المدعي العام المدني للمحكمة الأوروبية يطالب ببطلان حكم إلغاء اتفاقية المغرب والاتحاد الأوروبي بسبب الصحراء

&حسين مجدوبي

&في تقرير له متوازن ولكنه غامض، طالب المحامي العام في المحكمة الأوروبية أمس الثلاثاء ببطلان الحكم الصادر عن المحكمة الأوروبية القاضي بإلغاء اتفاقية التبادل الزراعي والمنتوجات البحرية لأنه يشمل الصحراء الغربية. وقال إنه لا داعي لإلغاء الاتفاقية طالما أنه لا تعترف أي دولة أوروبية بمغربية الصحراء.

وكانت المحكمة الأوروبية في مرحلتها الابتدائية قد أصدرت حكما يوم 10 كانون الاول/ديسمبر الماضي يقضي بإلغاء اتفاقية الزراعية والمنتوجات البحرية بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، وجاء في نص الحكم أن منطقة الصحراء المتنازع عليها لم يتم البث في سيادتها، وبالتالي لا يمكن أن تقوم بتصدير منتوجات الى أسواق الاتحاد الأوروبي. ورغم قرار الإلغاء، أبقى الاتحاد الأوروبي على الاتفاقية في أفق معرفة حكم الاستئناف ليتخذ قراراً نهائياً حول الإلغاء أو الإبقاء عليها. وكان البرلمان الأوروبي قد ألغى اتفاقية الصيد البحري سنة 2011، مما جعل المغرب والاتحاد الأوروبي يتفاوضان من جديد، حيث جرى تمييز الصحراء ببنود خاصة.

وشكل قرار الحكم يوم 10 أزمة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، وجاء الاستئناف الأوروبي ضد الحكم منذ شهور. وتقدم المحامي العام وهو منصب يشه المدعي العام المدني في المحكمة الأوروبية، بتقرير يوم الثلاثاء من الأسبوع الجاري يعارض فيه الحكم الابتدائي الصادر يوم 10 كانون الاول/ديسمبر. ويمكن تلخيص التقرير الشائك للمدعي العام المدني في ثلاثة محاور رئيسية وهي:

في المقام الأول، توقيع الاتحاد الأوروبي مع المغرب على اتفاقية تجارية لا يعني مباشرة تطبيقها في الصحراء الغربية طالما أن الاتحاد الأوروبي ودوله لا تعترف نهائياً للمغرب بالسيادة السياسية على الصحراء، أي أن التوقيع يتم على مبدأ الخريطة المغربية المعترف بها دولياً.

في المقام الثاني، على ضوء الموقف الأوروبي من السيادة على الصحراء، أي عدم الاعتراف، يجب بطلان الحكم الصادر يوم 10 كانون الاول/ديسمبر الذي ألغى الاتفاقية التجارية الموقعة بين المغرب والاتحاد الأوروبي لأنه يقوم بشكل غير مباشر على فرضية سيادة المغرب على الصحراء.

ثالثاً: يعتبر المحامي العام أم المدعي العام المدني أن جبهة البوليساريو هي ممثلة للشعب الصحراوي سياسيا على المستوى الدولي، لكن هذا لا يسمح لها بامتلاك صفة تمثيل مصالحه التجارية أمام المنتظم الدولي خاصة في ظل اعتبار إسبانيا ذات مسؤولية إدارية لأنها قوة استعمارية سابقة لمنطقة لم يحسم بعد في الأمم المتحدة في سيادتها.

ولا تعتبر مواقف المدعي العام المدني الأوروبي ملزمة للمحكمة الأوروبية، ولكن عادة ما يتم أخذها بعين الاعتبار. وسيصدر الحكم خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر المقبل. وسيكون نوع الحكم حاسماً في دعوى أخرى رفعتها جبهة البوليساريو ضد اتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي.

ويعتبر القرار متوازناً ولكنه يزيد من غموض الموقف الأوروبي في هذا الملف الذي يحضر بقوة في علاقاته مع المغرب أساساً وبالمغرب العربي نظرا لمواقف الجزائر منه. وفي تقييمه لتعليل المدعي العام، يقول لجريدة «القدس العربي» المحامي صبري لحو وهو الخبير في القانون الدولي والصحراء أن «مضمون خلاصات المحامي العام بمحكمة العدل الأوروبية، تنسجم مع موقف الآتحاد الأوروبي الداعم للعملية السياسية، حيث لا يتجاوز الاعتراف للبوليساريو بأكثر من اعتمادها للتمثيل السياسي، ولا يمتد إلى حق التقاضي ولا للدفاع عن المصالح التجارية للصحراويين، كما أنه لا يعترف للمغرب بسيادته على الإقليم، وهو ما جعله يطلب إلغاء حكم المحكمة الأوروبية بحيثية ان الاتفاق المطلوب الغاؤه لا يطبق على إقليم الصحراء».

ويضيف «وان اعتمدت محكمة العدل الأوروبية هذه الخلاصات ستجعل المغرب منتصراً بالنظر الى نتيجة القرار الذي قد يكون حكماً برفض او عدم قبول طعن البوليساريو، بينما سيجعل البوليساريو تتغنى بحيثية أن وضع الاقليم في الصحراء غير نهائي».

وهكذا، فالتقرير يشكل موقفاً سلبياً للمغرب لأنه يؤكد عدم سيادته على الصحراء الغربية ويحدث هذا مع أكبر شريك اقتصادي وسياسي وهو الاتحاد الأوروبي، كما يعتبر سلبياً للبوليساريو لأنه ينزع عنها الانفراد بتمثيلية المصالح التجارية للصحراويين.

وعلاقة بهذه النقطة الأخيرة، قد يستعمل المغرب قرار المدعي العام في حالة ما إذا تبنته المحكمة الأوروبية لكي يطعن في الدعاوي الذي تقدمت بها البوليساريو في ملف الثروات الطبيعية الذي تحول الى واجهة من واجهات الصراع بين الطرفين.