عدنان فرزات

في الوقت الذي تعالت فيه الأصوات «الحنونة»، «الرقيقة» من جماعة Oh No على أضاحي العيد، مستنكرة هذه الوحشية التي تمارس على الخراف.. كانت داعش تنشر صوراً وفيديو لـ19 شاباً نحرتهم في دير الزور السورية، ولم نسمع من أصحاب هذه القلوب الرحيمة ولا كلمة واحدة، إما Oh أو حتى NO.

هذا التعامل مع الموضوع بمكيالين يعكس عدة أمور: إما إن أصحاب هذه القلوب الرحيمة يخشون على أنفسهم من داعش، لأن نطحة الخراف غير قاتلة، وإما إنهم يغازلون بريجيت باردو وجمعياتها المعنية بالرفق بالحيوان، وإما لديهم حقول جرجير وسبانخ وخس ومزروعات نباتية يخشون عليها من منافسة اللحوم.

صديق لي على الفيسبوك، وهو بالمناسبة مثقف ومرهف الإحساس يدعى مهند المسباح، تورط ونشر صورة له مع رؤوس الأضاحي، معتبراً أنه قام بإحدى الشعائر الطبيعية في العيد، لكن إحدى المتابعات له ساءها المنظر، وكتبت تعليقاً تستهجن فيه فكرة الأضاحي، ولأن مهند خلوق في الرد وفي الوقت نفسه سبق له أن اشترى كل رواياتي، فأردت أن أدافع عنه فكتبت التعليق الآتي على صفحته: «هذه دورة الحياة، الغذاء من أجل البقاء، ومَن قلبه مرهف ويريد أن يصبح نباتياً فقد أكدت العديد من الدراسات أن النبات أيضاً يحس ويتأثر بالموسيقى وطبعاً يتنفس.. وبالتالي فقطفه أيضاً مؤلم إنسانياً.. ما ظل أمامنا سوى الرهش».

يفترض بنا أن نحترم جميع الشعائر والطقوس لكل الأديان والمعتقدات. ومن غير التحضر أن نتهكم عليها طالما أنها لا تؤذي بشراً. أتذكر في طفولتي كنا نتجاور في المسكن مع عائلة مسيحية كريمة، وكان لدي شقيقة ترسم ببراعة، وفي عيد الفصح المجيد تقوم برسم لوحات وزخرفات على البيض وتهديهم إياها، أليست هذه هي الليبرالية والتعددية والتسامع الحضاري بعينه؟ أم أنه باعتقاد المتهكمين على الشعائر والطقوس أن هذا يجعلهم عصريين ومتحضرين؟

بعض المثقفين الذين يناصرون الخراف، ويحزنون على البيض لأنه كان مشروع كائن حي، سواء ديكاً أو دجاجة، بالمستقبل، رأيتهم بأم وأب عيني وهم ينقضون مثل نسور على ولائم الخراف والدجاج في المهرجانات الثقافية، وبعد أن ينتهوا من شرب ليتر من اللبن المستخرج من الأغنام، ويتحلون بحلوى مضاف إليها زبدة الأغنام، يصعدون مثقلين إلى غرفهم في الفندق ليجلسوا على أريكة مصنوعة من صوف الأغنام، ليكتبوا مقالة «دسمة» عن وحشية البشر، علماً بأن صحن التبولة النباتي لم يمسسه، وظل مستوحشاً على المائدة.