راجح الخوري

عندما دعا لبنان في القمة الاولى للمانحين التي انعقدت في الكويت عام ٢٠١٣ الدول العربية الى تقاسم أعباء اللاجئين السوريين، لم يكن عدد الذين تدفقوا اليه يتجاوز مليون لاجئ، ولم يكن المقصود يومها العبء المالي فقط بل العبء البشري، ولم يستجب أحد. فحتى المبالغ التي أقرت لمساعدته لم تسددها الا دول قليلة.

وعندما دعا البيان الختامي لقمة مجموعة العشرين الكبار، التي تهيمن على ٨٥٪‏ من الدورة الاقتصادية، الى تكثيف المساعدة الانسانية للاجئين وتقاسم الأعباء، بدا الكلام وكأنه صرخة في فراغ، وكان الأمر محزناً وفاضحاً، ليس لأن فلاديمير بوتين وباراك اوباما اللذين كانا هناك لا يتحملان هذه الاعباء كما ينبغي، بل لأنهما شريكان مضاربان في صنع هذه الأعباء عبر مضاعفة أعداد اللاجئين في استدامة الحرب السورية منذ خمسة أعوام.

تحمّل أعباء اللاجئين؟
لكن أوباما وبوتين قادران على وقف الحرب والبدء بتخفيف لا بل إنهاء هذه الأعباء وبدل ذلك فشلا في الاتفاق، بما يعني اننا سنكون أمام موجات اضافية من اللاجئين، فاستعدوا أيها اللبنانيون على رغم ان عدد اللاجئين تجاوز المليونين وبلغت نسبتهم ٤٣٪‏ قياساً باللبنانيين، ولم يحصل لبنان سوى على ٣٢٪‏ من المبالغ التي قررتها له مؤتمرات المانحين، والمؤسف ان يضطر ديبلوماسي أوروبي الى السخرية من بيان العشرين الكبار عن تقاسم الأعباء، بالقول إن هناك فرقاً بين التعهّد وتطبيق هذا التعهّد. عندما يضطر وزير الزراعة الصديق أكرم شهيب الى القول صراحة، إن التدابير لوقف التهريب الزراعي من سوريا الى لبنان قد فشلت لأن هناك قوى تدير هذه العمليات، فمن الذي سيضبط الحدود الفالتة للحيلولة دون غرق لبنان في المزيد من أعداد اللاجئين؟

وعندما نكون عشية مؤتمر تعقده الأمم المتحدة على قاعدة البيان الفضيحة، الذي أصدره بان كي - مون قبل أشهر داعياً الى حل مشكلة اللجوء باعطاء الجنسية لهؤلاء، فان ذلك سيفجر الأوضاع ليس في لبنان وحده، وهو الذي لا يمكنه ان يغرق في بحر من اللاجئين، بل في المنطقة كلها، خصوصاً أنه يقدم هدية العمر لاسرائيل عبر اسقاط نهائي لحق العودة.
تقاسم الأعباء؟

كان من الضروري ان يتأمل المراقب في وجه أنغيلا ميركل وهي تستمع الى بيان تحمل الأعباء، في ظل الهزيمة المرة التي مني بها حزبها في مكلنبورغ - فوربومرن معقلها الانتخابي، بسبب سياستها حيال اللاجئين، وعندما تقول: "علينا التفكير الآن في ما يمكن ان نفعله لاستعادة ثقة الألمان"، فذلك يعني انها ستخفف هذه الأعباء التي تضج بها أوروبا، بينما ليس من شاغل عندنا في لبنان السعيد سوى المضي في تعطيل الدولة وتدمير السقف على رؤوس الجميع!