&مشاري الذايدي
&
أول مرة من نحو أربع سنوات عرفت تفاصيل مقتل اللواء ناصر العثمان، أحد ضباط المباحث العامة، في مزرعته بالقصيم، على يد ابن أخته، وصديقه الإرهابي عام 2007.

الجريمة تمّت قبل نحو عشر سنوات، وحين أصغيت إلى التفاصيل لاحقا - كان ذلك قبل أن «يطبع» تنظيم داعش مشهد النحر العلني وحز الرقاب - أصابني الذهول والاشمئزاز، ليس بسبب نحر العثمان، ووضع رأسه على بطنه فقط، بل بسبب الغدر والخسة وهتك حرمة القرابة، في جريمة القتل نفسها، حيث كان المباشر لهذه القتلة الشنعاء هو ابن أخت اللواء العثمان، لقد تآمر القاتل مع الإرهابي الآخر على نحر خاله
.
أمس صدر حكم أولي بإعدام القتلة، ابن الأخت والآخر، وسجن شريكهم 30 عامًا.
اللواء العثمان لم يكن الوحيد من رجال الأمن الذين استهدفتهم يد الإرهاب بالسعودية، فثمة كوكبة من الأبطال الذين أريقت دماؤهم لحماية الأمن السعودي، وكان من آخرهم العقيد (كتاب الحمادي) أحد رجال المباحث، الذي قتل في مدينة الدوادمي على يد أحد أقاربه أيضا، مع إرهابي داعشي مطلوب.

وقبلهم اغتيال العميد (مبارك السواط) أمام منزله، بحي الشرائع بمكة، يونيو (حزيران) 2005. والضابط طلال المانع من رجال الأمن العام، وعشرات غيرهم من جنود وعرفاء ورقباء.
الحكم على قتلة اللواء العثمان، بعد مرور 10 سنوات على مقتله، رحمه الله، بتلك الطريقة الحقيرة، يثير الانتباه مجددا لمسألة مهمة، كثيرا ما نسمع من يثيرها، وله الحق في ذلك.
المسألة هي في كيف نفهم هذه الاستباحة لأنقى العلاقات الإنسانية، وأقدس المحرمات البشرية، بأي دين يفعل الفاعلون ذلك؟

جريمة شاذة، لذا تجد من يأبى قبول أن يكون القتلة من أصحاب الإرادة الواعية الحرة، وهنا تمضغ أحاديث عن غسل الدماغ، والسحر، والتنويم المغناطيسي، والتلاعب بالعقل من خلال الاتصال عبر الإنترنت، يعني بكلمة أخرى، أن شخصًا يقتل خاله، كالمرحوم العثمان، أو المرحوم الضابط راشد الصفيان، الذي قتله أيضا ابن أخته، هو شخص فاقد للوعي، منوم، يتحرك بغير إرادته، عن طريق شرير غامض. أو بطريقة أوضح، مسحور.

لا تعجب من ذلك، فهناك حقًا من يلجأ لمثل هذه التفسيرات حتى يقنع نفسه بأن هؤلاء ليس لهم منطق ولا دليل، حتى لو كان دليلاً ضعيفًا.

الحق أن هذه الحيل نوع من تعزية الذات، وإلا فإن هؤلاء القتلة لديهم منطق خاص، وحجج خاصة، ينبغي لنا أن نعرفها جيدًا، حتى لا نندهش كل مرة عند وقوع جريمة من هذا النوع الصادم.افهم عدوَك.&

&