& الياس الديري

&من تحصيل الحاصل المجاهرة في نواكشوط وكل أفريقيا، وفي القاهرة وكل العالم العربي، وفي الأميركتين وأوروبا معاً، بأن لبنان في وضع لا يُحسد عليه.

لا من داخل ولا من خارج. ومن عاصمة موريتانيا يمكن قرع ناقوس الخطر بالعربي الفصيح.
سواء لجهة الفراغ الرئاسي وذيوله وتداعياته التي زعزعت كيان الدولة والمؤسسات، أم لجهة الضغوط المتعددة الناجمة عن وجود ما لا يقل عن مليون ونصف مليون نازح سوري ما عدا السهو والخطأ، فضلاً عن نصف مليون فلسطيني يستضيفهم وطن الثماني عشرة طائفة منذ بدايات النكبة.

من هنا، من هذه الأثقال التي يرزح لبنان تحت موجباتها، وسلبياتها، ومتطلباتها، يمكن التعامل بايجابية مع كلام الرئيس تمام سلام في قمة نواكشوط، واقتراحه تشكيل هيئة عربية تعمل على انشاء مناطق اقامة داخل الاراضي السوريَّة... و"اقناع المجتمع الدولي بهذا الاقتراح"، لذا قد يشكل حلاً موقتاً لإعادة الملايين من السوريين الذين غامروا بالهجرة بحراً أو براً هرباً من جحيم حرب لا ترحم صغاراً ولا كهولاً.

إلا أن العقبة المحتملة قد تنبت في طريق تشكيل "الهيئة العربيَّة"، فضلاً عن ايجاد المساحات الآمنة والمؤهلة لـ"استضافة العائدين الى بلادهم، ولو في أرض حفراء قفراء. أو مع الركام والاطلال".

لا بدَّ من قرع ناقوس الخطر، وابلاغ الدول العربية، والدول الكبرى، والشرعيَّة الدوليَّة، والمجتمع الدولي هذا الواقع والتداعيات الخطرة المنبثقة منه. وخصوصاً بعد تجاهل وزراء الخارجيَّة العرب حتى الاشارة، مجرد إشارة، الى دعم لبنان في مواجهة هذه الكارثة.
كما لو أن هذه القضيَّة الانسانية الوطنية العربية لا تعني سوى المكان الذي تقيم فيه. كما لو ان لبنان مسؤول عن الحروب العربيَّة ونتائجها، وليس لديه ما يكفي من الأزمات والمآسي، وما لا يحصى من المشكلات المعيشيَّة والانسانية والمالية اليومية، ناهيك بالقضايا الأمنية والسياسية والمصيريَّة التي يتوجها الفراغ الرئاسي.

لن نتطرَّق هنا الى مواقف بعض الوزراء، وعدم تلبية دعوة رئيس الحكومة عندما الداعي دعا، ولن نطرح الأسئلة الموجبة على وزير الخارجيَّة، الذي يتصرَّف كما الفاتح... على حسابه.
الرئيس سلام أخذ الأمور بصدره. فقام بما يمليه عليه واجبه تجاه وطنه، وما تفرضه المسؤولية تجاه القمة "المختصرة"، وتجاه قضايا أساسيَّة جداً، وحسَّاسة للغاية، تتصل بالوضع اللبناني المأزوم بصورة عامة، والمُلْقى على عاتقه مسؤولية ما يقارب المليوني نازح ومقيم فوق أرض تحيط بها المخاطر من أربع رياح الأرض.

لا بأس أن أُلقي هذا الحمل الثقيل في حضن الجامعة العربيَّة، فهي أم الصبي الشرعية، وإليها تعود مسؤولية النازحين.