فضيلة الجفال&

خلافات وجدل بروتوكولي لحظة وصول الرئيس الأمريكي، لقاءات جانبية بين الزعماء، مشاهد ولقطات وتحليلات، كانت جميعها تحت فلاشات الكاميرا بصفتها الأحداث الأكثر جاذبية من طبيعة القمة نفسها. كل ذلك طبع قمة العشرين في الصين الاقتصادية بطابع السياسة، هي التي من المفترض أن تكون مخصصة لتحسين النمو والاقتصاد العالميين. لكن القمة انعقدت بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "البريكست"، وقبل انتخابات الرئاسة الأمريكية، وتوتر وخلافات وحروب باردة في بحر الصين الجنوبي وساخنة في منطقتنا. كل ذلك والعالم يعاني أزمات اقتصادية حادة، مع تزايد مستوى المشاعر الشعبوية، ومعاداة العولمة بالتزامن وأزمة الأمن والإرهاب، ما يجعل مهمة الدول الآن أصعب من سنوات سابقة اضطلعت في الدول العشرين بمهمة مشتركة نحو الاقتصاد العالمي.&&

التنمية كانت أولوية القمة بحسب ما أعلنت وزارة الخارجية الصينية، مما يجعل القمة تحظى بأهمية خاصة، فهي الأولى من بين القمم العشر منذ عام 2008، التي تضع إحدى أولوياتها الخروج بآلية تنفيذية لجدول أعمال التنمية المستدامة حتى عام 2030. يعزز ذلك ما طالب به الرئيس الصيني بألا تتحول قمة بلاده إلى منتدى للكلام فقط. وظهرت الصين بقيادتها القمة هذا العام بقوتها الناعمة، وكأنها تؤكد دورها المتنامي في الشؤون الدولية، ولا سيما أهمية البعد الاقتصادي للسياسة الخارجية الصينية في القرن الحادي والعشرين، هي التي تهدف إلى تعزيز التنمية الاقتصادية، وضمان أمن الدولة، وتحمل مسؤوليات دولية حقيقية، مع ضمان التوازن بين هذه الأهداف الثلاثة. وكأن القرن الآسيوي يتحول إلى القرن الصيني بأهمية الصين المتزايدة اقتصاديا كما سياسيا، ولا سيما أن الاقتصاد العالمي يمر بمنعطف خطير لا يقل خطرا عن الأوضاع السياسية. وقد كان لحيوية السعودية في القمة كعضو برئاسة ولي ولي العهد محمد بن سلمان، أهمية تتجاوز الحضور الاقتصادي إلى السياسي بطبيعة الحال، حيث تمثل سياسة السعودية النموذج المرن في العلاقات الاستراتيجية، المتناغمة بين الأهمية السياسية والاقتصادية، من خلال البحث عن شراكات متجددة حيوية، تتواءم ومتطلبات الزمن الجديد والمصالح المشتركة كالصين.

&

وبطبيعة الحال هناك انعكاسات سياسية لبروز الدور الاقتصادي لبعض الدول مثل الصين، التي تُعد من ناحية سياسية واقتصادية ندا لأمريكا، وفي المقابل حليفا لروسيا. لكن الأزمات التي يعيشها العالم وتعقيداتها، قد تجعل من الأمور تتخطى حدود الاقتصاد نحو السياسة، التي تُعد آلية التعبير عن القوة الاقتصادية. ولربما تعني العلاقات المركبة الجديدة أننا نبدأ مرحلة جديدة من العلاقات الدولية تكون الأولوية فيها للقضايا الاقتصادية وليس الأمنية والعسكرية كما السابق. اللقاءات الجانبية السياسية في القمة كانت أبرز ما فيها، فالتناغم أو التوترات الدبلوماسية بين دول عدة وعلاقات مركبة وأخرى متجددة عنوان واضح. لا شك أن القمة تأتي في توقيت من جملة استحقاقات مفصلية، مما يجعلها محطة دولية تتخطى مهمتها الاقتصادية الأولية، فالملفات السياسية والأمنية والإرهاب بطبيعة الحال لها تأثيرها المباشر على الاقتصاد. فهل يمكن الخروج بصيغة تنموية استراتيجية جديدة لعالم جديد، يعتمد على علاقات مركبة، تقفز على السياسة إن تطلب الأمر؟