تركي الدخيل

انتهت قبل أيام احتفالية الألعاب الأوليمبية الصيفية الحادية والثلاثين في ريو دي جانيرو، وشارك فيها 10500 رياضي.

لأول مرة تشارك دولتا جنوب السودان وكوسوفو، الصورة في المشهد واضحة، كان استعراضاً بشرياً جمالياً كبيراً، والتآخي الإنساني عبر هذه الرياضات لا يكاد يوصف بكلمة.

سود أمام بيض، محجبات ينازلن غير المحجبات، عرب ضد عجم، كل هذه تبيّن مستوى التقدم الأخلاقي والقيمي للإنسان، وهذا يعود فيها للعنصر الفكري، فالتآخي ضمن الاختلاف، وتحويل التمايز بالألوان والأعراق إلى عامل تنوّع، مفيد ويضيف ويغني ... كل هذا جاء بعد عراك تاريخي، لم يأتِ بين يوم وليلة... قرون من الصراع والحروب والدماء والتعصب، تلاها هذا المستوى الكبير من التسامح الجماليّ النادر.

من كلمات الشاعر والمسرحي الألماني فريدريك شيلر (1759-1805) الرائعة في كتابه: (رسائل حول التربية الجمالية للإنسان): «إذا أراد الإنسان يوماً أن يجد حلاً لمشاكل السياسة فعليه أن يقاربه من خلال الجماليات، إذ لا يمكن للإنسان أن يشق طريقه نحو الحرية إلا عبر الجمال»!

تقدّم هذه الرياضات والمشاهد التنافس والتنوّع الواضح في الفعالية الأممية عرضاً مختصراً لمستويات تقدم الإنسان، فكل إنسان له جماله وقيمه ورأيه واحترامه، هذه هي ذروة الفكر المتسامح، عش ودع غيرك يعيش... أبدع واستمتع بإبداعات غيرك.