&وليد أبي مرشد
&
الحمد لله، ثم الحمد لله: الديمقراطية بألف خير في فلسطين المحتلة.

قد يكون كل ما تبقى من معالم «الدولة» في فلسطين «مهددًا بالاندثار» تحت وطأة أشرس استعمار استيطاني في عالم اليوم، وقد تعتبر فلسطين، بوضعها الجغرافي - السياسي الراهن، آخر مستعمرات القرن الحادي والعشرين، قرن حقوق الإنسان وحرياته العامة والفردية..
رغم كل ذلك، ورغم أن مرارة الاحتلال الإسرائيلي وتحدياته الاستيطانية تفترضان أن تكون مقاومة الاحتلال أولى أولويات المرحلة، فإن فصائل المقاومة الفلسطينية نفسها تصر على أن من العار أن تغيب راية الديمقراطية عن أرضهم المحتلة، فتعالت على جراحها وتجاوزت مآسيها لتدعو إلى إجراء انتخابات محلية تقرر، ديمقراطيًا، من هو الأجدر بتحمل أعباء الاحتلال الإسرائيلي: حركة «فتح» أم تجمع «حماس»؟

هل من مثال أفضل على واقعية ترتيب أولويات فلسطين القومية من خيار إجراء انتخابات محلية في هذه الظروف بالذات؟

اللهم ليس تشكيكًا في الديمقراطية ولا تنكرًا لها (رغم أنها، في نهاية المطاف، لا تخرج عن كونها لعبة الاحتكام إلى الأكثرية العددية)، ولكن هل يعقل في منعطف تاريخي بات فيه الفلسطينيون في أمسّ الحاجة إلى رص الصفوف وتوحيد الكلمة، ألا يجدوا ما يجمعون عليه سوى ممارسة الآلية السياسية التي تفرق ولا تجمع، ولا تقدم هدف تحرير الأرض خطوة واحدة؟

لا خلاف على أن من حق الشعب الفلسطيني أن يختار بنفسه قادته وحكامه. ولكن للظروف أحكامها، وأحكام الظرف الراهن لا تبرر الدعوة إلى انتخابات بقدر ما تستدعي الدعوة إلى إطلاق حركة مقاومة سلمية للاحتلال الإسرائيلي تعيد، على الأقل، تذكير العالم بأن فلسطين لا تزال قضية شعب محتل قبل أن تكون قضية شعب يفتش عن قيادات سياسية جديدة، علما بأن «القضية الفلسطينية» تشكو من كثرة قياداتها لا قلتهم.

وفي هذا السياق، إذا كانت حركة «فتح»، بما تمثله من الهوية الرسمية لـ«الدولة»، مبررة شكلاً في دعوتها إلى انتخابات محلية، فما يثير التساؤل حول دوافعه الحقيقية هو حماس حركة «حماس» لإجرائها في الضفة الغربية وهي التي قاطعتها عام 2012 لأسباب قالت إنها تتعلق بحرية الانتخاب المتاحة لعناصرها في الضفة.

لافت الحماس «الحماسي» لحث فلسطينيي الضفة على المشاركة في الانتخاب، فبعد أربع وعشرين ساعة من مناشدة رئيس المكتب السياسي للحركة، خالد مشعل، ونائبه موسى أبو مرزوق، والناطق باسم الحركة حسام بدران، محازبي الحركة، وبخطب جماهيرية، الاستعداد للانتخابات، أصدرت الحركة بيانًا رسميًا دعت فيه كل الفلسطينيين «إلى المسارعة في التسجيل بالسجل الانتخابي للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات».

استعدادات جدية لمعركة جدية، كما يبدو من تصرفات «حماس». ولكن ماذا تبدل في الضفة الغربية بين عامي 2012 و2016 ليستدعي كل هذه الاستعدادات؟ أهو انفتاح أفضل في رام الله على الحريات الانتخابية، أم تقدير حركة «حماس» أن المناخ الإقليمي بات مواتيًا اليوم، أكثر مما كان عام 2012، لركوب موجة المد الإسلامي المتشدد، وربما الاستقواء

بـ«الإنجازات» الإيرانية - الروسية في سوريا، وتوظيفها لصالحها في العملية الانتخابية؟
بعد نحو سبعة عقود على الاحتلال الصهيوني الاستيطاني لأرض فلسطين، وبعد أن أظهرت تجارب التفاوض الفاشلة للنزاع الفلسطيني - خصوصًا احتضار مشروع «حل الدولتين» - أن إسرائيل تريد «أمنًا» ولا تريد «سلامًا» (ما لم تدفع غاليًا ثمن أمنها).. لم يعد جائزًا لأي فصيل فلسطيني كان أن يقدم أي اعتبار سياسي على أولوية المقاومة ووحدة الصف.. وإلا يصبح كمن يرتضي أن يظل مفتاح القضية «أمانة» في عنقي بنيامين نتنياهو وأفيغدور ليبرمان.&

&