علي سعد الموسى


تلقيت دعوة كريمة للمشاركة في البرنامج الشهير (صباح الخير يا عرب) على قناة "MBC" واعتذرت بالطبع عطفاً على ظروف إقامتي الدائمة في أبها. وسأفترض أنني قبلت الدعوة فماذا يمكن لي أن أقول لعرب صباح الخير؟ لم يعد لصباح الخير قاموس في لغة بني يعرب وظروف خارطتهم الملتهبة. كل أمم الشرق والغرب الأقصى تبدأ صباحاتها على طاولات المقاهي وكعكة الجبن، وكل أمة تتمتع بلذة (صباح الخير) التي لم تعد على لسان العرب. سبعة شعوب عربية مكتملة تعيش بلا حكومة وبدون زعيم،

وهذه نكسة لم يعشها شعب على كل هذه البسيطة على الأقل منذ ألف سنة. ومع هذا سأعتبر ذلك منتهى رحيق الحرية، وعلى الطريقة العربية، التي أصبحت (حارة كل من إيده له). سأفترض أيضاً أنني ظهرت في البرنامج لمدة ساعتين، فكم ستكون أرقام القنابل والأحزمة الناسفة والبراميل المتفجرة التي ستستقبلها مدن وقرى وأجساد هؤلاء العرب في ظرف ساعتين؟ خذ مثلاً أنني أنام على مساء الخير فلا أسمع (صباح الخير) في اليوم التالي إلا وقد قفز عداد القتل إلى ما يقارب الضعف.

خذ أيضاً للمفارقة المضحكة أن العرب لا زالوا يصدرون التقارير التنموية بشكل دوري عبر المؤسسات التابعة لجامعتهم العربية الموقرة. قرأت لكم مثلاً أن ما يقرب من نصف مليون شاب نالوا شهاداتهم الجامعية صيف هذا العام في اليمن وسورية وليبيا والعراق ومن بينهم وللنكتة ما يقرب من ألف مبتعث سعودي أو دارس على حسابه في الجامعات اليمنية. دول تفتقر للأمان حتى في الطابور الطويل على أفران المخابز بينما، ولله الحمد، لا زالت أبواب الجامعات مفتوحة في حلب ومأرب وفي بنغازي والفلوجة. وعلى تلفزيون "المنار" التابع لحزب الله يتحدث وزير الاقتصاد السوري، الأسبوع الماضي،

عن نسبة نمو سنوي بلغت 4.7% في العام الماضي 2015 وأكثر من هذا، ضحكت حتى ظهر آخر لساني لأن معالي الوزير السوري متفائل جداً بتحقيق نسبة نمو قياسية للعام الجاري. معاليه لم يتحفنا بنسب النمو المباركة في أعداد القتلى والأحزمة والقنابل، ولم يتحدث أبداً عن الصناعة السورية المزدهرة، في سبك فولاذ البراميل المتفجرة. نحن في نهاية الأمر نعرف جيداً أن أعضاء حكومات ست دول عربية من أعضاء الجامعة العربية الموقرة لا يستطيعون الاجتماع على طاولة واحدة منذ أربع سنوات ونصف السنة لأسباب أمنية خالصة: مجالس وزراء مكتملة لا تواصل بينهم إلا عبر مجموعات (الواتساب) ومع هذا لا زلنا نردد: صباح الخير يا عرب.
&