&أشرف محمود

يبدو الحديث عن التجنيس الذي اتجهت إليه في السنوات الاخيرة عدة بلدان عربية أمرا شائكا، الخوض فيه ربما يغضب بعض الأشقاء ، لكنه امر جد خطير بعدما بات يهدد الهوية العربية ، لذا بات لزاما علينا التوقف امامه بالبحث والدرس إن كنا مهتمين بأمر هويتنا ، غير أنه وقبل الخوض في التفاصيل علينا أن نقر بأنه يحق لكل دولة أن تمنح جنسيتها لمن تشاء ، فهذا عمل من أعمال السيادة لا يحق لأحد أن يراجع فيه من اتخذ قراره في هذا الشأن ، غير ان مايدفعنا للتعرض لقضية التجنيس أنه يتم دون استراتيجية ما يجعل علي المحك بفعل الاقبال المتزايد علي التجنيس الذي كان مقصورا علي بلد بعينه قبل ان يتمدد الي بلدان اخري وقد يقول قائل وما دخل التجنيس بالهوية العربية ؟ والاجابة يسيرة فأصل الهوية هو اللغة ، ولغتنا العربية تتعرض منذ فترة طويلة لهجمة تتعمد تهميشها وتسعي لاندثارها من خلال تجاهل المدراس الأجنبية في بلداننا العربية لتدريس اللغة لطلابها الذين يدرسون كل العلوم باللغات الأجنبية حتي اصحاب المتاجر يتعمدون كتابة اسماء متاجرهم باللغة الأجنبية ولم يعد أمرا غريبا أن تجد عربا يتحدثون مع بعضهم البعض باللغة الأجنبية وفي كل هذا تهميش للغة العربية ووضعها علي طريق الاندثار، ثم يأتي التجنيس ليفتح الباب أمام أجانب لينضموا إلي أمة لغة الضاد دون وجود اي مشتركات بينها وبينهم ، ومن عجب أن الدول التي تسعي للتجنيس تسعي الي تحقيق إنجازات رياضية وكأنها تسعي لشراء التاريخ عبر اي وسيلة حتي ولو كانت بمنح الجنسية للاعب لايعرف اين يقع الوطن العربي ولا ثقافته ولا عاداته وتقاليده ، حتي النشيد الوطني للدولة التي ينتمي إليها المجنس لا يعرفه، وبالتالي يعزف النشيد وهم في واد آخر .رأيت فرقا تدعي العروبة في ريو لكني ما رأيت العرب ، وحتي لا نكون منتقدين دون طرح مقترحات في شأن التجنيس الذي نعرف ان بعض الدول تلجأ إليه للوجاهة والبحث عن الشو والانجازات الوهمية والبعض الآخر يلجأ اليه لبناء قاعدة للعبات جديدة مثلما يحدث في الامارات والبحرين وهو أمر محمود اذا ما كان في إطار خطة توسيع قاعدة الممارسة الرياضية وجذب النشء لممارستها ، نري أن اقتراحا قديما طرح قبل سنوات عدة وفي حضور المغفور له الامير فيصل بن فهد رئيس الاتحاد العربي للألعاب الرياضية عن هذا الخصوص ، تلخص في أن ظروف بعض دولنا العربية ذات الكثافة السكانية القليلة تتطلب التجنيس لتتمكن من الوجود في كل المحافل الرياضية الدولية والقارية ، وكان المقترح أن تقوم هذه الدول بتجنيس أبناء الجاليات العربية الموجودة علي أراضيها أو المولودين فيها ، لان ذلك يضمن الولاء للبلد الذي ولد فيه وتربي علي ارضه وتعلم في مدارسه وكون علاقات الصداقة مع أقرانه من المواطنين أو حتي المقيمين من الجنسيات العربية الاخري ، فإذا ما تم هذا ضمنا الحفاظ علي الهوية العربية وصار المنتج عربيا مثل حالات عديدة سابقة في غالبية دول الخليج العربي ، واعتقد انه آن الاوان لتقوم جامعة الدولة العربية ومن خلال إدارة الرياضة ببحث هذا المقترح وتبني تنفيذه ان حظي لديهم بالقبول ، فلا يعقل أن تكون الامم حريصة علي هويتها ولغتها ونتجاهل نحن العرب هويتنا رغم أن الامم المتحدة التي اقرت يوما للاحتفال باللغة العربية لغة القرآن ، في الثامن عشر من ديسمبر سنويا ، أن الامر مهم ويجب ألا يمنعنا الخجل من بعضنا أن نتجاهله لاننا سنحاسب علي تجاهلنا لهويتنا من الاجيال المقبلة.وإذا كان التجنيس يستحق ان توليه جامعة الدول العربية اهتمامها فإن أمرا آخر يستحقق اهتماما أيضا لانه يخص حقوق المشاهد العربي الذي كان يتابع البطولات الرياضية العالمية التي تشارك فيها الفرق العربية بالمجان قبل ظهور القنوات المحتكرة ، وبعد ظهورها واحتكارها لكل البطولات لم يتبق للمشاهد العربي إلا الدورات الأوليمبية التي تشارك فيها كل الدول ، وكانت التليفزيونات الحكومية تنقلها عبر اتحاد اذاعات الدول العربية ليتابعها المشاهد العربي عبر قناة بلاده دون عناء أو تكلفة ، أن اللجنة الاولمبية الدولية التي طالها ما طال غيرها من الاتحادات الدولية من فساد مقنن دفعها لبيع حقوق دورة طوكيو الاوليمبية المقررة في العام 2020 إلي القناة المحتكرة لكل الانشطة الرياضية العالمية في منطقة الشرق الاوسط ، ما يعني أن المنطقة العربية لن تشاهد الدورة المقبلة ، وهنا يكون السؤال: أين حقوق المشاهد العربي أم أنه لاحقوق للعرب مثل بقية اهل الارض؟ ان الامر يتطلب استصدار قانون تتبني الجامعة العربية الحماية حقوق المشاهد العربي ليتمكن من متابعة منتخبات بلاده.