شملان يوسف العيسى

ينوي التحالف الدولي، وعلى رأسه واشنطن، القيام بعملية عسكرية ضد «داعش» في فصل الخريف، وقد أرسلت واشنطن في شهر يوليو (تموز) الماضي 560 عسكرًيا التحقوا بزملائهم، وقد بلغ عدد القوات 5000 جندي.

ويبدو أن عملية تحرير الموصل من إرهابيي «داعش» أكثر تعقيًدا، لأن هنالك أكثر من دولة وميليشيات وقبائل وطوائف مختلفة المصالح والولاءات كلها تحاول المشاركة في هذه الحرب.. فالحكومة العراقية بعثت الجيش لجنوب شرقي الموصل، وسيطر رجاله على عدة مدن على ضفة دجلة الشمالية.. هذا الجيش لا يحظى بتأييد وقبول السّنة الذين يقطنون الموصل، لأن الجيش استعان بـ«الحشد الشعبي» الذي ينتمي أفراده للميليشيات الشيعية التابعة للأحزاب الطائفية في العراق بدعم قوي من إيران والجنرال قاسمي.

الأكراد بدورهم، برئاسة مسعود بارزاني، وبدعم من الولايات المتحدة التي تمد قوات البيشمركة بالسلاح، سيطروا على شمال شرقي الموصل وجنوب غربيها، وترك للقوات العراقية محاصرة الموصل من جهتها.

رغم حقيقة أن بغداد والأكراد يحاربون عدًوا مشترًكا (إرهاب «داعش»)، لكن لكل طرف هدًفا سياسًيا ومصالح خاصة لا تمت للعراق أو وحدته بصلة - الولايات المتحدة تضغط على قوات البيشمركة لتتلقى الأوامر العسكرية من الحكومة العراقية!

وقد كشف قيادي بارز في الحزب الديمقراطي الكردستاني برئاسة بارزاني أن فصائل الحشد الشعبي الشيعية المدعومة من إيران هددت بارزاني باجتياح كردستان والسيطرة عليها بالقوة إذا لم يسمح لها بالمشاركة في العصائب بزعامة قيس الخزعلي، وحزب الله العراقي برئاسة أبو المهدي المهندس، وكتيبة أبو الفضل العباس معركة تحرير الموصل. وذكر متحدث كردي أن فصائل سرايا الخرساني بزعامة علي الباسري، وجماعة بزعامة علاء الكعبي، هددوا بارزاني باجتياح منتجع صلاح الدين، وهو المقر الرئيسي لبارزاني في مدينة أربيل عاصمة كردستان.

السؤال الذي نود طرحه: ما موقف العرب بشكل عام ودول الخليج بشكل خاص تجاه ما يحدث في الموصل، خصوًصا أن هنالك أكثر من دولة تتدخل لتحرير الموصل تحت غطاء التصدي للمشروع الإرهابي ودولته الإسلامية المزعومة؟ هذه الدول تسعى إلى إعادة رسم خريطة المنطقة بالشكل الذي يخدم مصالحها.

على دول الخليج أن تطرح سؤالاً واضًحا على وزير الخارجية الأميركي الذي سوف يجتمعون معه في الرياض نهاية الشهر الحالي. كيف يمكن للحكومة العراقية ذات النهج الطائفي البغيض تحقيق الانتصار في الموصل، وهي تعيش في حالة فوضى عارمة بسبب استمرار التناحرات السياسية والصراعات وتفاقم الأزمات، والأهم من كل ذلك فرض الإرادة على المكونين الأساسيين في العراق وهما السّنة والأكراد؟

ولماذا لا تجيز واشنطن للمكون السني تشكيل إقليمه الخاص به أسوة بالإقليم الكردي الذي تدعمه وتقف معه واشنطن.. رغم حقيقة أن الدستور العراقي، حسب المادة 119، يجيز ويسمح للمكون السني بتشكيل إقليم خاص به؟

نعرف أن واشنطن تدعم الأكراد لأن لديهم برلماًنا وحكومةُمنتَخبة، والأهم من ذلك لديهم الاستعداد للاعتراف
بإسرائيل. على دول الخليج العربية وكل دولة عربية غيورة وحريصة على وحدة التراب العراقي ونسيجه الاجتماعي، طرح تساؤلات بسيطة على الحكومة العراقية: ما خطتكم ورؤيتكم للموصل بعد تحريرها من عصابات «داعش»؟ وما المكتسبات التي حصل عليها السنة وبقية الأقليات الذين يقطنون العراق منذ توليتم الحكم عام 2003؟

إن العرب والمسيحيين والآشوريين والإيزيديين وغيرهم هم مكونات رئيسية في العراق ولم يحصلوا على أي شيء سوى القتل والتشريد والتهجير والعيش في المخيمات كلاجئين في بلدهم الغني بالنفط.

على العرب رفض سياسة الأمر الواقع؛ فعرب العراق والعرب في العالم العربي لم يعادوا الشيعة كمذهب، بل تعايش الجميع مًعا طوال تاريخ العراق، لكن مع «الثورة الإيرانية» ومفهوم ولاية الفقيه اتخذت حكومتهم قرارات بتصدير الثورة بالقوة، والتوسع على حساب العرب في كل من العراق وسوريا ولبنان والبحرين واليمن في محاولة إلى جرنا إلى صراعات طائفية وحروب بغيضة الهدف منها تمزيق المنطقة.. علينا التمسك بمفهوم المواطنة التي تعني العدالة والمساواة وحكم القانون لكل مكونات المجتمع عملًيا وفعلًيا، وليس مجرد شعارات زائفة، وبذلك نسد الطريق أمام أعدائنا.