&حمّاد السالمي

&
* وقد يتسع السؤال لما هو أبعد، فيتمدد من نطاقه الإقليمي إلى العالمية. ليقال مثلًا: من يدعم الإرهاب في العالم..؟


* من الحقائق الثابتة والظاهرة للعيان، أن الإرهاب لم يعد حكرًا على أفراد أو جماعات أو منظمات، وليس له صبغة قومية واحدة، ولا ديانة محددة أو مذهبية بعينها. الإرهاب أصبح اليوم صناعة مخابراتية عالمية، وكُرة نارية تتقاذفها أقدام كثيرة من كل عرق ولون ودين وملة، ولعبة يتسلى بها الكبار في محيط الصغار.

* كل دول وشعوب العالم عرفت العمليات الإرهابية، وعانت من ويلاتها، ولكن منطقة الشرق الأوسط وحدها؛ هي التي تشكل المستنقع الكبير لهذه الظاهرة الدموية في تاريخ البشرية، فهي البيئة المنتجة والمصدرة للإرهاب في آن، وهي المتضرر الأكبر من هذا المنتج الخبيث الذي أضر بكل شعوب المنطقة. أضر بها دينيًا واجتماعيًا وثقافيًا واقتصاديًا، وألّب عليها الأعداء والأصدقاء على حد سواء، وشجع المستفيدين والمنتفعين من القوى الإقليمية والدولية لركوب الموجة، واستغلال الفكرة الإرهابية المجنونة، بهدف تفتيت المفتّت، وتمزيق الممزّق، وتشتيت المشتّت، وتأليب الرأي العالمي على العرب والمسلمين بشكل خاص، بتهمة دعم الجماعات الإرهابية في المنطقة والعالم.
* من يدعم الإرهاب في المنطقة والعالم يا ترى..؟
* هل هي الدول المتضررة من العمليات الإرهابية..؟ أم تلك التي لم تعرف عمليات إرهابية حتى اليوم..؟!

* سؤال كان ينبغي على المتصدرين للحوار عبر الفضائيات من عرب وسعوديين خاصة؛ أن ينطلقوا منه في الرد على الأبواق الإيرانية، التي راحت تهاجم المملكة العربية السعودية من عدة منابر إعلامية بُعيد مؤتمر المعارضة الإيرانية في باريس، والتي سعت بكل قوة وشراسة؛ إلى توجيه تهمة زرع الإرهابيين ودعم العمليات الإرهابية في المنطقة والعالم إلى المملكة العربية السعودية.

* إن مما يُضحك في هذا الردح الإعلامي الإيراني الممنهج، أنه ينطلق من دولة مُجرّمَة دوليًا في مسألة الإرهاب، في الوقت الذي برأت كافة التحقيقات الدولية المملكة العربية السعودية من هذه التهمة مؤخرًا. تشير التحقيقات إلى أن إيران؛ هي التي سهّلت عبور إرهابيي التفجير الإرهابي في نيويورك في 11 سبتمبر 2001م، وهي التي تؤوي وتحمي قيادات قاعدية معروفة، ومنها اليوم حمزة ابن الهالك أسامة بن لادن، وهي التي تتبنى وتقود مليشيات قتل في كل من العراق وسورية، وتدعم منظمات إرهابية مثل حزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن.
* الأهم من هذا كله؛ أن إيران التي تردح باسم الإرهاب، لم تعرف أراضيها ولا عملية إرهابية واحدة حتى اليوم..! لا من داعش ولا من القاعدة،

وهي تلتقي في هذه الحالة مع إسرائيل؛ التي تعيش في سلام ووئام من العمليات الإرهابية التي تنفذها داعش والنصرة على حدودها الشمالية، وتتهادن معها حماس في غزة، ثم ينبري من يتهم المملكة العربية السعودية بدعم الإرهاب، وهي التي ظلت وحتى اليوم؛ تواجه عشرات العمليات الإرهابية التي طالت الكثير من دور العبادة والمؤسسات والأفراد، ولم توفر حتى المسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة في شهر رمضان المبارك، فهل تدعم المملكة الدواعش والقاعديين لكي يفجروا ويقتلوا في مدنها ومساجدها ومرافقها..؟! وهل تدعم المملكة منظمات إرهابية شغلها الشاغل زعزعة أمنها، وتهديد استقرارها، وتخريب اقتصادها، وتخويف مجتمعها..؟!

* من المهم أن نجد عقلاء في هذا الكون؛ يملكون إجابة صادقة وأمينة عن هكذا تساؤل: هل يدعم الإرهاب من يتضرر من الإرهاب..؟ أم من يستفيد من الإرهاب..؟!

* المملكة العربية السعودية تكاد تكون البلد الأول في منطقة الشرق الأوسط التي عانت من الإرهاب، وبدأت في مواجهته منذ ثلاثة عقود تقريبًا، وهي ما زالت تواجه وتحارب وتساهم في كافة الجهود الإقليمية والدولية ضد الإرهاب. فهي إذن دولة متضررة من الإرهاب. بل هي على رأس الدول المتضررة من الإرهاب. فهل يعقل أن تدعم الإرهاب..؟!

* إيران الصفوية تقف معادية للمملكة العربية السعودية منذ أربعة عقود، ولها سوابق إرهابية ليس أولها تفجيرات الخُبر 1996م، ولا حتى عملياتها ضد الحج والحجاج في مكة المكرمة، وهي تؤلب باستمرار على المملكة من عدة جهات، وتعيش هي وإسرائيل في أمان من الإرهاب.
* إن إيران تكاد تكون الدولة الوحيدة في هذا العالم هي وإسرائيل؛ التي لم تعرف ولا عملية إرهابية واحدة..! هذا لا يعود بالطبع إلى قوة أمنية خارقة ليست عند دول أميركا وأوروبا مثلًا التي ضرب الإرهاب عواصمها ومدنها، ولكن لأن من يدعم الإرهاب حقيقة؛ هو المستفيد منه ضد دول المنطقة والعالم، ولهذا يعيش في وئام وسلام معه، ثم يتفرغ بكل صفاقة وصلف، لتوجيه وتوزيع التهم، وشراء الذمم، وإيهام البعيد والقريب بالمظلومية الكاذبة.

* هل تبقى إيران في مأمن من العمليات الإرهابية إلى الأبد..؟
* إن من يلعب بالنار؛ لا بد وأن يحترق بها في النهاية.