&سعيد الحمد

هذه هي الخلاصة في الزوبعة المجنونة التي أثارها خامنئي بعبارات وكلمات لا يجب أن تصدر عن زعيم دولة.

وكما قال العرب: «كل إناء بما فيه ينضح» ولن نقف طويلاً أمام عباراته المنفلتة بلا تحسّب، فالزعيم المتوّج فوق عرش طهران أدرك ان تسييس الحج بالطريقة العنيفة التخريبية الخطيرة على المسلمين كافة قد فاتته ولن يدرك تنفيذها كما خطط وكما توعّد وكبار مساعديه بتحويل موسم الحج الى جحيم لا يطاق «التصريحات موجودة وموثقة».

وفي ذروة انفعاله أسقط فريضة الحج وركنًا أساسيًا من أركان الاسلام ودعا الى بديل للحج، ما آثار دهشة الشيعة في العالم من هذه الدعوة العجائبية التي لم يسبقه إليها السابقون ولن يقلّده فيها اللاحقون.&

وحده أبرهة الحبشي من فكر ومن نازعته نفسه الى استحداث بديل عن مكة، فأطلق أبو طالب مقولته الشهيرة والتي تردد صداها «إن للبيت ربًا يحميه».

ذُهل الشيعة من دعوة خامنئي باستبدال الحج الى مكة والمدينة حتى حزب الله المسحوب بلا تحفّظ على النظام الايراني وعلى خامنئي شخصيًا لم يستطع ولم يصدر عنه «الاعلان رسميًا لقرار اسقاط ركن الحج عن محازبيه وأعضائه وأنصاره».&

فالشيعة في لبنان وإن أغواهم أو أرغمهم الايرانيون أو حزب الله على الصمت فيما يجري من فرض وصاية خامنئي ونظامه على لبنان العربي فإنهم فيما لو اقدم حزب الله على «إسقاط ركن الحج» لن يصمتوا ولن ينصاعوا وهو ما يعرفه حسن نصر زعيم الحزب معرفة مؤكدة عن شيعة لبنان العرب.

دعوة خامنئي لإسقاط فريضة الحج لم تجد ترجمة ولا صدى لها في الوسط الشيعي والجعفري العربي والعالمي بل صدرت استنكارات شيعية عديدة فيما مارس البعض الصمت المستنكر والرافض لمثل هذه الدعوة الغرائبية التي صعقتهم حد العجب العجاب!!&

وحده حزب الدعوة العراقي الذي خرج عن الاجماع العربي في مجلس جامعة الدول العربية ورفض بيان وزراء الخارجية العرب الذي أدان تسييس الحج، وهو موقف متوقع من الحزب الذي يحكم العراق باسم ايران ونظامها، وحتى وزير خارجية لبنان جبران باسيل تغيّب عن الحضور وهو المسيحي المنحاز الى ايران خجلاً وخشية من يتورط في موقف سياسي منحاز الى اسقاط ركن من اركان الاسلام، وهو ما لم يخشاه حزب الدعوة الذي نصّبته ايران حاكمًا باسمها على عراق العرب والعروبة، وهي حكاية تطول.&

ونستدرك لنشير الى تسريبات شبه مؤكدة الى ان حزب حسن اللبناني اصدر تعميمًا شفويًا الى اعضائه ومناصريه بعدم الذهاب الى السعودية ومقاطعة الحج، لكنه لم يصدر التعميم بشكل رسمي، بحيث ترك لنفسه مساحة للتراجع والنكران والتنصّل من قراره الشفوي ليضرب كما يتصور عصفورين بحجر واحد، فهو من ناحية ينال الرضا من مرشده الاعلى خامنئي ولن يتذمر أو يستنكر قراره شيعة لبنان. &

وستلاحظ في تصعيد خامنئي من هجومه على السعودية ان قراره بإسقاط فريضة الحج جاء ردة فعل منفلتة بلا ضابط شرعي يضبطها على قرار السعودية بمنع تسييس الحج، وهو قرار صائب، ففريضة الحج فريضة ربانية كلف بها رب العزة والجلالة المسلمين القادرين على ادائها. فما دخل السياسة والخلافات والمشاريع والافكار والايديولوجيات السياسية فيها، وكيف يتغوّل البعض ويتنمّر ويحوّل الساحات المقدسة في مكة والمدينة الى ساحات صراع سياسي مذهبي برائحة طائفية تمزّق المسلمين، فيما فريضة الحج تجمعهم في ساحة واحدة وعلى قلب واحد!!؟؟&

هل قرار خامنئي يعكس هستيريا الزعامة والعمامة في قم، أم هو تعبير عن ذروة الغرور المفرط والاستعلاء والاستكبار الصفوي الذي طفح في العقلية المتربّعة على عرش طهران والمتطلعة الى الجلوس على عرش العالم؟؟