هاني سالم مسهور

فيما ما تزال السيدة هيلاري كلينتون تحصد في مؤشرات السباق الرئاسي نحو البيت الأبيض نقاطاً أكثر في كل استطلاعات الرأي وعلى بُعد مسافة شهرين من الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر المقبل تبرز مسائل شائكة، أهمها مدى قدرة الديمقراطيين في السيطرة على مجلسي الشيوخ والكونجرس، فمؤشرات متواصلة تُغذي قدرة السيدة كلينتون على حسم الفوز بالمجمع الانتخابي كنتيجة طبيعية لفشل المنافس الجمهوري دونالد ترامب المتوالي فانقسامات الجمهوريين حول ترشحه للرئاسة فجرت خلافات عميقة داخل الحزب قد تعصف بكامل الحزب الجمهوري لسنوات قادمة.

مع اقتراب الفترة الرئاسية الثانية للرئيس باراك أوباما نتذكر كيف عجز خلال ستة أعوام متواصلة في إقناع الكونجرس باتخاذ إجراءات تشريعية في الميزانيات لدعم «التعلم المبكر»، فقد انحسرت إنجازات أوباما في «إصلاح نظام الرعاية الصحية» و»تشريعات وول ستريت» وهي التي استطاع انتزاعها في العامين الأولين من ولايته عندما كان الحزب الديمقراطي يمتلك الأغلبية في الكونجرس، حتى أن كثيراً من أعضاء الحزب الجمهوري ما زالوا يتربصون الفرصة لإسقاط كلا القانونين معاً، هذا التصور يرسم مدى العلاقة القادمة بين هيلاري كلينتون والكونجرس.

الحزب الديمقراطي يحتاج إلى سيطرة لا تقل عن 49 مقعداً في مجلس الشيوخ، وبالتالي فإن هذا يتطلب مزيداً من الجهد السياسي لفرض نفوذ أوسع على مجلس النواب، هذه النتائج المفترضة ستجعل من السيدة كلينتون قادرة على فرض رؤيتها الداخلية والخارجية بل ستذهب بها وبالحزب الديمقراطي إلى ما هو أبعد من ذلك فهذا سيدخل الغريم الجمهوري كحزب بل سينذر بتراجع الحزب وطنياً، ومع ذلك ما زال يمتلك هذا الحزب من الشخصيات وكذلك من السياسات ما تجعله يصمد حتى وإن أصيب بالضربة القاضية المرتقبة من أنثى ديمقراطية ستقود الولايات المتحدة في استثناء تاريخي وإنجاز غير مسبوق لحزبها.

كما أن هيلاري أمامها استحقاقات سياسية دولية شائكة أبرزها صعود روسيا كقطب، وانسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والأسواق الناشئة كالهند والبرازيل، وأزمات الشرق الأوسط المتواصلة، حتى عملية السلام العربية الإسرائيلية ستكون محطة مختلفة عما كانت عليه خلال الحقبة الرئاسية الفائتة، وكذلك نظرة هيلاري لـ «الإسلام السياسي» والكيفية التي ستتعاطى بها مع تنظيم «الإخوان المسلمين» وكيف لها أن تتخلص من إرثها عندما شغلت منصب وزير الخارجية في ولاية أوباما الأولى؟

كل هذا الثقل إضافة إلى عشرات القضايا الملتهبة في الداخل الأمريكي بحاجة إلى استعادة الديمقراطيين مجلسي الكونجرس لتوفير مناخ تستطيع من خلاله سيدة الحزب من أن تكون في منأى من تجاذبات لن تكون سهلة وقد تسقطها ببرنامجها الانتخابي أو على الأقل يتم تجميد نواياها السياسية كما حصل مع الرئيس أوباما في ست سنوات عجز فيها من تمرير التشريعات عبر مجلسي الكونجرس.