&ليام فوكس

لقد زرت دولة الإمارات العربية المتحدة في عام 1993، عندما كان كثير مما تحقق من حولنا اليوم رؤية طموحة في عيون قادة الإمارات، ولربما كان البعض يتصور أنها رؤية غير قابلة للتحقق. ومنذ ذلك الحين، عرفت الإمارات حق المعرفة، وأعجبت بتطورها المذهل. ودبي، التي كان تعداد سكانها قبل 50 عاماً مضت 40 ألف شخص فقط، أصبحت مدينة عالمية بحق، لها مناقب معمارية تدفع حدود الممكن. وقد أضحت الإمارات محوراً دولياً يخدم العالم بأسره وليس الشرق الأوسط وحده.

وعلمت أثناء عملي كوزير للدفاع مدى أهمية واتساع الروابط بين المملكة المتحدة ودولة الإمارات، إذ يعتمد أمن كلا الشعبين على تلك العرى الوثيقة.

وكما أن تعاوننا الدفاعي يعزز أمننا المتبادل، تدعم روابطنا التجارية ازدهارنا المتبادل. ولعل الأرقام تتحدث عن نفسها، لا سيما أن الإمارات رابع أكبر سوق للمملكة المتحدة خارج أوروبا. وزادت صادراتنا بنسبة 37٪ منذ عام 2009. وقد حققنا قبل عامين، هدف مجلس الأعمال الإماراتي البريطاني بوصول حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 12 مليار جنيه استرليني. وتوجد 5000 شركة بريطانية نشطة في الإمارات.

لذا، ليس من المفاجئ أنني قررت زيارة الإمارات في بداية عملي كوزير للتجارة الدولية. وأرى كثيراً من الإمكانات لتعزيز النمو في العلاقات الثنائية بيننا، وأدعم بقوة الهدف الجديد لمجلس الأعمال بوصول حجم التبادل التجاري السنوي بين البلدين إلى 25 مليار جنيه استرليني بحلول عام 2020.

وأنا على يقين من أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من شأنه إتاحة فرص جديدة لشراكتنا مع الإمارات. لكني أدرك أن احتمال التغيير يمكن أن يكون مزعجاً للبعض. فقد قال البعض أن التصويت لمصلحة مغادرة الاتحاد الأوروبي كان بمثابة إدارة بريطانيا ظهرها للتجارة الحرة، ومن ثم الاتجاه نحو الانعزالية. وهذا أبعد ما يكون عن الحقيقة.

وحتى الآن لا تزال بريطانيا عضواً في الاتحاد الأوروبي، وستظل إلى أن تكتمل إجراءات الخروج الرسمية. وسنواصل استخدام تلك العضوية في الدفع نحو مزيد من التحرر الاقتصادي في أنحاء الاتحاد الأوروبي. ونرغب في أن ينجح الاتحاد الأوروبي، لكننا لا نريد أن نخضع لحكمه. ومع خروجنا، نعتزم أن نفعل ذلك بطريقة تضمن الحد الأدنى من الإزعاج لشركائنا الأوروبيين الذين سنُبقي على علاقات اقتصادية وسياسية وأمنية قوية معهم. والحقيقة أننا لن نغادر أوروبا، وإنما سننضم مجدداً إلى بقية دول العالم.

لكن دعوني أوضح سبب تفاؤلي بالمستقبل؛ فالمملكة المتحدة لديها خامس أكبر اقتصاد في العالم، والذي حقق نمواً أسرع من الاقتصادات الكبرى المتقدمة كافة في 2014، وأسرع من الجميع باستثناء الولايات المتحدة العام الماضي، ولديها نظام قانوني يحظى باحترام عالمي (يتم استخدامه في مركز دبي المالي العالمي وسوق أبوظبي العالمي)، ولديها مستويات مرتفعة من التوظيف، والبطالة فيها عند أدنى مستوياتها منذ 2005، إضافة إلى جامعات رائدة عالمياً، والمركز المالي رقم واحد في العالم.

وإلى ذلك، تعتبر المملكة المتحدة محوراً لرواد الأعمال، إذ تأسست فيها 420 ألف شركة جديدة خلال 2015. واقتصادنا الأعلى تصنيفاً على مؤشر البنك الدولي من حيث سهولة تأسيس الشركات، وفي مؤشر «كرونيل/ ويبو» للابتكار العالمي. وتوجد الآن أكثر من 3000 شركة في مدينة لندن التكنولوجية. وأربع من بين عشر شركات تكنولوجيا أوروبية تقدر قيمة كل منها بأكثر من مليار جنيه استرليني موجودة في المملكة المتحدة. والإنترنت يمثل نسبة في الاقتصاد البريطاني أعلى من أي عضو آخر في مجموعة الدول العشرين.

لكن لا تنظروا فحسب إلى كلماتي عن القوة الكبيرة للاقتصاد البريطاني، بل انظروا إلى المكان الذي يضع فيه معظم المستثمرين الدوليين أموالهم. وتبقى المملكة المتحدة الملاذ الأوروبي الأول للاستثمار الأجنبي المباشر. وقد تم الإعلان عن استثمارات جديدة مهمة خلال الأسابيع القليلة الماضية، لا سيما مجموعتي «جلاكسو سميث كلين» و«سوفت بنك» على سبيل المثال.

وقد استفادت السياحة والصادرات البريطانية من انخفاض قيمة الجنيه الاسترليني، الذي زاد أيضاً اهتمام المستثمرين ببعض القطاعات.

ورسالتي بسيطة: هي أن بريطانيا منفتحة على قطاع الأعمال، وستكون أكثر انفتاحاً بكثير. ولدينا الآن وزارة كاملة في قلب الحكومة مهمتها الوحيدة هي فتح الأسواق وتعزيز التدفقات التجارية والاستثمارية التي من شأنها تعزيز الازدهار في بريطانيا وفي أرجاء العالم.

وقد برهنت الإمارات العربية المتحدة بقوة على خطأ هؤلاء الذين شككوا في رؤيتها قبل عقدين أو ثلاثة عقود. وبالمثل، ستواجه المملكة المتحدة المشككين وستصبح المنارة العالمية الأكثر بريقاً للأسواق المفتوحة.