&(ترامب وكلينتون ورئاسة حسمت سلفاً -2)

جهاد الخازن

&نشرت هيلاري كلينتون تفاصيل ما دفعت وزوجها من ضرائب سنة 2015، تبيّن أنهما دفعا ضرائب فدرالية بلغت 34 في المئة على دخل أكثر من عشرة ملايين دولار. المرشحة الديموقراطية رمت قفاز التحدي في وجه منافسها الجمهوري دونالد ترامب، إلا أنه يرفض كشف سجله الضريبي، وإلى درجة أن المرشح معه لمنصب نائب الرئيس حاكم انديانا مايك بينس حثه على نشر هذا السجل، كما أن عضواً بارزاً في الحزب الجمهوري هو مارك سانفورد كتب مقالاً عنوانه: أنا أؤيدك يا دونالد ترامب. أرجو أن تكشف سجلك الضريبي.

إلى أن يفعل، هناك مشكلات أخرى تعيق حملته الانتخابية إلى درجة إخراجها عن مسارها، وبعضها من صنع يديه، فهو يكيل التهم لمنافسته كلينتون من دون دليل، حتى أنني أقرأ أنها مصابة بالخرف، أو أنها تكتم أمراضاً مستعصية. الطبيب الذي أعطى ترامب شهادةً صحيةً كاملة اعترف بأنه تسرع.

الميديا الأميركية نفسها ضاقت به، لذلك تنتصر له ميديا ليكود وتتهم الغالبية العظمى بالانطلاق من موقف ليبرالي، وهذا صعب التصديق. هو اعتذر أخيراً عن تسببه في «ألم شخصي» بسوء اختياره الكلمات، لكن قرأت بعد ذلك مقالاً عنوانه: اعتذار ترامب يبدو كعدم اعتذار. وأيضاً: أسف فارغ من ترامب. ومثله: ما هو تحديداً الخطأ الذي يعتذر عنه ترامب.

وأختار من مقالات أخرى:

- (ترامب يقول) «لا أعرف» ولكن هل هو حقيقةً لا يعرف. المعنى الخفي لكلام ترامب.

- ترامب يستميل أنصار حمل السلاح، والموضوع متداول فهو يؤيدهم ضد أنصار الحد من رخص أسلحة فتاكة (ليست للصيد).

- رسالة مفتوحة من المستر ترامب. والكاتبة مورين داود بين أفضل المساهمين في صفحات «نيويورك تايمز» وهي تبدأ ساخرةً وتقول: ترامب آسف. ترامب متواضع. ترامب لا يريد أن يُسحَق. لذلك (يقول) إذا أهنت أي إنسان، أو لأنني أهنت الجميع... أنا آسف.

- هل وصل ترامب إلى القعر؟ أراه وصل وبدأ يحفر.

- بالنسبة إلى ترامب، الخسارة هي ربح.

- يجب على أنصار ترامب أن يخافوا (نتيجة الانتخابات).

أتوقف هنا لأقول إن هيلاري كلينتون ليست «الأم تيريزا» وقد ارتكبت أخطاء كثيرة على امتداد حياتها العامة زوجة رئيس ثم عضو مجلس الشيوخ عن نيويورك ثم وزيرة خارجية، إلا أن أخطاءها تهون مع خطايا دونالد ترامب، فهي لو اختارت منافساً لها على الرئاسة الأميركية لما وجدت أفضل من ترامب الذي يتكلم ويخطئ ويعتذر ثم يعود ويرتكب خطأً أكبر.

شعاره الانتخابي أن يعيد عظمة أميركا، إلا أن الولايات المتحدة الدولة العظمى الوحيدة الباقية في العالم بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، وهناك منافسة من الصين، لكن الاقتصاد الأميركي يبقى متفوقاً ومتقدماً. وترامب يهاجم المواقف الاقتصادية للرئيس باراك اوباما، وينسى أن هذا دخل البيت الأبيض والأزمة المالية تلف الولايات المتحدة والعالم، فأقال الاقتصاد الأميركي من عثاره، وأوجد 10.5 ملايين وظيفة جديدة، وأسس ضمانات صحية واجتماعية للفقراء الأميركيين، بعد أن أنفق سلفه جورج بوش الإبن دخل بلاده واستدان من الصين ليخوض حروباً زوِّرَت أسبابها عمداً ويتسبب في مقتل ألوف الأميركيين مع حوالى مليون مسلم، ولا يزال القتل مستمراً.

كلينتون تعاني من شك أميركيين كثيرين في صدقها بعد انفجار موضوع استعمالها «إيميلها» الشخصي في عملها الرسمي وزيرةً للخارجية. وأرى أن الموضوع استهلك، غير أن ميديا ليكود أميركا تركز عليه، لأنها تريد الأحمق في البيت الأبيض لا امرأةً ذكيةً. والنتيجة أن ترامب لا يزال يطالب علناً روسيا بالبحث عن «ايميلات» كلينتون الضائعة. أرى أنه ضيَّع الطريق إلى الرئاسة.