&خالد أحمد الطراح

&نجت تركيا من الانقلاب العسكري الذي انطلقت شرارته في 15 يوليو 2016، بسبب تضامن الشعب التركي وكذلك العالم مع الشرعية الدستورية والنظام الديموقراطي التركي، ولكن ستظل اسباب الانقلاب وظروفه وتداعياته محل تحليل ومتابعة سياسية واعلامية.


هناك من وسائل الاعلام والصحف ما اعتبرت الانقلاب تدبيرا متعمدا من النظام التركي، فيما ذهبت تحليلات اخرى الى خطأ حسابات قادة الانقلاب في تقييم ردة الفعل الشعبية التركية، على وجه التحديد الذين خرجوا بشكل غير منظم الى شوارع تركيا بناء على طلب الرئيس التركي، ما ترتب على ذلك احداث فوضى امنية واعتقالات عشوائية وتعرض الصحافيين للاعتداء والاعتقال ايضا.

تاريخيا، حين يحدث انقلاب خصوصا عسكريا تصدر في اللحظات الاولى اوامر بحظر التجول، وربما احيانا فرض بعض الاوامر العسكرية ونزول الجيش في الشوارع، ولكن في تركيا حصل العكس في نزول فئات مختلفة من الشعب التركي وتمركزهم في مدن معينة وساحات المدن الرئيسية بما في ذلك العاصمة التركية، وهي ظاهرة تحتاج إلى التأني في التحليل في لجوء مناشدة الرئيس التركي للشعب في الانتفاضة في الاماكن العامة ضد الانقلاب العسكري!
عدد ضخم من الاعتقالات تم وتردد عن عزم الرئيس التركي في «تشريع الاعدام واعتقال القضاة وجنرالات الجيش وملاحقة المعارضة التركية في الخارج»، مما اثار حفيظة منظمات حقوق الانسان، وكذلك بعض الدول حتى التي اعلنت عن دعمها للنظام التركي وتحديدا الاتحاد الأوروبي.

بالطبع، يفترض ان يستثمر النظام التركي الدعمين الشعبي والعالمي لمصلحة ترسيخ مبادئ الحريات والدستور، فمن الواضح ان المجتمع الدولي وقف مع الشرعية التركية الدستورية وليس النظام الحاكم فقط.

ولكن تظل، بتقديري، شرارة الانقلاب هي احد مؤشرات التمرد السياسي والعسكري، ولا بد من تحليل هذه الظروف والدوافع مع الاخذ بعين الاعتبار التفجيرات الاخيرة التي شهدتها تركيا من جهة، اضافة الى الظروف الاقليمية الشديدة الاضطراب، خصوصا المحيطة بتركيا والمنطقة ككل.

سيتضح وضع تركيا بشكل افضل مع الايام، متمنين الاستقرار لتركيا الصديقة، فالشرق الأوسط يموج بالاضطرابات والتحديات، وهو ما يستدعي التنسيق المشترك واحباط مشاريع نشر الفوضى.

الحالة التركية ان جاز التعبير لا تختلف الى حد كبير عن ظروف الغزو الصدامي للكويت، حين التف الشعب الكويتي والمجتمع الدولي حول شرعية النظام الديموقراطي في الكويت، الذي تجسّد بأفضل الصور في مؤتمر جدة.

الديموقراطية ليست ترفاً سياسياً، وانما حصن منيع يحافظ على الدولة والنظام والمكتسبات السياسية ومصالح الشعب.
التاريخ لا يعيد نفسه، ولكن لا بد من التعلم من الدروس وعدم تخوين اي تيار سياسي مستعد لكسر مقاطعة الانتخابات كما حصل في 2013.