&سمير عطا الله&

يطغى لون بشرة واحد على أولمبياد الريو كما طغى من قبل على معظم الدورات التاريخية: اللون الأسمر. كل دورة يأتي المتسابقون من جامايكا وكينيا، أو حتى من فرنسا وبريطانيا وقطر، وهم يحملون لونًا واحدًا وعرقًا واحدًا؛ هو عرق الصمود الجسدي الأسطوري.. أو هكذا يُخيل إلينا. إذ ما إن نتقبل مسألة العرق كبرهانٍ قاطع، حتى تبدو سيدة ناحلة من أوزبكستان وهي تشارك في هذا الامتحان الجسماني الخارق للمرة السابعة.

لقد بلغت السيدة شوزو فيتينا عامها الحادي والأربعين وهي لا تزال تنافس من هُم، ومَن هنَّ دون سن ابنها البالغ السابعة عشرة من العمر.

ما سر هذا النوع من الطاقات.. ليس فقط في الفوز، بل في التدرّب والصمود والمثابرة، وهو غير واثق بعد بأنه سوف يفوز وسط منافسة عالمية كاسحة؟ يعطي الرياضي المذهل صورة فوزه إلى بلاده. وأيام الحرب الباردة لم يكن التنافس بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي حادًا ومشرِّفًا ومهينًا، في الطائرات والصواريخ النووية، وإنما في الانتصارات التي يحققها الأبطال الجدد. وبعض الدول الاشتراكية مثل رومانيا والمجر، لم يكن لديها ما تتقدم به إلى السمعة العالمية سوى الفتيان والفتيات الفائزين، أو بالأحرى الحاصدين بطولات الأولمبياد.

في الماضي، وفي أبشع مأساة بشرية، اكتشف الرجل الأبيض أن في إمكانه استغلال قوة العرق الأفريقي، في العبودية المطلقة. تغير الأمر كثيرًا الآن. فالرجل الأفريقي هو واجهته الأولمبية وطريقه إلى الفوز في كرة القدم، أو في الملاكمة، أو في المصارعة.. المنافسات أو المسابقات التي ليس فيها قتل ولا دمار ولا هلاك. رغمًا عني، ولا إراديًا، لا أعرف لماذا أخلط بين صور الريو وصور حلب. وأتساءل كل مساء: أي جزء من نشرة الأخبار يتابع البشريان أوباما وبوتن، وأي أرقام تهمّهما أكثر من سواها؛ أعداد حلب أم لوائح الريو؟ لكن لا شك في أن كليهما يدرك مدى تفاهة السياسة. وقد ذهبت البرازيل إلى الأولمبياد وذهب معها العالم، مع أن رئيستها الحالية ورئيسها السابق، محالان على المحاكمة بتهمة الفساد. غير أن أحدًا لم يلتفت إلى ذلك، وكأن رئيسة البلاد مجرد رئيسة خيرية تكذب وتخدع في دفاتر التبرعات. انقسمت سماء البرازيل إلى قسمين، كسوف تام في السياسة الحالكة، وإشراق كلي في قدرات الإنسان وطاقاته وطبيعة التسامح والتنافس لديه.

&&

&