&يحيى الأمير

متى ستنتهي الحرب في اليمن؟ هذا هو السؤال المخاتل الذي يجب أن يغيب تماما، ما يحدث في اليمن ليس مجرد عملية عسكرية، إنها معركة طويلة نخوضها بجانب اليمنيين ليس من أجل استعادة الشرعية فحسب بل من أجل استقرار وازدهار اليمن، فيما تنشط الأصوات المعارضة لاستعادة الشرعية في اليمن لتقديم ما يحدث على أنه عملية عسكرية طال أمدها، يجب أن ننشط نحن أيضا في تقديمها كمعركة طويلة متعددة لأن هذا هو الواقع أولا ولأن المعارك التي نخوضها هي معارك بناء وأمن وتنمية..


حتى ذلك التأويل الذي حصده مقطع من حوار تلفزيوني مع السيد يوسف بن علوي وزير الخارجية العماني وأنه يقصد بحديثه الحرب في اليمن – بينما كان حديثه عن الغزو العراقي للكويت - ليس إلا مجرد تشويش مستمر يتم ارتكابه يوميا في وسائل إعلام تتعامل مع الحرب التي تخوضها قوات التحالف في اليمن على أنها مجرد حادثة بدأت والجميع يترقب ساعة انتهائها.
إن ما يحدث في اليمن ليس مجرد حرب إنها معركة مستمرة وطويلة ومتشعبة ولا يجب أن تنتهي، وكلما انتهى فصل منها يجب أن ندخل بذات الحماس والإقدام إلى بقية الفصول والمراحل.
معركتنا في اليمن ليست وليدة الخامس والعشرين من مارس العام ٢٠١٥ بل هي امتداد طويل وقصة مستمرة، يحكمها مبدأ أن استقرار هذا الجار وأمنه جزء مهم جدا في استقرار وأمن المملكة وفي استقرار وأمن دول الخليج أيضا.


ظل الدور السعودي في اليمن يمثل معركة مستمرة يخوضها السعوديون مع اليمنيين جنبا إلى جنب من أجل الوصول إلى واقع يمني مستقر، كانت المعركة سياسية ثم تنموية وأمنية، وحين يكون الخلاف يمنيا يمنيا كنا نلتزم الحياد ونقف مع اليمن إنسانا ومستقبلا. بينما حين يكون العدوان خارجيا تدفع المملكة بكل ثقلها من أجل الحفاظ على اليمن، حدث ذلك كثيرا طيلة تاريخ المعركة التي نخوضها من أجل اليمن وكانت آخر الأحداث تلك التي شهدها العام ٢٠٠٩ وبعد ذلك عمليتي عاصفة الحزم وإعادة الأمل.


كل الحروب التي خاضتها المملكة من أجل اليمن كانت حروبا أخلاقية وإستراتيجية أيضا، في عاصفة الحزم كان بنك الأهداف الأول الذي استهدفته الطلعات الجوية الأولى يسعى لتدمير قوة عسكرية إيرانية أصبحت جاهزة للتحرك لضرب أمن المملكة والخليج، وهو ما جعل إعلان انتهاء تلك المرحلة تدشينا لمرحلة جديدة هي إعادة الأمل، بينما تبدأ العواصف وتنتهي، فإن الأمل عملية مستمرة ومعركة ذات فصول عدة.
تنشط الآلة الإعلامية المعادية للحرب في اللعب على الوتر الزمني، وهو ما يستلزم نشاطا مماثلا ليس للرد أو المساجلة الإعلامية بل لإيضاح وفرض فكرة أن هذا الجانب ليس حاضرا أصلا في الرؤية التي تدير هذه المعركة، نحن لا نفكر متى تنتهي الحرب في اليمن إنما نفكر متى يكتمل الاستقرار في اليمن، وذلك استعدادا لخوض مرحلة جديدة من هذه المعركة.
تنشط دول التحالف بقيادة المملكة في شق آخر من المعركة وهو الشق الإنساني ويقوم مركز الملك سلمان للإغاثة والهلال الأحمر الإماراتي ومنظمات أخرى بجهود واسعة في هذا الجانب من المعركة.
إن قراءة المعركة في اليمن وفق معايير الحروب التقليدية هو أحد أشكال المواجهة التي تقودها جهات مناهضة للحرب ولذلك فهي تستخدم توصيفات بدائية مثل الورطة، المستنقع اليمني وغيرها، بينما نحن لا نزال في المراحل الأولى لمعركة ذات فصول متتالية.


ما يحدث منذ أشهر من المفاوضات اليمنية في الكويت ليس إلا دليلا على أن القوة بالنسبة للتحالف ليس الخيار الوحيد ولا الأفضل ولكنه الخيار الواجب إذا ما أغلقت بقية المسارات، هذا الصبر والنفس الطويل من قبل الحكومة الشرعية اليمنية ودول التحالف إنما يرسل رسالة للعالم بأننا نسعى لهدف أساسي هو استقرار اليمن واستعادة شرعيته، وحين تكون القوة هي الخيار الوحيد فلن نتردد في ذلك وبالمقابل حين نجد أية مساحة للتفاوض فلن ندخرها رغم الممارسات التفاوضية المملة والمخادعة التي يقوم بها الطرف المقابل.
غدا حين تنتهي عملية إعادة الأمل لن نعلن انتهاء المعركة، بل سنعلن مرحلة جديدة من مراحل تلك المعركة وستدور فصولها حول البناء والإعمار وحين ينسحب الجندي السعودي والإماراتي والبحريني من اليمن سيصل مكانهم فورا المهندس السعودي والطبيب الإماراتي والبحريني، لتستمر المعركة.