&عمرو عبد السميع

يخطئ من يتصور أن صعود اليمين فى أوروبا وأمريكا هو مجرد (موجة حارة) كتلك التى عبر عنها الراحل أسامة أنور عكاشة فى رائعته: (منخفض الهند الموسمي)، إذ يتسم ذلك الصعود والهيمنة اليمينية باستنادهما إلى ركائز معمرة بطبعها وسوف يستمر تأثيرها لسنوات وربما لعقود قادمة.

نحن ـ بالعربى أمام إحياء للنزعة القومية الألمانية العرقية فى عدد من البلاد بما يشبه بعث النازية من جديد واستدعاء حضورها التاريخى مرة أخرى ويتضح ذلك ـ مثلا ـ فى النمسا عند حزب الحرية بزعامة هايدر الذى يقوم على إحياء تلك النزعة القومية الألمانية والتعاطف مع النازية ومحاربة الهجرة أو البقاء فى الاتحاد الأوروبي، ونحن فى المجر أمام حركة يوبيك (الحركة من أجل فجر أفضل) وقد أصبحت الحركة الفاشية الأشهر والأكثر شعبية فى أوروبا، وقد شكلت قاعدة مزاجية فى البلد صعد بسببها رئيس الوزراء الحالى للحكم.وفى فرنسا تتقدم (الجبهة الوطنية) بقيادة ماريان لوبان بخطى وئيدة وبما جعل أبيها جون مارى لوبان يأتى ثانيا بعد جاك شيراك فى انتخابات ماضية، وتقود ماريان حزبها ضد المهاجرين وكل ما يتقاطع مع الثقافة الفرنسية، كما تتحالف مع كل المنظمات التى تمثل النازية الجديدة،

وفى اليونان يبرز ـ الآن ـ حزب (الفجر الذهبي) وهو حزب فاشى يشن هجمات ضد المهاجرين والأقليات القومية فى اليونان ويحاول بعث مجد الإمبراطورية اليونانية فى الأناضول وهو معاد ـ بشدة ـ للأتراك.أما فى ألمانيا فإن حزب ألمانيا القومى الديمقراطى يتكئ على ذات المرتكزات.وتبقى بعد ذلك أحزاب ليست نازية أو ميالة إلى الروافد الفكرية المبلورة للنازية، ولكنها الأقرب للتعاون أو الائتلاف معها مثل (حزب اليمين الجديد) فى بولندا وهو ليس قوميا بالمعنى العرقى ولكنه محافظ بشدة، وكذلك حزب (الشعب) الأسبانى الذى فاز فى الانتخابات مؤخرا، وحزب (يوكيب) أو الاستقلال البريطانى الذى حقق من خلاله زعيمه نايجل فاراج أكبر انتصاراته بإسهامه المؤثر فى حملة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى فى الشهر الماضي.ولكن ما هى الخلفيات التى أفضت إلى ذلك الطفح اليمينى على أوروبا والغرب على النحو الذى نراه حاليا؟.

وما هو الفارق بين صعود اليمين المتطرف فى أوروبا وظهور ترامب كأبرز نجومه فى الولايات المتحدة الأمريكية؟وأسئلة كثيرة تفرض أن يكون لهذا الحديث بقية.