&مسفر النعيس


أيام مريرة عاشها الكويتيون، قبل نحو 26 عاماً، عندما حدث الغزو العراقي الغاشم... ذكريات لا تمحى من ذاكرتنا وتضحيات شاهدناها بأم أعيننا. كل حلم جميل أصبح كابوساً، فتحولت الشوارع الى معابر للدبابات والمعدات الثقيلة، وبانت بطولات الشباب الكويتي، سواء بالمقاومة أو بالعمل من أجل الكويت والصامدين فيها. تغيرت أسماء شوارع الكويت وظهرت خيانات كثيرة من العرب لهذه الأرض الطيبة... ولكن بقي أهل الكويت ثابتين صامدين يحملون حب هذه الأرض في قلوبهم ويعتصرون ألماً على ما يحدث بها وما فعله بعض من أعطتهم الأمن والأمان والعيش بسلام.

سنوات لا تنسى... كان الكويتيون يداً واحدة، لا يفرقهم أي شيء، كنت حينها في الـ 20 من عمري... لم أعرف ماذا تعني تقسيمات الشعب الكويتي التي جاء بها السياسيون... ولم تكن وقتها موجودة إلا في ما ندر... فكل ما نعرفه أننا كويتيون ولا بد أن نتكاتف ونعمل من أجل كويتنا الغالية. فقد كانت القلوب متآلفة لا تعرف الانقسام ولا التشكيك، وكانت وحدتنا الوطنية في أفضل حالاتها، وهذا ما نفتقده في هذه الأيام بكل أسف.

اليوم نعيش صراعاً داخلياً، اعتقد أنه يضاهي الغزو. فكثير من السياسيين ومن يسعى إلى الكرسي يحاول جاهداً أن يغذي هذا الانقسام بين مكونات المجتمع الكويتي، وقد نجح بعضهم بذلك مع الأسف. فمنذ بدأ صراع الكراسي، جاءت تسميات لم نعرفها وقسم الشعب الكويتي، وكأن أعدادنا تجاوزت المئة مليون نسمة، وكأننا من عدة ديانات عدة وخليط من الأسبان والإنكليز والإغريق والأميركيين والصينيين والأفغان.

لا بد أن نستوعب الدرس جيداً... صحيح أن هناك جيلاً لم يعرف ما الذي حصل في الغزو، ولكن هذا لا يمنع أن نعلمه عبر مناهج وزارة التربية التي لا بد أن تكثف مناهج التربية الوطنية وتجعلها مادة إلزامية... ولا بد كذلك من تكثيف البرامج التي تحث على الوحدة الوطنية. فنحن لم نتجاوز المليوني نسمة وديننا واحد ولغتنا كذلك وعاداتنا وتقاليدنا وعملنا وتعليمنا واحد... ما الذي جعلنا لا نتعايش مع بعضنا البعض... إنهم باختصار أشخاص لا يريدون الخير للكويت وأهلها، وهمهم الأول والأخير مصلحتهم الشخصية والجلوس على الكرسي الوثير. فمن أجل الاستمرار في هذا الكرسي لا بد أن يستمر انشقاق ومشاكل وكره الكويتيين بعضهم لبعض، فإلى متى لا نستوعب الدرس؟ افهموا يا شباب ولا تكونوا وقوداً لبعض السياسيين من أجل بقائهم على الكراسي... والله من وراء القصد.

***

في هذه الأيام، تحل الذكرى الـ 26 للغزو العراقي على كويتنا الغالية. لا بد أن نستذكر الشهداء الأبرار رحمهم الله تعالى وأسكنهم فسيح جناته. ولا ننسى كل من وقف مع الحق الكويتي وساهم في شكل كبير في إعادة الكويت لأهلها من حكام الخليج العربي والعالم. ولن ننسى دموع أمير القلوب الشيخ جابر الأحمد، رحمه الله وبطل التحرير الشيخ سعد العبدالله، رحمه الله، والجهد الكبير من عميد الديبلوماسية الشيخ صباح الأحمد، حفظه الله، ولا أنسى على المستوى الشخصي تضحيات وجهود وعمل اخواني في محطة الزور الجنوبية من كويتيين وعرب وأجانب. اللهم احفظ كويتنا الغالية من كل شر وأجعل شعبها متكاتفا متعاونا دائماً وأبداً.