&نوح فيلدمان

على الرغم من وجود مصارعة الديوك في مختلف أنحاء العالم، إلا أنها محظورة في جميع أنحاء الولايات المتحدة الخمسين. ولكن هل الشخص الذي يخترق الحظر يرتكب جريمة فساد أخلاقي؟ أجابت محكمة الاستئناف الفيدرالية بـ«لا»، ورفضت ترحيل مهاجر متهم بتسهيل ممارسة مصارعة الديكة. وفي تصريح ربما يثير غضب نشطاء حقوق الحيوان، قالت المحكمة إن جريمة الفساد الأخلاقي يجب أن تنطوي على إحداث ضرر لطرف ثالث، وليس مجرد إيذاء الدجاج بصورة مباشرة.

والنتيجة إذن لصالح المهاجر، ولكن ليس تحديداً للسبب الذي ذكرته المحكمة. ففي مجتمع يسمح للمصانع بقتل المليارات من حيوانات المزرعة، سيكون ترحيل شخص لقيامه بقتل ديك واحد في إطار ممارسة ثقافية غير مألوفة هو قمة النفاق.

وقانون الهجرة موضوع المناقشة غامض إلى درجة أنه ينبغي القول إنه غير دستوري. فهو في الواقع يقول إن المهاجرين غير الشرعيين لا يمكن إلغاء أوامر ترحيلهم إذا كانوا مدانين بارتكاب جريمة «تنطوي بشكل قاطع على فساد أخلاقي»، وفقاً لصياغة المحاكم. وهذا من شأنه أن يضع قضاة الهجرة -ومحاكم الاستئناف الفيدرالية التي تراجع أحكامهم- في موقف حرج فيما يتعلق بالدفاع عما يعتبر «فساداً أخلاقياً».

يذكر أن «أوجستين أورتيجا لوبيز» جاء بطريقة غير شرعية إلى الولايات المتحدة، قادماً من المكسيك، عام 1992، والآن لديه ثلاثة أطفال أصبحوا مواطنين. وفي عام 2008، بعد مرور 16 عاماً على قدومه، أدين من قبل محكمة الجنح الفيدرالية لقيامه بتسهيل ممارسة مصارعة الديوك، حيث حكم عليه بالسجن لمدة عام للاختبار. وقالت الحكومة إنه مشارك ثانوي في المشروع.

بيد أن كلاً من قاضي قانون الهجرة ومجلس طعون الهجرة حكموا بأن «أورتيجا لوبيز» ينبغي ترحيله لأن مصارعة الديوك هي جريمة «فساد أخلاقي» بشكل قاطع. وعرَّف مجلس طعون الهجرة جريمة الفساد الأخلاقي بأنها «سلوك حقير أو خسيس أو منحرف، ويتناقض مع القواعد المقبولة للأخلاق والواجبات التي يجب أن تتبع بين الأشخاص أو في المجتمع بشكل عام». واستشهد المجلس ببعض القضايا المنظورة في المحاكم، واصفاً العراك بأنه لاأخلاقي، وقال لأن جميع الولايات الخمسين والحكومة الفيدرالية قد منعت مصارعة الديوك، لذلك فإن «أورتيجا لوبيز» ينبغي ترحيله.

وقد نقضت الدائرة التاسعة من محكمة الاستئناف الأميركية هذا القرار في رأي أدلى به «جون أوينز» المعين من قبل الرئيس أوباما، والذي اكتسب سمعة بأنه يصبغ قراراته بالإحالات الثقافية. وقال «أوينز» إنه يجب وقوع ضرر على الضحية، مستشهداً بما ذكرته الدائرة التاسعة في سابقة، حيث قالت إن «جرائم الفساد الأخلاقي تنطوي دائماً على وجود نية لإيذاء شخص ما، أو إلحاق ضرر فعلي بشخص ما، أو عمل يؤثر على الحقوق المحمية للضحية».

وبطبيعة الحال، فإن مصارعة الديوك لا تنطوي على ضرر للديوك. ومع بعض المكر، رفض «أوينز» هذا الاعتبار وكتب «إننا نعتقد أن الإفراج... هو الأمر المناسب هنا، حيث إن الجريمة المنظورة التي تنطوي على ضرر للدجاج، خارج النطاق العادي» لجرائم الفساد الأخلاقي.

والمشكلة، بالطبع، هي أن لغة «الفساد الأخلاقي» لا تتبع فكرة الضرر على وجه الخصوص. وهناك أفعال كثيرة تكون غير أخلاقية بشكل عميق دون إحداث ضرر بصورة مباشرة لطرف ثالث، إذا كان تصورك للأخلاق لا يركز تماماً على العواقب.

وكما أشارت ابنتي البالغة من العمر تسع سنوات أثناء مناقشتنا هذه القضية، فإنه من غير الأخلاقي تماماً أن ندرب ونجبر الديوك، مع تثبيت قطعة معدنية على أرجلها، لقتال بعضها بعضاً، أحياناً حتى الموت. وهذا هو السبب في أننا حولنا مصارعة الديوك إلى جريمة في جميع أنحاء الولايات المتحدة. ولذا يبدو لي أن نتيجة قرار الدائرة التاسعة بمنع ترحيل أورتيجا لوبيز، ما زال قراراً صحيحاً، ولكن لماذا؟ هنالك رأي فكرت فيه ثم رفضته، بغض النظر عن عدم شرعيته، هو أن مصارعة الديوك لا تزال ممارسة ثقافية شائعة في مختلف أنحاء العالم الأخرى.

في الظاهر، ينبغي عدم اعتبار ممارسة غنية ثقافياً على أنها غير أخلاقية، حتى وإن كانت غير قانونية. ولكن مع إمعان التفكير، هناك الكثير من الممارسات الثقافية المتأصلة بعمق تعتبر غير أخلاقية -سواء كانت تحدث في الولايات المتحدة أو خارجها. ومن الأمثلة الجيدة على ذلك العنف العنصري أو العنف القائم على النوع.