئ عن تمسكهم بمصالحهم الخاصة للوصول إلى منصب. هذه المشكلة عانى منها لبنان تاريخياً في مفاصل معينة. نبكي على شيء نحن في الحقيقة ضحّينا به، واعتبرنا التضحية به غير خطرة. المرحلة اليوم حسّاسة لأنها انتقالية مفصلية، نحن ننتقل من واقع إقليمي إلى واقع إقليمي آخر، هذا الواقع يتغيّر ومَن لا يحمي نفسه يسقط. هناك بلدان سقطت ونحن بحاجة إلى أن نحمي أنفسنا، ولغاية الآن لم ننجح.

○ لم ننجح في حماية لبنان سياسياً هذا صحيح، ولكن ماذا عن الاستقرار الأمني، أليس هو هاجس الجميع، وفي مقدمهم «حزب الله» المنخرط في الوحول السورية لحماية ظهره في لبنان؟

• «حزب الله» يهمه الاستقرار الأمني في حده الأدنى وليس الأقصى، لأن الاستقرار الأمني في حده الأقصى مبني على استقرار في العلاقة السياسية. لا يوجد استقرار أمني خارج عن علاقة سياسية سويّة أو خارج الدولة أو من دون منظومة سياسية تحميه. لبنان معادلة كيميائية وليست فيزيائية. ليست القوة هي التي تُوصل إلى الاستقرار بل التوازن، فمن لا يفهم أن لبنان بلد التوازن وليس بلد مراكز القوى، فهو يجازف.

نحن اليوم نعيش حالة من الاستقرار الأمني في حده الأدنى، وقد أثبت لبنان أن مقوماته الداخلية للاستقرار موجودة. وأثبتت مؤسسات الدولة، رغم ضعفها، أن لديها قدرة على التحمّل سواء المؤسسات العسكرية أو المدنية. عندنا أجهزة أمنية تضم كل الطوائف وتحارب باسم لبنان بلا تفرقة ودخلت معارك شكّلت تحدياً كبيراً، على غرار ما حصل في مخيم نهر البارد أو معارك عبرا في صيدا أو معارك عرسال أو طرابلس، لكن عبّرت عن موقف وطني. المعادلة واضحة أن لبنان لا يُبنى إلا على الاستقرار الذي يُبنى بدوره على التوازن في المشاركة، هذا أولاً. وثانياً، إن السيطرة على القرار السياسي لا تتم بالقوة.

○ تحدثت عن «مرحلة عبور الأزمة» وحددت لها خريطة طريق، ولكن في النهاية أضحى لبنان ورقة مساومة إقليمية حيث لا إمكانية لانتخاب رئيس للجمهورية وإعادة الانتظام إلى مؤسسات الدولة من دون قرار خارجي؟

• عندما تقبل الأطراف السياسية الطامحة إلى رئاسة الجمهورية باللعبة الديمقراطية لا أحد يستطيع أن يُوقفها. القوى السياسية القائمة قادرة على تأمين النصاب، لكن التناقض الداخلي الموجود يستعمل خارجياً للتأثير على القرار السياسي اللبناني. من الطبيعي أن يتأثر بلد صغير ومتنوع بمنطقة تعيش حالة من الغليان الكبير. المهم أن إدارة المرحلة الراهنة تتطلب درجة عالية من الوقاية الاقتصادية لتمكين لبنان من الانتقال بشكل سلس وبأكبر قدر ممكن من السلامة وبأقل كلفة، من الوضع الذي نحن فيه إلى وضع سليم يتسمّ بالاستقرار. تبقى نقطة أساسية أننا اليوم لسنا على طاولة المفاوضات ولا نحن جزء منها، لكن يجب أن نتابع ما يحدث فيها كي لا تتحول إلى مفاوضات على حسابنا.

○ ما هي المسائل التي تتخوّف من أن تأتي على حسابنا؟

• يمكن أن تكون على حسابنا في موضوع النزوح السوري وتوطين النازحين، وفي موضوع معالجة المشكلة السياسية وإعطاء ضمانات على حساب مصلحة لبنان. ما يحمينا هي خريطة الطريق التي حددت عناصرها، حيث نستطيع، رغم الانقسام السياسي والوضع الإقليمي، تخطي هذه المرحلة الخطيرة، لأن السقوط فيها ليس له حماية. لقد سبق أن مررنا بأزمات كبيرة في أكثر من محطة، من اغتيال الرئيس رفيق الحريري إلى حرب تموز/يوليو 2006 إلى 7 أيار/مايو 2008، لكن كانت هناك مظلة وبمجرد أن تحدث حالة من الخطر الشديد كان يتوفر نوع من الحماية. في حرب تموز/يوليو حدثت حماية للاستقرار من خلال النقاط السبع التي تحولت إلى قرار مجلس الأمن رقم 1701، وكانت هناك مظلة مالية أعطت من خلال «باريس3» 7.6 مليارات دولار. وفي 7 أيار/مايو حدث «اتفاق الدوحة»، الذي رغم مساوئه، شكّل مظلة إقليمية أعطت لبنان قدرة على النهوض. اليوم هذه المظلة غير موجودة. نحن نمرّ بمرحلة حيث اللاعبون الدوليون غير موجودين على الطاولة في ظل انتخاب رئاسي أمريكي دخل اليوم في مرحلته النهائية، بحيث لا يمكن للمرء أن يعوّل خلال الأشهر المقبلة على دور أمريكي فعّال لأن الإدارة الأمريكية الراهنة قد خرجت بانتظار أن تدخل إدارة جديدة مكانها.

○ أين يحدث التفاوض إذا لم يكن هناك لاعبون دوليون؟

• لا يوجد تفاوض حقيقي اليوم، هناك فقط سيناريوهات، ونحن غائبون.
○ قانون العقوبات الأمريكي ضد «حزب الله» باشرت المصارف اللبنانية بتنفيذه وشهدنا لغة تهديدية لـ «حزب الله»، وحصل تفجير استهدف المقر الرئيسي لبنك «لبنان والمهجر» وبعدها سُحب هذا الموضوع من التداول الإعلامي بعد الإيحاء بأن ثمة تسوية ما حصلت خلف «الأبواب المغلقة». ما الذي حصل فعلاً، وإلى أي مدى استطاع لبنان احتواء تداعيات هذا

الموضوع؟

• لبنان قادر على احتواء تداعيات هذا القانون الذي ليس له تأثير سلبي فقط على «حزب الله» وإنما على الاقتصاد اللبناني وعلى القطاع المالي اللبناني. ولا أعتقد أن الأطراف الداخلية مؤثرة في هذا الموضوع، فالمصارف لا بد لها من أن تلتزم ببنوده تحت طائلة تعرضها لعقوبات قاسية. الحكومة، ومعها مصرف لبنان، قادران على أن يُعيدا فتح باب المفاوضات والنقاش مع الإدارة الأمريكية للنظر في إمكانية تخفيف هذه العقوبات أو أن تكون هناك مرونة أكثر في تنفيذ بنود هذا القانون.