عبدالله بن بخيت&

أحذّر الشخصيات الهامة والمشاهير ومن صف في صفهم من مغبة التصرفات الصغيرة الخاطئة أو الآثمة في الأماكن العامة. لم تعد الأمور كما كانت من قبل. الميديا في يد كل من كان ونشرها يتم في الحال. الناس تحب الشماتة وتكره النفاق وهذا كاف لإنتاج الفضيحة. لم تعد الأماكن المفتوحة آمنة. المطاعم وأماكن اللهو بدرجاتها التحريمية أصبحت تحت رقابة الجماهير. في الماضي من السهل أن تلوذ شخصية من الشخصيات الكبيرة في ملهى خاثر في باريس أو لندن وفي الصباح يعظ الناس ما شاء له النفاق أن يعظ. كان هؤلاء يقعون ولكن فضيحتهم لا تتعدى محيطهم.

&حدثت قصة طريفة في الرباط في فترة الثمانينات من القرن الماضي، من الصعب أن أقص تفاصيلها كما سمعتها. شاهد مسؤول عربي كبير مجموعة من شباب بلاده في بهو فندق يتضاحكون مع عدد من الشابات، تعرف على جنسيتهم من لهجاتهم فانقض عليهم تقريعاً وتوبيخاً وكان مما قال هل أنتم كفو تمثلون بلادكم، من أرسلكم هو الذي يحتاج إلى تربية وليس أنتم وهكذا استمر في محاضرة عظيمة تدل على الشهامة والتدين وحب الوطن. شعر الشباب بالخجل من تصرفاتهم التي لا تمت لأخلاق وعادات بلدهم الطيب بصلة "البتة". شكروا المسؤول على هذه النصيحة العصماء وتعهدوا له ألا يكرروا فعلتهم الشنيعة مرة أخرى. ولكن للشباب طلعاته التي يصعب التحكم فيها. ذهب اثنان منهما إلى ملهى منزو وغير معروف في كازا طلباً للمتعة المقرونة بالستر. ما أن دخلوا الملهى حتى شاهدوا سعادته بكامل هيبته الوعظية مرتزاً بصورة لا تليق حتى بمراهق داشر. رغم الأدخنة التي تطلقها مئات السجائر استطاع الشباب أن يلمحوا سعادته غارقاً في كل ما نهى عنه.

&انتشرت فضيحة ذلك المسؤول في نطاق ضيق. هذا لا يمكن أن يحصل اليوم. الجوالات بالمرصاد. ما الذي كان يمكن أن يحدث لسعادة المسؤول الغيور لو كان بين يدي الشابين المكلومين جوالات. الرجل وضع نفسه هدفاً. المسألة ليست فقط في السلوك المنحرف ولكن في النفاق. إذا كان يعاني من انحراف وخساسة كان عليه أن يحتفظ بهما لنفسه. لا أن يتحول إلى منافح عن الوطن ومحتسب باسم الدين.

&لم تبلغ الوسائط الاجتماعية الحديثة مداها الفضائحي بعد. معظم ما نراه منها اليوم من صور فضائحية لا يتعدى الصور التي تلتقط بالمصادفة أو بالتقصد الشخصي. أتوقع أن الأمر سوف يتجاوز المصادفة والتقصد الشخصي إلى التقصد المؤسسي.

&كانت عصابات المافيا توقع بالشخصيات الكبيرة في خساستهم المنزوية ثم يتم تصويرهم وابتزازهم. سوف تنشأ مؤسسات تجسس وابتزاز تترصد المسؤولين في العالم وخصوصاً في دول العالم الثالث الذي يعد النفاق جزءا محبباً من أخلاق الحياة اليومية. كانت المافيا تعمل لصالحها، تصور وتهدد وتستلم الفدية. هذا الأمر سوف يتحول إلى نشاط تجاري معلوماتي. تتخصص شركات في تصوير الشخصيات التي يتناقض سلوكها مع قيم بلدانهم وكلامهم لمصلحة من يدفع. الإيقاع بالضحية في الماضي يحتاج إلى مجهود كبير. زرع كاميرا، استدراج الشخصية، تأمين أفخاخ "فتيات مثلاً". اليوم لا يتحاج الأمر إلا إلى المتابعة، وطاولة بالقرب من طاولة سعادته في الملهى أو في المطعم ليتم كل شيء بنجاح.

&هل يستطيع أي شخص أن يتفادى مثل هذه الفضيحة. أعتقد نعم وبسهولة. يقول المثل المصري "امشِ عدل يحتار عدوك فيك".