&مشاري الذايدي&

خرج أبو محمد الجولاني، زعيم جبهة النصرة المنضوية في «فتح الشام» الجديدة، بمواقف مثيرة في مقابلة مع قناة «الجزيرة» السبت الماضي.

الجولاني، الذي تستهدف جبهته، وتحالفه، روسيا وأميركا وإيران، والأمم المتحدة، أيضا، قال أشياء لا يجوز تجاوزها دون تأمل.

هو يرى أن الاتفاق الأميركي الروسي الأخير، هدفه القضاء على كل القوى «الحقيقية» التي تحارب بشار، والغاية الحرب على الوجود السني الفاعل ببلاد الشام، كما يفضل أن يسمي سوريا، وأنه حتى لو جاء تجمع آخر، ليس جبهة النصرة، وكان يملك الكفاءة العسكرية لمحاربة بشار، لاستهدفه الروس والأميركان، و«الخواجا» دي ميستورا.

الأمر، بوضوح، من منظور الجولاني هو أن: «أهل السنة بالشام اليوم في مرحلة ضياع ودفاع عن بقاء ووجود».

ويقترح لذلك: «ضرورة توحد كافة فصائل الساحة الشامية على ثوابت تحمي الشريعة، وتصون أهل السنة وتستمر في الجهاد حتى سقوط النظام».

ويبشر الخائفين بأنه: «بقيت خطوات بسيطة أخرى لنصل لاتفاق عام وشامل، يفرح به المسلمون في الشام بإذن الله». وماذا عن بقية السوريين من غير المسلمين أو السنة؟!

الجولاني كان أعلن في يوليو (تموز) الماضي، طلاقه مع «القاعدة».

كثر، أنا منهم، لم يصدق انفكاك الجولاني، وبقية تلاميذ أسامة والزرقاوي، بسلاسة عن ثقافة «القاعدة».

لكن شكنا بالجولاني وطلاقه عن «القاعدة»، لا ينفي أن الرجل، في كلامه الأخير، وضع يده على مكامن الداء العضال في سياسة واشنطن السورية.

مساندة الروس لبشار، واضحة تماما، يبقى الحديث عمن يفترض به دعم المعارضة السورية «المعتدلة» أي إدارة أوباما. هي ليست مساندة، بل مصيبة كبرى على القضية السورية، وكما قال الشاعر الشعبي الحكيم (بصري الوضيحي) من وسط الجزيرة العربية:

يا ليتنا من حجنا سالمينا/ كان الذنوب اللي علينا خفيفات!

لا يلام الجولاني في مقاربته الطائفية للموضوع، فسياسات موسكو، وبلايا واشنطن، تسوق الأمر سوقا نحو هذه المقاربة.

ما جرى - بإشراف الأمم المتحدة - في داريا والزبداني والمعضمية، من تفريغ للسكان وتهجير، وهم من السنة، لصالح خريطة شيعية سياسية، كيف نفهمه؟!

الضلال الأميركي، لا مراء فيه، وسواء اعتبر الأمر بسوء نية من الرئيس «الصابر الاستراتيجي» أوباما، أو بغباء عنيد، فإن النتيجة واحدة، وهي خلق بيئة مثالية للغضب السني، السائغ.

لكن يبقى سؤال لا بد من طرحه على الجولاني، وهو: أليست «القاعدة» هي من أساء لقضية أهل السنة من قبل، عبر استهداف الأمن العربي، بل عبر التعاون مع طهران ضد السعودية وغيرها، في لحظات ما؟!

القضايا العادلة تضعف وتقوى حسب محاميها.

&

&