&بهجت قرني

باستثناءات تأتي من دولة الإمارات العربية المتحدة، فإن الصورة العالمية عن المنطقة العربية سلبية. الكلام كثير عن أزمة اللاجئين، ووضعهم على ضفاف الشواطئ الأوروبية إذا ما نجوا من الموت غرقاً على متن المعديات المتهالكة في مياه المتوسط ووصلوا إلى هناك أحياء، أو هجمات الإرهاب المنطلق من عقاله، من مدينة نيس الساحرة بمنطقة الريفييرا الفرنسية إلى التهديدات ضد أميركا والعديد من الدول الغربية. قد لا نرى نحن العرب التأثير المباشر لمثل هذه الأحداث ونحن في ديارنا، لكن المسافر العربي -خاصة من فئة الشباب- يرى نظرات الشك والريبة تتوجه إليه، ليس فقط في المطار والطائرة، ولكن أيضاً في وسائل النقل العام داخل الولايات المتحدة الأميركية والبلدان الأوروبية.

وعند محاولتي ربط هذا الإفراط في النظرة السلبية نحو العرب بانتشار الإسلاموفبيا، ذكّرني بعض الأصدقاء الأوروبيين المتعاطفين معنا بهجمات الساطور أو السكين الوحشي في قطارات ألمانيا وبعض مناطق لندن السياحية، حيث قتلت مسنة أميركية.

حاولت قياس التوجه السلبي الغالب لدى الرأي العام الغربي، وفي الإعلام الغربي نفسه، نحو العرب، بمناسبة انعقاد الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر القمة العربية في نواكشوط الشهر الماضي. ووجدت أنه إذا كان هناك تغير في هذا التوجه، فهو في خانة التجاهل، حيث لم يُذكر خبر الانعقاد بالمرة في الصفحة الأولى لأي من الجرائد العالمية الكبرى، الصادرة باللغتين الإنجليزية والفرنسية، ولا حتى في نشرات الإعلام التلفزيوني. كان هناك حديث عن دولة موريتانيا، والتي لا يعرفها الكثيرون، وفي بعض الأحيان بلغة شبيهة بالكلام عن قصص ألف ليلة وليلة، مثل التأكيد على أن افتتاح القمة جاء في خيمة كبيرة، مما أعاد إلى أذهان الكثيرين ممارسات القذافي الطريفة عندما كان يصطحب خيمته الضخمة إلى كل بلد غربي يزوره، ويصر على إقامتها في أكبر ميادين عاصمة الدولة المضيفة، كما فعل في باريس بالقرب من الشانزيليزيه، حتى خبر تعيين أمين عام جديد للجامعة العربية لم يحظ باهتمام هو أيضاً، وفي كثير من الأحيان لم يتم ذكره.

لكن لم ينس هذا الإعلام الغربي أن يُذكِّر متابعيه بأن ثلثي الزعماء العرب لم يكلفوا أنفسهم عناء الترحال لحضور قمتهم، في دولة تشهد انعقاد مثل هذه القمة للمرة الأولى على أراضيها.

ماذا نحن فاعلون تجاه صورة عالمية للعرب تزداد سلبية؟ وهل في مقدور كتاب «وجهات نظر»، أو أي صفحات رأي عربية أخرى، وخاصة في المجال الخارجي، الإسهام في تغيير هذه الصورة السلبية؟ الأساس بالطبع هو الأصل، وإذا كان هذا الأصل إشكالياً، فإن جهود تحسين الصورة محدودة الفاعلية. ومع ذلك فإن هناك ثلاث وسائل على الأقل يمكن اتباعها بوساطة المثقفين أمثالنا:

1- لفت النظر للصورة الكلية، وخاصة تحديات التنمية بكل أشكالها التي تواجهها المجتمعات العربية، اقتصادية كانت أم ثقافية.

2- إبراز بعض الممارسات الإيجابية، حتى في المجال الفردي للمتميزين من العرب، مثل كل من أحمد زويل ونجيب محفوظ الحاصلَين على جائزة «نوبل»، أو بعض الرموز الفنية العالمية، وكذلك كبار الإعلاميين العالميين ذي الأصول العربية.

3- الإصرار على توضيح أن التوجهات والأعمال الإرهابية إنما تصدر عن أقلية محدودة جداً ومعزولة اجتماعياً.

في كتاباتي بالإنجليزية أو الفرنسية أصر على استخدام مصطلح «داعش»، وليس تعبير «الدولة الإسلامية» (ISIS) المتداول، وذلك للفصل تماماً بين هذا التنظيم المتطرف وبين الدين الإسلامي الحنيف، وأيضاً لأن استخدام تعبير «داعش» الذي يبدو بربرياً للقارئ الغربي، يعكس ممارسات هذه الجماعة الوحشية.

وأخيراً ربما يكون مفيداً أن يكون موضوع صورة العرب في الخارج وتحدياتها، أحد موضوعات «منتدى الاتحاد» السنوي.