الياس الديري


شرُّ البليَّة ما يُضحك. وما يُبكي. وما يثير الشفقة والأعصاب في آن واحد.

ألا يكفي للاثارة والنرفزة، في هذا الزمن الرديء، بلوى الفراغ الرئاسي، والفراغ السياسي، والفراغ المؤسَّساتي، والفراغ الاقتصادي، وفراغ الجيوب، وفراغ الأفق من أية إشارة ايجابية على المدى المعقول؟

يبدو أن ذلك كلّه لا يكفي. يلجأ الناس باكراً الى التلفاز بحثاً عن خبر سار، عن تصريح مطمئن، هرباً من واقع الحال، ووقع السياسة والسياسيين، فيجدون الفخّ في انتظارهم...

خير، ما الحكاية؟ الزجليَّات السياسيَّة تملأ الشاشات المحليَّة والخليجيَّة والأبعد منها. وآراء من عيون الفكر والنبوغ والإبداع.
ما علينا، قال الراوي عند هذه الاشارة، لننتقل الى الوضع العام وحالات الزمان على لبنان شتّى، وعلى المنطقة من تحصيل الحاصل.

ليس في الامكان نقل مضمون كل الشكاوى والتلوّعات التي تنقل الينا بغزارة في هذه المرحلة، حاملة الى مَنْ يتبوأون المراكز والمناصب والكراسي، وقائع تقشعرّ لهولها الأبدان.

ضيق المكان لا يسمح لنا بنشر أكثر من بعض النماذج من الرسائل الموجهة الى مَنْ يسمونهم "أهل الحكم". وعلى سبيل المثال ما يلي:

ماذا تفعلون، أنتم أهل الحكم والسلطة والحكومة والنيابة والوجاهة، لتساعدوا أهل البلد العاديين على عبور هذا الوضع المأسوي؟ ناس يأكلون الدجاج والملايين وناس يأكلون اللقمة المغمّسة بالهموم والقلّة ويقعون في السياج. ناس ينامون على حرير الملايين، وناس ينامون على هم فاتورة الكهرباء، وثمن الخبزات والفجلات...

والى آخر الحكاية التي لا آخر لها، على ما يبدو، وعلى ما يروّج المتعطّشون الى المزيد من الملايين والمزيد من المناصب والمكاسب.. والمزيد من الفساد والفضائح والتسيّب.

بات الناس كلهم جميعهم يعلمون تفاصيل وسيناريو حكاية الفراغ الرئاسي. مع أهدافها المتشعبة، وأصحابها باسمائهم الثلاثية، كما الأسباب الموجبة.

ويعلمون أيضاً وأكيداً أن في لبنان حكومة طويلة عريضة من أربعة وعشرين عضواً، وأن مجلس النواب لم يغادر ساحة النجمة، وعدد أعضائه يقفز الى مئة وثمانية وعشرين.

جميع هؤلاء وأولئك تصلهم رواتبهم كاملة مع آخر كل شهر، تشجيعاً لهم كي يواظبوا على حضور الجلسات، ويدافعوا عن حقوق الناس، ويخدموا الوطن... مع أن بعضهم قد يكون نسي تركيب قاعة الجلسات من داخل. وكذلك الأمر والحال والواقع بالنسبة الى الوزراء: اقتراحات. وقوانين، ونصوص، ولجان، ومصالح واقفة، وبلاد سائبة، ومشاريع معرقلة عن قصد وعمد.
فأيُّ وصف يلائم هذه الحالة الأَزْفَت من الزفت؟