&سعيد الحمد&


تغريدة بوعبدالله وزير العدل «الورقة الطائفية انتهت في البحرين» هي عنوان المرحلة التي يتطلع لها أهل البحرين بعد أن زجهم البعض زجاً عنيفاً وقسرياً في أتون لعبة طائفية قذرة نتنة لا عهد لنا بها من قبل ولم تعرفها بلادنا يوماً.
وفي البداية لا بُدَّ أن نميز بين ثقافة الطائفة والثقافة الطائفية، فالأولى نتاج طبيعي وأصيل لأحد مكوّنات الشعب والمجتمع، فلكل طائفة ثقافتها التي ينبغي أن تصب في ثقافة الوطن والثانية «الثقافة الطائفية» فهي الخطر الذي يهدد وجود ووحدة المجموعات وينذر بتقويضها.

وقد حذرنا طويلاً من الثقافة الطائفية وتحملنا في ذلك ما تحملنا لكنها «ثقافة الطائفية» وجدت تربة مناسبة عندما نشأت وتأسست جمعيات سياسية وثقافية ودينية على أساس طائفي «الوفاق» مثالاً لا حصراً.

وللاسف قاد الثقافة الطائفية ولوّح بورقتها مراجع كان يفترض فيها ان تكون آخر من يلوح بهكذا ورقة بحكم الموقع الديني الجامع ولكنها كانت على العكس أول من لوّح بها وما زال يسأل تلك الأسئلة الطائفية «كم حصتنا في الوزارات، وكم حصلنا في المؤسسات» وكم لنا في الادارات وفي الشركات.. وكم..؟؟ وكم؟؟

وعندما تُعيد شخصيات في حجم المرجعيات انتاج هذه الأسئلة من فوق منابرها الدينية التي يؤمها البسطاء والعامة، فإنها تحفر الارض من جديد لتبذر بذرة الطائفية الشيطانية التي سرعان ما تنمو بقوة دفع مدمرة.

وعندما تخرج جمعيات سياسية «الوفاق» فلا تجد ورقة سواها «الطائفية» فترقع شعار المحاصصة في الدوائر الانتخابية ويتحول هذا الشعار الى أرقام وحسابات ومعادلات فإنها تكمل مشوار اشاعة المنطق الطائفي بديلاً للمنطق الوطني الجامع والشامل.
والسؤال الذي كان يشغلنا كمهتمين وسياسيين نساهم في المشهد وصناعة وصياغة الرأي العام، كان السؤال، هل ما يجري من استنهاض واستدعاء طائفي مريب وبهذه الحدة الحادة هو توجه فئوي داخلي أم ان له امتدادات وارتباطات ابعد جذوراً في الاقليم؟
ومع اننا كنا نقف على الاجابة كغيرنا من المهتمين إلاّ اننا لم نكن لنتوقع ونتصور كل هذا الارتباط الشديد وكل هذا التنسيق المحكم والترتيب الموضوع سلفاً ضمن استراتيجية طائفية لا تقف عند حدود الاقليم والخليج العربي بل تتجاوزها لما هو ابعد واشمل، بما جعلنا نستذكر ونستحضر مشروع جمهورية ولاية الفقيه التي تحدث عنها مبكراً وفي أحد خطاباته النارية المدعو حسن نصر الله غداة استلامه وتسلمه او تنصيبه زعيماً لحزب الله اللبناني.

وتغريدة وزير العدل التي قالت بوضوح «بات الناس بجميع مكوّناتهم مدركين لمدى خطورة النهج الطائفي الارهابي» جسّدت بصدق نبض الشعب ونبض الشارع البحريني بجميع تلاوينه وأطيافه ومكوّناته، وفي مقدمته المكوّن «الشيعي» البحريني الذي بات يرفض منطق الطائفيين الولائيين الذين استغلوا يافطة «الشيعة» وورقة الطائفة لتمرير مشروع خارجي مستورد لا يمت الى شيعة البحرين بصلة ولا يمثلهم وان كان يستثمر صفتهم «المذهبية» استثماراً مشيناً مخادعاً.

وبالنتيجة الشاخصة في الواقع «بات الناس بجميع مكوّناتهم مدركين لمدى خطورة النهج الطائفي» كما قالت تغريدة الوزير فهل يصحو من لازال يلعب بالورقة على نحوٍ يثير الفوضى كما يأمل دون أن يلاحظ أن مواقف الناس من هذه الورقة تبدلت وتحولت وتغيرت، وأن ما كان يمكن تمريره قبل بضع سنوات لا يمكن أن يمر اليوم خطوة واحدة، فللناس تجربة كبيرة تعلموا منها اشياء كثيرة ومهمة، وليت الذي ما زال يلعب بهذه الورقة يعرف أنها انتهت فيكف ويعّف، لأنه في النهاية لن يحرق إلاّ نفسه بورقته فقد انفض من حوله من صدق ومن توهم ومن خدع ومن مكروا به، فمتى يصحو ومتى يفيق لينقذ ما يمكن انقاذه مما تبقى له بين الناس.