&سمير عطا الله&&&

رجاء أن تسمحوا لنا بهذه القصة: أيام زمان تزوج صديق لنا من فتاة أحبها حبًا جمًا. كلاهما كان من عائلة راقية. وعندما ذهب مع والديه لكي يطلب يدها من أهلها، قال للأب: أعد بأن ابنتكم سوف تنتقل من منزل إلى منزل، وإذا كان لا بد من قلق الأب والأم، فأرجو أن تقلقوا عليّ، وليس عليها.

حافظ الرجل على وعده، لكنه لم يكن يتصور أنه «يتنبأ». فما أن مضت الأشهر الأولى من الزواج، حتى أخذ يلاحظ أن العروس تفرح بوصول صديقه معه أكثر مما بعودته إلى البيت. وظن أنه مخطئ، مع أنه قد يخطئ في الخيار، لا في الشعور.

كان الزمن يومها زمن بريد ورسائل وطوابع و«البوسطجية اشتكوا من كتر مراسيلي». وسافر الصديق في رحلة عمل، على ما قالوا، إلى أوروبا. وهاج به الشوق إلى عروس صديقه، فبعث إليها برسالة على طريقة أنور وجدي وليلى مراد: يا حبيب الروح!

وصلت الرسالة الهائمة في وقت خطأ. كان الزوج على الباب عندما سلمه الساعي بريد المنزل. ووقعت عينه على رسالة إلى الزوجة، فانفعل، وفتح المغلف. وإذا داخله نجاوى الصديق الغائب وحنينه. ولم يفتح باب المنزل، بل عاد إلى سيارته واتجه مباشرة إلى منزل عروسه الأهلي. فوجئ الجميع بوصوله. أما هو فجلس في كل هدوء وفتح الرسالة وبدأ يقرأها.

ولما انتهى، نظر إلى الأب وقال: «يا عم. لقد قلت لك اقلق عليّ، لا على ابنتك. أنا مجروح. ليس في شرفي ولا في عرضي ولا في الصداقة. لكنني مهان كأستاذ للأدب العربي، فيما ابنتك تحب علي غريمًا يخطئ حتى في الإملاء. انظر ماذا فعل بالجمع في الفعل المضارع».

ترك الرسالة ومشى، وجاء والد «العروس» وأعادها إلى منزله. أتذكَّر هذه الحكاية اللاذعة كلما قرأت شيئا – لا أعرف ماذا أسميه – لصحافي أو صحافية ناشئة. الخطأ ليس في الصرف والنحو، بل حتى في الإملاء، كأنهم جميعًا تلامذة ذلك العاشق الأهبل. وإذا كان لا بد من خيانة الصحافة والمهنة والسرد والتوضيح، بهذه الميوعة، فعلى الأقل الإملاء. التهجئة. على الأقل خبر كان. على الأقل عدم رفع المجرور، لأنه مهما تحسنت أحواله، لا شيء يمكن أن يرفعه. مجرور.

سوف يقرأ البعض هذا الالتماس ويقول، أين أنت من هموم هذا العالم. وأنا أيضا أقول ذلك. لكن طموحاتي في الحياة حُجِّمت كثيرًا. دخيلكم. على الأقل الإملاء.

&

&

&