&سكينة فؤاد

الإرهاب المسعور يجتاح العالم.. أى مليارات خبيثة تدفع وتتدفق لترتكب جرائم بشعة ضد الإنسانية وضد كل ما هو عدل وحق باسم الإسلام؟ الجرائم التى تحدث فى صعيدنا ضد أبناء مصر من المسيحيين لا تقف بعيدا عن المخطط الآثم يشعل نيرانها أكثر ما استقر فى عقول ضالة من مفاهيم مظلمة وظالمة وغياب تطبيق القانون على كل يد وفكر وممارسات آثمة تستقوى بالمد الأسود للإرهاب فى أنحاء الدنيا.. ذلك الإرهاب الذى حذر منه قائد جيش مصر فى 26/7/2013 ووصفه بالإرهاب المحتمل الذى دعا العالم للتكاتف فى الحرب عليه ويومها لم تجد الدعوة استجابة. بل ربما وجدت دهشة وإنكارا وتركت مصر ودول المنطقة يواجهون وحدهم أهوال ما زرع وتم إعداده وتمويله من جماعات إرهابية. ها هى للأسف تتمدد وتتورم وتنفجر فى وجه العالم كله ولعل استفحال الكارثة يستدعى أخيرا المواجهة الجماعية لحماية الإنسانية والإنسان فى كل مكان من هذه الوحوش واستدعاء قوة القوانين الحازمة والعاجلة والعادلة وإيقاف جميع أشكال التخاذل وعدم تطبيق القانون التى تتعامل بها مع ما يحدث فى صعيد مصر الذى ليس إلا وجها من وجوه هذا الإرهاب. ولا أظن أنه يقف بعيدا عن ترويع الإرهاب وتدميره للحاضر والمستقبل ما وصلت إليه أحوال التعليم فى بلادنا .

وأعود إلى النتائج التى أعلنها وزير التعليم فى مؤتمر صحفى يستدعى الألم والخجل ويؤكد موت التعليم الجاد والمحترم فى مصر.. وابتداء هل عرف الوزير كم عدد من نجحوا وتفوقوا عن استحقاق بحق وكم نجحوا وتفوقوا تزويرا وسرقة لحق لا يستحقونه وكم عدد من ستصدرهم هذه المأساة لجامعات لا يختلف انهيار التعليم فى كثير منها عن منظومة التعليم الثانوى والنجاح والتفوق عن غير استحقاق أو كفاءة أو قدرات حقيقية لهؤلاء الذين سنصدرهم ليصنعوا المستقبل!! ولا أعرف إن كان وزير التعليم قد اهتم بأن يستمع إلى تصريحات كثير من الأوائل التى أعلنوا فيها أنه لا صلة لتفوقهم بمدارس الوزارة. الأول علمى علوم من البحيرة يقول لم أذهب إلى المدرسة سوى شهر ومواد الدراسة لا تفيد والأول على الثانوية العامة أدبى يقول إنه لم يكن يذهب للمدرسة ولم يكن لديه وقت لمتابعة النت والتسريبات والأولى على الثانوية العامة علمى تقول إنها أخذت دروسا خصوصية طوال العام والأول مكرر علمى علوم المنيا. أخذت دروسا خصوصية فى جميع المواد.

نماذج من إجابات طلاب وطالبات ومثلها الكثير يؤكد للأسف غياب دور ومهمة المدارس ومع ذلك هناك منظومة كذب كبرى ـ أبنية تعليمية وغياب وحضور والغاء الامتحانات دون إبلاغ الطلاب وأولياء الأمور والإثبات الرسمى التى يتم بناء عليها الإلغاء ومديريات تربية وتعليم ووزارة وإنفاق ضخم تتحمله ميزانية دولة تئن وتتوجع اقتصاديا وملايين الأسر تقطع لقمة العيش لتوفر لأولادها الدروس الخصوصية والتعليم فى المراكز الخاصة التى تحولت إلى مركز أساسى للعملية التعليمية وحلم يضيع من بين أيدى المصريين أن يعلموا أبناءهم تعليما جادا ومحترما!! هل لا يكفى كل هذه المؤشرات والعوائق الكارثية لنواجه أنفسنا بصراحة ونعرف كيف نستعيد ركائز ومقومات تعليم حقيقى وننهى منظومة تتراجع كل عام أكثر دون أن يوجد مؤشر واحد على متغيرات جوهرية وخطوات للأمام!!

للأسف يبدو واضحا أنه فى التعليم كما فى جوانب مختلفة من حياتنا واستجابة لمقولة أهل الثقة لا أهل الخبرة لا يتم الاستعانة بأصحاب الخبرات والرؤى والإبداعات الذين تمتلئ بهم مصر،كما ظهر فى إدارة أزمة الاقتصاد ،وارتفاع أسعار الدولار.. وإذا كنا نستطيع بمشيئة الله أن نعبرها كما المتوقع العام المقبل اعتمادا على ركائز إنقاذ من الله لهذا الوطن مثل اكتشافات الغاز. فما هى ركائز الأمل لعبور كارثة ومحنة انهيار التعليم والأجيال المتلاحقة والخروج من هذا الانهيار وما شاهدناه طوال العام الدراسى الأخير وفى أثناء الامتحانات ومازال العرض مستمرا للنتائج المترتبة وللأزمات التى تعانيها الأسر والطلبة والطالبات.

هل حرام على المصريين أن يحققوا الاستثمار الأهم الذى يرونه فى حياتهم الآن وهو تعليم أولادهم تعليما جادا ومحترما يستطيعون به أن يواجهوا تحديات زمانهم الصعب؟! وهل حرام على مصر أن تستقوى بأجيال تستطيع أن تشارك وتباهى بها فى تنافسية الجودة وسط صراع قوى لا مكان فيه للضعفاء؟!.

أين خبراء وخطط المجلس الرئاسى الاستشارى للتعليم وهل يتم الاستماع إلى خبراء وأصحاب اختصاصات ورؤى ومشروعات للإنقاذ؟!. وقد قرأت للعالم وواحد من أيقونات العلم والطب والبحث والعلاج فى مصر أ. د. محمد غنيم مشروعا رائعا للتطوير والعلاج وأيضا رؤى ومقترحات شديدة الأهمية لخبرات كثيرة فى المجال وسمعنا عن الاستعانة بتجارب ونجاحات من سبقونا وكنا نسبقهم وجاءوا فى يوم من الأيام ليشهدوا عظمة التجربة المصرية فى كثير من المجالات. مثل اليابان على سبيل المثال فماذا فعلنا وما نسبة الاستفادة بها؟ ولا يظن أحد أن الخلاص بالتعليم الخاص. وقد قرأت رأيا بالغ الأهمية نشرته صحيفة الوفد 26 الماضى على لسان أ. د. محمد غنيم. إن الجامعات الخاصة تكرس الطبقية فى مصر وتجعل التعليم حقا للقادرين وأبدى دهشته لأن الدولة سعيدة جدا بالجامعات الخاصة وقام بعض رؤساء العالم بحضور افتتاح بعض من هذه الكليات ومنهم رئيس وزراء فرنسا والذى لا يستطيع افتتاح جامعة خاصة فى بلده!!.

ومن أخطر ما أضافه العالم الجليل وهو يتحدث فى المؤتمر الدولى لتطوير البحث العلمى الذى نظمته جامعة طنطا أنه قدم ولجنة من علماء مصر بحثا حول مشكلات التعليم والبحث العلمى ولكن حتى الآن لم يتم النظر فى تلك الأبحاث والتوصيات!!. ما فائدة من يفكرون ويبحثون ويقترحون من خبراء وعلماء ومتخصصين وباحثين فى مختلف المجالات ويقترحون رؤى وخططا ومخططات جديدة للعلاج إذا ظلت منظومات الفساد والفشل والعجز لا تستفيد ولا تتعلم ولا تستجيب ولا تغير ولا تحترم كل إرادة حقيقية للتغيير تحدث فى مصر؟! وعندما نتحدث عن التعليم فنحن نتحدث عن مستقبل ومصير وطن وعامود وعماد أصيل لقوته وصلابته وأمنه الحيوى والسياسى والاجتماعى والثقافى والإنسانى ربما لا يمكن أن تحمله وزارة وحدها خاصة إذا أخفقت كل هذه الاخفاقات وعجزت كل هذا العجز فى أمر أجل وأكبر من ألا يتم تناوله بالجدية الكافية.

هل أبالغ عندما أقول إن الكثيرين من أشد المحبين لهذا الوطن والمنتمين لثورته ولدولة 30/6. أصبحوا يمتلئون بالخوف من أن تدار أمور مصيرية وبالغة الخطورة بأهل الثقة ومهما افتقدوا القدرة والكفاءة والخبرة وأن نظل نصدق أوهاما حرمت مصر طويلا من أفضل أبنائها. أن أهل الخبرة والكفاءة لا يمتلكونها!!.