&حسين شبكشي
&
فقد مجتمع الأعمال السعودي أحد أبرز وأشهر وجوهه برحيل وليد جفالي، الذي انتقل إلى رحمة الله بعد صراع مرير مع المرض لم يمهله كثيرًا.

وليد الجفالي، كما هو معروف، ابن أسرة اقتصادية قديمة، تبوأ في السنوات الماضية الكثير من المناصب اللافتة والمسؤوليات المهمة. ولكن يبقى رثاء الراحلين محاولة لسرد فصول حياة غنية في سطور بسيطة مسألة فيها تحدٍ كبير وغير سهل. لعله من المسائل المحزنة التي تبعث على شدة الأسف أن هناك مجاميع كثيرة من الناس ستحكم على وليد الجفالي بحسب «مشاهد» محددة من حياته الشخصية الخاصة، التي تناقلتها وسائل التواصل الاجتماعي وكأنها تتناقل خفية وسرًا نميمة مجالس. الواقع يقول إنه ساهم مع إخوته وأبناء عمومته في بناء صرح اقتصادي كبير وأسهم فيه بما أسهم.

وفي التركيز على الجانب «الخاص والشخصي» من حياة الراحل، يغفل الناس أن الرجل كان معطاءً وكريمًا وسخيًا في العمل الخيري وتقديم العون لمن يطلب منه، وكان وفيًا لأصدقائه بشكل ملحوظ. ركز في سنوات عمره الأخيرة على الجانب الأكاديمي وحصل على شهادة الدكتوراه، وساهم في تأسيس منتدى لافت عن الدماغ في سويسرا، كما ساهم بشكل فعال في تكوين نواة علمية واقتصادية ليكون هذا المنتدى إحدى أهم المناسبات في هذا المجال المميز. كان يفعل كل ذلك وسط «سخرية» وعدم تصديق من الكثيرين من زملائه في عالم الأعمال، ولكنه لم يكترث وداوم وصمم على المضي في هذا الطريق.

في جلسة عصف ذهني كان يحضرها الراحل مع مجموعة من المختصين لتقديم برنامج المنتدى اتصل بي وطلب اللقاء لبحث بعض النقاط وجلست معه وتجاذبنا أطراف الحديث وقلت له: «الموضوع شائك ومعقد وبحاجة لـ(مؤسسات) ترعاه وليس إلى شخص وحيد لديه حماسة قد تبدو مؤقتة»، فقال لي مبتسمًا: «لقد وجدت نفسي في هذا المجال وأستمتع به». جاءت هذه الإجابة الصريحة الواضحة من رجل كان قد فقد ابنه الوحيد محمد في عمر الشباب وتركت في قلبه حسرة لم تستطع الأيام أن تخفف منها ذكرتني بصلاة الجنازة عليه. وقتها قال لي: «قلبي يؤلمني ولكني لا أملك إلا الدعاء له».

وليد الجفالي رحل عن دنيانا تاركًا ما ترك، من عرفه عن قرب سيتذكر أنه كان كريمًا حنونًا ولم يؤذِ أحدًا، أما من اختار أن «يسمع» آراء غيره فعليه تحمل تبعات الأحكام التي تأتي جراء ذلك.
قابلت صديق عمره رجل الأعمال المحبوب محمد الفضل وكان يحدثني عن وليد الجفالي فاغرورقت عيناه بالدموع وقال لي: «رحل مبكرًا وظلموه الذين لم يعرفوه وتكلموا عليه». وليد الجفالي إلى حد كبير مرآة لمشهد معروف في مجتمع الأعمال.. صعود وهبوط وتقلبات ومشاهد مثيرة وقرب وبعد، ولكن في النهاية هو الآن في دار الحق لا يجوز أن يحكم عليه إلا من عرفه ولا يبقى لنا إلا أن ندعو له بالرحمة والغفران وأن ينال أهله ومحبوه الصبر والسلوان.&

&