عادل الحربي&

في العراق والشام يُزج بعشرات الآلاف يومياً لمجاهيل الضياع والفقد والسحق والقهر.. الرجال المقهورون في كرامتهم والأطفال الخائفون والأمهات الثكالى يهيمون كسرب طويل متعرج يسوق بعضه نحو المجهول السحيق؛ فارين بما تبقى لهم من حياة لم تعد ذات معنى.. الآلاف يومياً يتراكم داخلهم الألم والحقد بسبب الموت الذي لا يستثني أحداً.. الموزع بينهم بالتساوي.. الموت الذي لا يبدو أنه سيغادرهم قريباً!!

&آلاف البشر هناك تدفعهم صروف القهر للموت.. وبتطرف لا أحد يقوى أن يتجاهله إلا الموتى الذين يرقدون في المقابر.. عشرات المذابح والتفجيرات التي تخلف ثارات وأحقاداً لن تندمل لعشرات السنين.. كل عملية إرهابية تخلف عددا من القتلى تخلف معها مئات المفجوعين بأقربائهم.. ومئات القصص، التي تبقى بعد رحيل وكالات الأنباء العالمية المشغولة بالعدد الكلي للقتلى عن تفاصيل كل نفس أزهقت في هذا الحادث أو ذاك.

&

ماذا يعني "الأمل" في ظروف كهذه.. ماذا تعني "الحكمة" وسط هذه الفوضى.. كيف نتوقع منهم التعلق ببصيص أمل أمام فقدهم وخوفهم اليومي.. كيف نتوقع منهم التفكير بحكمة!!

&

ماذا نتوقع عندما يفقد الإنسان العراقي أو السوري الأمل في المجتمع الدولي الذي يتشدق بحقوق الإنسان بشكله الفاشنستي الحديث؟، عندما يرى الضحية أن النظام العالمي ينحاز لصف القاتل والمصالح المشتركة ومراحل التفاوض والبيع والشراء على حساب أنهر الدماء المتدفقة في كل الاتجاهات؟، بدهيٌ أن يكون آخر همه البقاء أو الأمل بهذا النظام الدولي الذي بات حارساً أميناً لأنظمة القمع وعصابات الموت.

&إن العراقي أو السوري الذين تزورهم أسباب الموت والرعب والخذلان يومياً من الطبيعي أن تنتهي بهم السبل جنودا تحت ألوية الإرهاب والانتقام ليس لأنه مؤمن بزيفهم؛ بل لأنه يرى في الموت خلاصاً.. أو يرى في هذه العصابات طريقاً وحيداً لانتقامه الذي أعمى بصره وبصيرته..

&إنه المستنقع الذي تخرج منه (داعش) السوداء وأخواتها تعزف سمفونيةً جنائزية باسم الدين، لتوهم المقهور بحملها ألوية الأمل، وتسوق "براندها" الدعائي بأنها ما وجدت إلا لإعادة مجد تليد يقهر الغزاة والخونة والنظام الدولي مجتمعين، إنها توفر لهم الانتقام/الانتحار بالطريقة "الحلال".

&إن مواجهة (داعش) وحشود العصابات القذرة سواء تلك التي في المنطقة الخضراء أو تلك المستذئبة في القارة العجوز تبدأ بتجفيف هذه المستنقعات الحاضنة لأفكارهم وكوادرهم.