عبده خال

في عام 2008 حين التقى المرشحان الأمريكيان أوباما وجون ماكين في سباق محموم للوصول إلى رئاسة أمريكا، وكانت أغلب الترشيحات تتجه لتنصيب جون ماكين لأن يكون الرئيس الرابع والأربعين للولايات المتحدة، واعتمد ذلك الترشيح على الثقافة المترسخة بنبذ اللون الأسود، وكان العرب هم المراهنون على خسارة أوباما إذ ظلت ثقافة نبذ العرق الزنجي حاضرة في تعاملاتهم وحياتهم ولم يتصوروا أنه سيكون رئيسا لأقوى دولة في العالم..

حدث هذا في ثقافتنا في حين أن الثقافة الأمريكية استطاعت التخلص من إرث الماضي وأبرزت المتغيرات المذهلة لقوى الزنوج والاعتراف بأثرهم في تحوير تلك الثقافة الماضوية مع إظهار كيف تسيد العرق الأسود على كل الفنون ومع امتلاكه للقوى الناعمة (من خلال نبوغ أبناء تلك الجلدة) وإلى جانب استطاعوا من خلال نضالهم الوصول إلى قوانين تجرم العنصرية فتحرر النمط السلوكي والمعاملة تجاه السود في أمريكا ..

وأثناء سباق أوباما وماكين انتصر المزاج الأمريكي على الثقافة باختيار أول رئيس أسود يحكم البلاد.

والآن ونحن حضور لمشاهدة السباق بين ترامب وهيلاري كلينتون سوف تذهب ترشيحاتنا بفوز ترامب لأن ثقافتنا ترفض أي ولاية للمرأة فهل يسعفنا المزاج الأمريكي باختيار أول امرأة ترأس الولايات المتحدة (وأكاد أجزم أن سباق 2016 سوف تصل أول امرأة لسدة الحكم في أمريكا)، ولو أسعفنا ذلك المزاج لربما انشطرنا بين موقفنا الحازم من فوز ترامب وبين عقدتنا من أن تتولى امرأة رئاسة أكبر دولة في العالم.

ومع أن ترامب استفتح سباقه بالهجوم الشرس على المسلمين إلا أننا لم نتخل عن ثقافتنا برفض ولاية المرأة وبين الحالتين يصبح المجني الوحيد لسقوط ترامب في الترشيحات هو المزاج الأمريكي الذي قدم أول رئيس من أصول زنجية يمكن لذلك المزاج (على الاقل من باب الصرعة) تقديم أول امرأة لأن تكون رئيسة الولايات المتحدة.

وسواء فازت هيلاري أو ترامب فالأمر سيان إذ إن سياسة الدول الغربية قائمة على النهج المؤسساتي فالرئيس منفذ للاستراتيجيات التي تصاغ من قبل القوى المختلفة من أطياف البلد.
وعلينا أن لا نأخذ تصريحات ترامب على محمل الجد فهي لا تعدو سوى فقاقيع تطلق في سباق الترشيحات واستقطاب المؤيدين والمرشحين ...ومنذ دخولنا إلى الألفية الثانية تعلمنا أن السياسة الأمريكية أفضل لاعب شطرنج في العالم مهمتها تقديم الجنود لاصطياد بقية أباطرة اللعبة..
كما أن ترامب رجل (بزنس) ووصوله إلى الرئاسة ماهو إلا أشبه بإدارة شركة كبيرة اسمها أمريكا ، وأغلب رجال الأعمال يميلون لحصد المكاسب والابتعاد عن الخسائر قدر الإمكان..
وإن كان العرب لديهم رهبة أو خشية من وصول ترامب رئيسا فعليهم التفكير كيف يجعلونه يعدهم في خانة المكاسب وليس الخسائر.

&