سمير عطا الله

أسابيع قليلة عن 9 نوفمبر (تشرين الثاني). أول مرة تبدو فيها الرئاسة الأميركية استحقاًقا كونًيا إلى هذا المدى: إما أول امرأة متدرجة في سياسات أميركا مذ كانت زوجة حاكم أركنساو (المخدوعة) إلى أن أصبحت وزيرة الخارجية. وإما الرجل الزاعق الذيُيرعب فوزه الجزء المتزن من العالم.

رغم سنوات المسز كلينتون سيدًة في البيت الأبيض، وعضًوا في مجلس الشيوخ، ووزيرة خارجية، فإنها توحي بالاحترام، لكن ليس بالثقة. ومع افتقار ترامب أي خبرة سياسية جديرة بالذكر، وشعارات حملته المعادية للمنطق والعقل والأصول، فإنه لا يوحي لا بالثقة ولا بالاحترام. لكنه يوحي بالخوف من أن يربح الحصان «الفلتة» السباق أمام أعين الجميع.

تطل رئاسة 2017 على غرب متعب. أميركا تائهة كلًيا في المواجهة الجديدة مع الروس والصين، وأوروبا القديمة من دون جيل جديد ظاهر يحل محل سابقيه. أوباما الذي جاء على وعد إنقاذ أميركا من الديون يختتم بموازنة زاد فيها العجز 35 في المائة عن العام الماضي. وباستثناء ألمانيا، كل أوروبا في ركود اقتصادي.

وإذ يخيم خطر النزاع الوطني، أو الطائفي، لا يبدو في الأفق أي جيل جديد مؤهل لإنقاذ الوحدات الوطنية. بالعكس. السياسيون الشبان يعدون بالحرائق في حقول ملتهبة.

كيف سيحاول دونالد ترامب ملء الفراغ الذي يتركه باراك أوباما، وبأي منطق؟ هل بإقامة الجدار مع المكسيك، أم بإنهاء الشراكة مع اليابان وكوريا الجنوبية، أم بمنع المسلمين من الدخول؟ هذه ليست سياسات، بل ديناميت قد ينفجر في الأرض الأميركية أولاً. هل يضبطه الكونغرس؟ هل تضبطه «الدولة العميقة»؟ هل تضبطه كالعادة، تجمعات الرساميل التي تحرك أميركا وإن كانت لا تحكمها؟

عندما كان مرشًحا لمجلس الشيوخ، قال إبراهام لنكولن إن البيت المنقسم على نفسه لا يستقيم. والانقسام الحزبي اليوم أكثر مما كان على أيامه. أربعون عاًما وهيلاري كلينتونُتبحر في سياسات أميركا في اتجاه المرسى الأخير. لا شك أنها تحظى بالإعجاب، لكنها تفتقر إلى ما هو أهم بكثير، الثقة. ومنافسها يحظى بالهوس. والهوس مرض الجماعات، لا الأفراد فقط. وفي التاسع من نوفمبر، سوف ينام العالم على خوف. هذا الجانب أو ذاك.