دو ميستورا... أيضاً يا حصرماً!

راجح الخوري


بدأ ستافان دو ميستورا مهمته في سوريا في تموز من عام ٢٠١٤، حاملاً خريطة لحلب وداعياً الى وقف متدرج للنار يبدأ منها ويتوسع ليشمل كل سوريا بما يساعد على البدء بحل سلمي، لكنه سرعان ما تحوّل مبشراً يتوسّل النظام السوري وحلفاءه تسهيل عمليات الإغاثة التي نصّ عليها القرار الدولي ٢٢٦٨.

والآن عندما يأمل دو ميستورا في استئناف محادثات السلام السورية أواخر آب، عليه ان يتذكّر مجموعة من الوقائع التي ستجعل من المفاوضات التي أشار اليها، مجرد دوران جديد في الحلقة الدموية المفرغة، التي إنتهت اليها الجولات الثلاث السابقة في جنيف.
أولاً - لقد تولى طيران النظام وكذلك الطيران الروسي منذ بدء "مهمته الحلبية"، تدمير حلب وجعلها نسخة معاصرة من ستالينغراد، وكل ذلك تحت عنوان محاربة "داعش" والإرهابيين، لكن التركيز كان دائماً على المعارضة المعتدلة ومنها تنظيمات دربتها الولايات المتحدة.

ثانياً - عندما أعلن النظام الأحد الماضي انه مستعد لأستئناف محادثات السلام دون شروط مسبقة، وعازم على التوصل الى حل سياسي للصراع دون تدخل خارجي، كان يقدم ورقة حجة لسيرغي لافروف تدعم محادثاته مع جون كيري، على خلفية محاولة إظهار حسن النية، بما يساعد على مزيد من الإنزلاق الأميركي على قشور الموز الروسية.

ثالثاً - لا يكفي قول دو ميستورا ان الإجتماع الثلاثي الذي عقد في جنيف ركز على الحاجة الملحة الى إحراز تقدم في ما يتعلق بوقف القتال وإيصال المساعدات ومكافحة الإرهاب والتحوّل السياسي [لم يقل الإنتقال السياسي]، وليس كافياً لقاء مايكل راتني وغينادي غاتيتوف ودو ميستورا لتأسيس قاعدة صلبة لمحادثات سلام جادة تلزم الروس والأسد والإيرانيين.

رابعاً - ان حديث كيري عن إتفاقه مع لافروف على"تعاون متزايد وتدابير ملموسة" لإحترام وقف النار ومحاربة المجموعات المتطرفة، والذهاب الى "مفاوضات حقيقية لإحراز تقدم"، يبقى في نطاق التمنيات قياساً بالتصريحات السابقة التي أدلى بها كيري نفسه بعد مسلسل محادثاته الطويل مع لافروف في شأن الأزمة السورية.

خامساً - ان الهيئة العليا الممثلة للمعارضة السورية في المفاوضات، لم تتسرّع عندما ردت على الأسد بقولها "لا نثق بالتفاوض معك"، خصوصاً ان الحديث عن إستئناف المفاوضات جاء في حين كان جحيم القصف يدمّر ستة مستشفيات في حلب.
سادساً - منذ ركب أوباما قطار بوتين في سوريا لم يحصل على شيء من بنود روزنامته المتمثلة في موعد خروج الأسد كمدخل وحيد الى التسوية السياسية، ولن يحصل الآن على شيء وهو يحزم حقائبه لمغادرة البيت الأبيض، لهذا ليس غريباً ان تسارع المعارضة الى القول إنها لا تثق بالتفاوض مع الأسد، بما يعني ان القتال مستمر وسيطول!