سعد الحميدين

هناك من يعمل بكل إمكاناته -ولو بالادعا -على إبراز قدراته بالوسائل التي يرى أنها يمكن أن ترفع من مكانته، وأن تجعل له صوتاً يعلو عبر وسائل الإعلام والتواصل متى ما حس أن هناك من يتماهى معه ويأخذ المسلك الذي يريده له، ويجيء ذلك في المواقف المؤثرة، حيث يحيك شباكه لاصطياد من تنطلي عليه الألاعيب والأكاذيب التي يصورها ويضخّمها بطرق تصل إلى الدناءة في العمق. تنبذ فيها المفاهيم الإنسانية، وتعمل على عكس ذلك، فالإنسانية ممسوحة من ملفاتها، وقيمة الفرد يمارس ضدها شبه الإلغاء، ويتولى ذلك مسلوبو الإرادة، والمرتزقة، وأصحاب الأحقاد الأزلية المتورمة في قلوبهم.&

في الواقع الآني تقوم إيران بهذا الدور عياناً بياناً، ويتبدى ذلك في تصريحات وخطابات المرشد الأعلى والملالي، والساسة، والذين هم مأمورو المرشد، فالسياسيون والعسكريون ماهم إلى من محتوى ولاية الفقيه، يظهرون في المؤتمرات والندوات، والمحادثات التي يتسللون إليها عبر عملاء مُشْتَريْن، بالوعود الكاذبة التي تفرش السجاد أمام أقدامهم بأنهم سادة المنطقة، وأعداء الشياطين الكبار، وماهم في الحقيقة إلا وسائل تعمل لهم بما تلاقي من وعود إذا ماهي ربطت حلقة السلسلة مع إسرائيل، وهي معها من قبل الحركة الخمينية، وبعد ذلك، وذر الرماد في العيون باتت الحقائق واضحة، وصارت التدخلات العلنية في القضايا العربية في فلسطين التي شحذت وعملت وجندت ودفعت بها إلى الانشقاق بين من كان يجدر ويتوجب عليهم التماسك والوحدة في مواجهة العدو إلى أن وصلت بهم بضلالها إلى تخوين بعضهم بعضا، وانفصام الوحدة، فإذا قرر فريق أمراً، سارع الفريق الآخر إلى معارضته وعرقلته وهكذا، فلسطين تذكر ولا يعمل لها شيء سوى التفرج على ما تفعله إسرائيل بالفلسطينين، فالمنازل تهدم، والشباب يسحق ويعتقل ويعذب، والمستعمرات تقام، واللاجئون في كل مكان، ومع هذا لم نعد نسمع نغمة التهديد والوعيد بإزالة إسرائل ومحوها من الوجود، فخرست ألسنة الملالي ومن يعاونهم عن ذكر هذه القضية الأهم.&

فصارت سورية الشغل الشاغل وحزب الله اللبناني جاهز للفتك والتنكيل، والأزلام تحت إمرة إيران يعملون، فحلب وما حولها محاطة ومنتهكة من قبل الجنود الفرس ومحيت الكثير من المعالم التاريخية الإسلامية بمعاول من يدعون أنهم حماة الإسلام في خطاباتهم وتصاريحهم، يذبح البشر كالنعاج، ويشرد الأطفال، وتستباح النساء بما يفتون.

&

واليمن يمد بالأسلحة للحوثيين لكي يصوبوها إلى صدور اليمنين والجيران، وتدعم العدوان وتساند في عمليات التسلل التي تتصدى لها قواتنا المسلحة الباسلة وتفسد كل مخطط من شأنه أن يرفع من قيمة إيران في المنطقة، وهي تمعن وتعين الحوثيين والمخلوع صالح ومرتزقته، وتعمل بكل جهد لإفشال محادثات الكويت، وعلّمت طرق المراوغة والتمطيط كل من تحت كنفها ويأخذ منها تعليماته.

&في العراق تحاول الأمور أن تسير نحو الوصول إلى نتائج طيبة في محاولة عودة الأوضاع المستقرة بعد التخلص ممن يمونون بالأسلحة والعتاد والبشر من إيران، وتأتي التدخلات في بلد يبحث عن حل يرضاه الجميع ولكنها تأبى وتعمل علنا، وخفية لإفساد كل تقارب أو حل، لأنها تعرف أن العراق لوعاد إلى سابق عهده وهو قوة وإرادة عربية لا يستهان بها وقد كانت تعلمت دروسا من الحرب الطويلة بينهما وواتتها هذه الفرصة في مرحلة التشتت والتناقضات التي يشهدها العراق لكي تزيد من وهنه وتمزقه واختلاف المواقف بين بعض القادة والحكومة والعشائر لتأمن

&جانبه.&

ثم يأتى دور لبنان الذي أخذ يذوب ويذوي بما يفعله بعض ساسته وما يقوم به حزب الله من تمرد واحتجاجات وعصيان، والعمل على تخريب لكل عملية تفاهم أو تقارب يوصل إلى حل، فظل مدة طويلة وهو يراوح في مكانه بدون حكومة جلسة تتلوها جلسة والأيادي الخفية تعمل في سبيل العرقلة لكي تكون الأمور معلقة أطول، وكل ذلك بسبب التدخلات الإيرانية الفارسية المحترفة في زرع وتغذية ورعاية التشتت.

&والعرب أمامهم في هذه المرحلة طريق واحد هو التلاحم وشد أزر بعضهم البعض والعمل على تفعيل الجيش العربي الإسلامي، وقد كانت نواته قوات التحالف في سبيل عودة الشرعية إلى اليمن الشقيق، وقد اجتهدت حكومات الخليج العربية ممثلة بمجلس التعاون الخليجي العربي في تقديم المبادرات، ورسم الحلول، بالرغم من تعرضها للأذى الفارسي، وحاولت أن تعمل بجدية نحو بذل ما يبدي حسن النوايا والبحث عن حسن الجوار لتكون المنطقة ساحة خير ونماء وإخاء.&

إيران لا تريد ذلك، إنها تريد أن تتسيد بما تبثه عبر وسائلها ووسائل عملائها الإعلامية ولكن ذلك لن يكون بإذن الله، فالسيادة لأرض المقدسات الإسلامية بلاد الحرمين الشرفين، وما يعمل المخلصون من القادة والشعب في سبيلها من خدمات لا تخفى على العالم أجمع.