&نظام اقتصاد «دولة الجباية» يستنزف قدرات المصريين… والأسواق تعاني من الجشع والفوضى

&

حسنين كروم

&كان الموضوع الرئيسي في الصحف المصرية الصادرة أمس الاثنين 19 سبتمبر/أيلول عن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي لنيويورك وبرنامج لقاءاته واجتماعاته مع قادة الدول، وأبرزها مقابلة مرشحي انتخابات الرئاسة الأمريكية، هيلاري كلينتون وترامب، ومظاهر الترحيب به من جانب أفراد الجالية المصرية، خاصة أقباط المهجر.

بينما الأغلبية لا تزال مهتمة بارتفاعات الأسعار بعد العمل بقانون القيمة المضافة، حيث اشتعلت الاحتجاجات ضد شركات الهاتف المحمول بسبب زيادتها أسعار كروت الشحن، ومحاولة الحكومة التدخل لتحميل الشركات جزءا من هذه الزيادة. كما بدأت الاستعدادات لبدء الدراسة في الجامعات السبت المقبل، ما أدى إلى التردد حتى الآن في رفع أسعار تذاكر مترو أنفاق القاهرة.

كما بدأت الحكومة من الآن اتخاذ الاجراءات لتوفير أنابيب البوتاجاز بسبب اقتراب فصل الشتاء، خاصة لمزارع الدواجن حتى لا تتسبب في أزمة جديدة، لأن كل التعليمات الرئاسية الآن هي إطفاء أي مشكلة قبل اشتعالها بأي ثمن، وتوفير الحد الأدنى على الأقل من السلع التي يستهلكها محدودو الدخل، حتى لو أدى الأمر إلى زيادة تدخل الدولة والجيش في توفيرها، وهو الأمر الذي يحظى برضى الأغلبية التي يهمها توفير احتياجاتها الأساسية، سواء وفرتها الدولة أو الجيش، لأنها لم تعد تهتم بأي مشكلة سياسية، كما أنها تبدي قدرا من الارتياح إلى جدية الدولة في محاربة الفساد، لدرجة أن وزير قطاع الأعمال العام أشرف الشرقاوي اتخذ قرارا بالاستغناء عن خدمات أربعمئة من المستشارين للشركات فوق سن الستين يتقاضون سنويا مكافآت تصل إلى ثلاثين مليون جنيه توفيرا للمال العام. وإلى بعض مما عندنا.

&

استعراض همجي

&

ونبدأ تقريرنا اليوم بالمعارك والردود التي شملت مواضيع عديدة ولا صلة بينها وبدأتها زميلتنا الجميلة في «الأخبار» عبلة الرويني في عمودها اليومي «نهار» بالهجوم على الفنان محمد رمضان وقولها عنه: «مرة أخرى يمارس الفنان محمد رمضان استفزازا وعدوانية واستعراضا غير مسؤول بمناسبة عيد الأضحى، قام بنشر صورة له على «الإنستغرام» وهو يمسك برأسي عجلين مذبوحين معلقا «العجلان الأقرب إلى قلبي بحب أشارك جمهوري اللحظات الحلوة ثقة في الله». التعليق نفسه الذي سبق وأطلقه قبل أشهر عندما نشر صورته مع سيارتيه الجديدتين اللتين يتجاوز سعرهما 8 ملايين جنيه «لامبورغيني/ رولزرويس» معلقا «السيارتان الأقرب إلى قلبي بحب أشارك جمهوري». حتى لو كان محمد رمضان هو الممثل الأعلى أجرا اليوم أو الأكثر جماهيرية «بحكم تردي الذوق العام واختلال المعايير الجمالية» فلا يعني ذلك أن يخرج علينا بتصرفات لا تشارك الجمهور بقدر ما تتجاهله. صورة رمضان ممسكا برأسي العجلين المذبوحين استعراض همجي».

&

«آسفين المعلومات كانت خاطئة»

&

وإلى مذبحة أخرى غير مذبحة العجلين ومحمد رمضان وهي المذابح التي قامت بها أمريكا وبريطانيا ضد العرب وقال عنها زميلنا في «المساء» رئيس تحريرها الأسبق خالد إمام في عموده اليومي «وماذا بعد»: «بعد تدمير العراق في 2003 وسيطرة الإرهاب عليه خرج بوش الابن ومن بعده توني بلير رئيس الوزراء البريطاني الأسبق يقولان: «إحنا آسفين الغزو حدث نتيجة معلومات استخباراتية خاطئة». وبعد تدمير ليبيا عام 2011 واحتلاله من التنظيمات الإرهابية التي صنعها الغرب، خرج علينا الآن البرلمان البريطاني يقول: «إحنا آسفين تدخلنا العسكري بأمر ديفيد كاميرون رئيس الوزراء السابق استند إلى افتراضات خاطئة». يا حلاوة تدمرون دولتين وتقتلون شعبيهما وتتسببون في انهيار سياسي واقتصادي وأمني فيهما وتلهفون ثرواتهما النفطية ثم ببساطة تقولون «آسفين المعلومات كانت خاطئة». لا يا حلوين هذا كلام تقولونه عند «أم ترتر» الأمريكية أو البريطانية، من أخطأ لابد أن يحاسب ويحاكم كمان نرفض «الطرمخة» على ما حدث عامي 2003 في العراق و2011 في ليبيا وعلى الدولتين تحريك دعاوى أمام المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة الشياطين الثلاثة بوش الابن وبلير وكاميرون وكل من عاونهم أو منحهم غطاء للضرب، والحصول على تعويضات من أمريكا وبريطانيا عن الخسائر التي تعرض لها العراق وليبيا. ولعلها تكون بداية لمحاسبة ومحاكمة كل من تآمر على العرب على مدى 26 عاما ابتداء من بوش الأب حتى أوباما. منتهى الوقاحة أن تصدر أمريكا قانونا لمحاسبة الدول الراعية للإرهاب في أحداث 11 سبتمبر/أيلول وهي نفسها صانعة الإرهاب وأكبر دولة داعمة وراعية له».

&

رفعت رشاد: مصر طلعت آخر الدنيا

&

وإلى «الأخبار المسائي» اليومية التي تصدر عن مؤسسة أخبار اليوم وزميلنا وصديقنا رفعت رشاد الذي فضل السخرية منا نحن المصريين بقوله: «لدى المصريين هوس بأنفسهم الأنا والنرجسية عالية جدا، ورغم أنهم متخلفون في مجالات عديدة إلا أن صوتهم عال تجدهم يصرخون وكأنهم منتصرون، قائلين بأغنية إفراج الحصري التي سمت نفسها «ياسمين الخيام»، «المصريين أهمة حيوية وعزم وهمة». كلام فارغ خال من المضمون وإلا كنا شفنا ده بأعيننا فبلادنا شوارعها أزحم الشوارع وسكانها لا يجدون المساكن ولا حتى القبور، وصارت القبور تباع بمئات الآلاف من الجنيهات ولا أحد سأل نفسه ما الذي يحدث؟ كيف في بلد كلها صحراء ترتفع فيها أسعار القبور بهذا الشكل، ولم يسأل أحد في النظام أو في الحكومة ما الأسباب التي أدت إلى ذلك؟ مؤكدا على أن هناك أمرا وسببا، ولكن كل واحد في منصبه ينظر ولا يتحرك قيد أنملة. «المصريين أهمة» فشلوا في الدورة الأولمبية، ولكن ما حدش حاسب حد بينما لاعب أمريكي واحد حصل بمفرده على ميداليات أكثر مما حصلت عليها مصر في تاريخها، واللاعبون غلابة من وسط غلبان. رئيس اللجنة الأولمبية أظهر أنيابه وحمّر عينيه قبل أن يفتح أي حد «بقه» وباختصار كده بجح في كل اللي يفكر يهاجمه قبل ما يهاجمه فالهجوم خير وسيلة للدفاع، والراجل فشل فشلا ذريعا لكن عينيه حمرا فالكل خاف ولم يفتح ملف محاسبة ولم يجرؤ أحد على الكلام ويبدو أن الكل ملطوط، رغم أن «المصريين اللي أهمه» والكلام الفارغ ده طلعوا آخر دولة في العالم لم تطلع مصر أم الدنيا ولا اد الدنيا إنما طلعت آخر الدنيا، وها تفضل آخر الدنيا طالما نحن في واد والعالم المتسارع في واد وسلملي على الحيوية والهمة».

&

الإنجازات للرئيس أم للشعب؟

&

وإلى مقال محمود سلطان في «المصريون» وتساؤله عن هل الإنجازات للرئيس أم لشعبه؟ يقول: «الرئيس عبد الفتاح السيسي يتحدث في كل خطاب له عن «الإنجازات»، ويصفها بلهجة تحدٍ بأنها «غير مسبوقة».. والأخيرة تشير ضمنيا إلى معنى يريد توصيله للرأي العام، يفيد بأنه «تفوق» على من سبقوه وتعاقبوا على حكم مصر. في منتصف مايو/أيار الماضي 2016، قال وزير الكهرباء أمام الرئيس، إن السد العالي خرج من الخدمة! صحيح أن السيسي «انفعل» وطالب الوزير بأن لا يتحدث في هذا الموضوع.. وثار جدل حول: وماذا بعد خروج السد من الخدمة؟ الجدل كان في سياق النيل من «كفاءة» النظام الذي جاء بعد 30 يونيو/حزيران ولم يلتفت إلى أن «زلة لسان» وزير الكهرباء، ربما لم تكن عفوية، بل جاءت في سياق «الخدمة» على تقديم صورة توحي بأن «الحاضر ـ السيسي» هو الأفضل من الماضي «السد ـ عبد الناصر»: فالسد خرج من الخدمة، ومع ذلك نجح الرئيس في حل مشكلة الكهرباء التي لم تنقطع خلال صيف 2016.. وهو ـ كما يراد منه ـ إنجاز غير مسبوق، تفوق على السد «العجوز» بكل ما يحمله ذلك من دلالة ومعنى. ولكن سؤالا يختفي خلف هذا الصخب الإعلامي والاحتفالي بالإنجازات، يتعلق حول ما إذا كانت تلك «الإنجازات» قد حققها الرئيس لنفسه أم لشعبه؟ ولا يمكن بحال أن ننكر على الرئيس، أن هذا حقه، وحق أي رئيس دولة في العالم، فالإنجازات تُضاف للطرفين: لرصيد الرئيس السياسي والتاريخي.. ولرصيد شعبه كتحسن في الخدمات والرعاية، ولكن في الحالة المصرية، فإن هذا السؤال يمثل تحديا كبيرا للسيسي؛ لأن الإنجازات الضخمة، بدت وكأنها لتحسين صورة الرئيس وليس لتحسين أوضاع الشعب المعيشية: فقناة السويس الجديدة، وشبكة الطرق، وربط مدن القناة بسيناء عبر أنفاق ضخمة، والعاصمة الإدارية، قد تكون فعلا مشاريع ضخمة، ولكنها «صاخبة» وبدون عائد سريع لشعب تدهسه عجلات الفقر والمرض والجهل والأمية وتخلف التعليم، والفساد المتفشي في كل مؤسسات الدولة، وتنتظره أيام أسود من قرن الخروب خلال شهور؛ سدادا لفواتير قرض صندوق النقد الدولي. بدت تلك «الإنجازات».. وكأنها تهدف إلى جني مكاسب سياسية سريعة؛ تعزز صورة «الزعيم السوبر» أمام الرأي العام.. وليست لجني ثمار سريعة للشعب المطحون تحت عجلات الفقر «الدكر». هذه الصورة، تجعل السؤال عما إذا كانت الإنجازات للرئيس أم لشعبه، سؤالا مشروعا وإصلاحيا في الوقت ذاته. بات من الواضح أن ثمة تعبئة تحشد المصريين صوب المسار الخطأ.. ولا أدري ما إذا كان وقت التصحيح قد فات أم لا؟ إذ يظل ذلك رهن استعداد النظام للانفتاح على خبرات أكثر وعيا ونضجا ممن يعتمد عليهم حاليا».

&

اقتصاد البلاد يمر بمرحلة «عنق الزجاجة»

&

ومن سخرية رفعت رشاد من «المصريين أهمة ومصر هتبقي أد الدنيا» إلى جريدة «الوفد» ومعركة أخرى خاضها رئيس تحريرها السابق زميلنا مجدي سرحان في عموده اليومي «لله والوطن» ضد ما يحدث لـ«المصريين أهمة» بقوله: «أزمة كروت شحن خطوط التليفون المحمول نموذج آخر لحالة الفوضى والجشع والتخبط التي تعانيها الأسواق وتفرم المستهلكين في ظل نظام اقتصاد «دولة الجباية» القائم على استنزاف كل قدرة البشر على تمويل الموازنة العامة من نواتج عملهم في شكل ضرائب ورسوم والتنازل ـ مجبرين ـ عن كل أشكال الدعم التي يمكن أن يحصلوا عليها للسلع الأساسية والخدمات فينعكس ذلك على ارتفاع الأسعار. ويلجأ التجار إلى أساليب احتكارية جشعة والى تحميل سلعهم بفارق ما يدفعونه للدولة مستغلين ضعف أو غياب وسائل أو أجهزة الرقابة مع عجز المواطن عن اتباع «نمط استهلاكي رشيد» يجنبه الأزمات. حلان عاجلان لا ثالث لهما لإنهاء هذا الوضع العبثي الذي بات ينذر بتطورات اجتماعية وسياسية سلبية وخطيرة كفيلة بهدم كل ما يبذل من جهود للتنمية والبناء والإصلاح والحفاظ على أمن وسلامة الوطن. الأول يقع في نطاق مسؤولية الدولة وهو ضرورة التحرك الفوري والسريع لتوحيد «الهوية الاقتصادية» ولن يكون ذلك بإلغاء ما تم تطبيقه من ضوابط وقيود، بل بفرض نظام سوق ملائم يضبط الأسعار حتى لو لزم الأمر العودة لنظام التسعيرة الجبرية. والثاني في يد الشعب بالامتناع التام عن التعامل مع التجار الجشعين المتلاعبين بالأسواق وتركهم يغرقون في بضائعهم «البايرة»، ثم ترشيد الاستهلاك بتقليل كميات ما نشتريه من سلع، والاستغناء عن الكثير من الكماليات لحين تجاوز مرحلة «عنق الزجاجة» التي يمر بها اقتصاد البلاد وصولا إلى تصحيح المسار الاقتصادي نفسه بالتحول إلى نمط الاقتصاد الإنتاجي القوي فهل نستطيع شعبا ودولة أن نفعل ذلك؟».

&

السيسي والأقباط

&

وإلى زيارة الرئيس السيسي للأمم المتحدة وإرسال الكنيسة الإرثوذكسية وفدا لدعم زيارة الرئيس ودعوة أقباط المهجر للترحيب به، وقال يوم الأحد زميلنا وصديقنا حمدي رزق في عموده اليوم في «المصري اليوم» أنه تلقي تعليقات عديدة على ما كتبه مرحبا بموقف الكنيسة وأضاف: «دعت الكنيسة الإنجيلية إلى صلاة الأحد تبريكا لنجاح زيارة السيد الرئيس، وأوفدت وفدا كنسيا إنجيليا يحتفي بالرئيس ويخاطب إخواننا في المهجر أن ادعموا مصر. وتلقيت رسالة من الكاتبة مريم توفيق عضو اتحاد الكتاب معلقة بكلمات طيبات على ما جاد به القلم حبا لأخوتنا في الوطن، وتقديرا لكنيستنا الوطنية، واعتبارا لمكانة بابا المصريين في نفوس المسلمين تقول مريم: «وبما أنني من أقباط مصر فاسمح لي أن أبوح ببعض الأشياء التي عايشتها بالفعل ومازلت كلما التقيت بالأصدقاء، لم يكن البابا شنوده للأقباط بطريرك الكرازة المرقسية فحسب بل كان الملاذ الآمن لكل من واجهته مشكلة، ولو كانت على المستوى الخاص. لعدة عقود اعتاد الأقباط على «السير جنب الحيط» والاحتماء بأسوار الكاتدرائية إذا تعرضوا لظلم أو اضطهاد يرتأون الحل في كلمات التعزية من البابا شنودة، الذي يدعوهم للصلاة والشكوى لله الذي بيده رفع المظالم، وكانت له كلمته الشهيرة «ربنا موجود». البابا شنودة كان مفوّها قادرا على الإقناع خفيف الظل، لكن لا أحد ينكر أن الرهبة منه في الوقت ذاته مكمنها عيناه اللتان ترسلان بريقا يخترق الروح، هذا البريق جعل الأقباط ينظرون إليه باعتباره قديسا معاصرا يسير بيننا. وجاءت الثورات التي بدلت أحوال الأقباط فتمردوا على الأسوار الشاهقة وراحوا يثورون في التحرير ليس من أجل العيش فقط، بل من أجل الحرية والتمرد على مشاعر الإحباط التي جعلتهم خانعين مقهورين غير قادرين حتى على البوح إلا في ما بينهم. مع الأسف البابا تواضروس دائما ما يضعه الأقباط في مقارنة مع البابا شنودة رغم أنه لا يقل وطنية عنه، فأنا أثمّن له التواصل مع القيادة السياسية بما فيه مصلحة الوطن على كل الأصعدة. يحث الأقباط على المشاركة الفاعلة من أجل دور أكبر لشركاء الوطن. البابا يعلم أنه لولا ثورة الثلاثين من يونيو/حزيران لانهارت الكاتدرائية وباتت أنقاضا. البابا تواضروس حين يطلب الوقوف إلى جوار الرئيس الوطني المخلص بحسن استقباله دوليا ودعمه في هذه المرحلة الحرجة، إنما هو دعم لمصر الكنانة وشعبها الأبى فرفقا بقداسة البابا ولننحِّ المقارنة الظالمة جانبا الكل يؤدي دوره إرضاء لله رب الكل أولا ثم الوطن حفظ الله أمتنا من كل مكروه» .

&

البابا تواضروس يضع كل بيضه في سلة النظام

&

وأمس الاثنين تعرض البابا تواضروس إلى هجوم في «المقال» من زميلنا خالد يوسف محمود قال فيه: «كلما تعالت الأصوات الرافضة لتدخل الكنيسة في السياسة نجد البابا تواضروس مصرا على التوغل في دروبها أكثر وأكثر، وكلما زادت الانتقادات لتصريحاته التي تستخدم الدين لخدمة السياسة أدلى بالمزيد منها، واضعا المؤسسة المسيحية الأعرق في الشرق الأوسط في صراعات مع القوى السياسية نازعا عنها كثيرا من قدسيتها في نفوس المصريين جميعا بنزولها إلى ملعب السياسة. فبعد تصريحات الوفد الكنسي الذي أرسله البابا إلى نيويورك للتحضير لتنظيم وقفة تأييد للرئيس السيسي خلال كلمته أمام الأمم المتحدة، والتي لاقت هجوما شديدا، خرج علينا البابا تواضروس الراعي الرسمي لحفل استقبال الرئيس بتصريح أكد فيه أن كرامة مصر ممثلة في كرامة استقبال رئيس مصر بكل ما يليق، وهو تصريح خطير ومخيف لأنه يعطي مؤشرا إلى طريقة تفكير ترى كرامة مصر في التشريفات والشكليات ومهرجانات الهتاف، بعيدا عن المنجزات أو نجاح برنامج لقاءات الرئيس مع زعماء العالم من عدمه، أو حتى مضمون كلمته في الأمم المتحدة. تصريح يرى كرامة مصر في مجرد زفة سياسية لا تقدم ولا تؤخر، ولكن تلعب على وتر حساسية النظام تجاه صورته في الخارج، صورة مصر في الخارج يا حضرة البابا لن تتأثر بمظاهرة مؤيدة للرئيس أو مناهضة له، ولكنها تتأثر نتيجة قضايا العنف الطائفي والاعتداءات المتكررة على الأقباط في غياب دولة القانون، فرجل ينصب نفسه حاميا لحقوق الأقلية القبطية في مصر في ظل دولة الجليات العرفية يرى أن الإعلام يشوه صورة مصر بالحديث عن أوضاع الأقباط المتراجعة، ويضع نفسه في موقف عداء خطير مع الإعلام. ويضع البابا تواضروس كل بيضه في سلة النظام الحالي ويقف بكل قوة مدافعا ومبررا ومهاجما منتقديه ومنظما لتشريفات استقباله في الخارج من أجل كرامة مصر».

&

الفساد في البر

&

وإلى الفساد الذي ملأ بر مصر لدرجة دفعت الجيش لأن يتدخل بأوامر من الرئيس لمعالجة أزمات غذائية وغيرها مما أثار غضب كثيرين. قال عنهم زميلنا في «أخبار اليوم» يوم السبت صابر شوكت في بابه « بين الصحافة والسياسية»: «ولأن جيش مصر ليس في حاجة لمن يدافع عن سمعته وتاريخه العظيم نؤكد للجميع إنني ضد فكرة تغلغل جيشنا في الحياة المدنية وضد فكرة ادخاله اللعبة السياسة حتى لا يتعرض للنقد والإهانة، ولابد أن يظل بهالته القدسية في نفوس جميع طوائف شعب مصر بأنه مخصص لحماية مقدرات هذا الوطن وبذل الدماء والأرواح لحماية الأرض والعرض ضد كل من يفكر في إيذاء المصريين، ولكن ما حدث وما كشفته الأجهزة الرقابية الحساسة منذ تولي السيسي الحكم ولا يتم الكشف عنه، هو أن الأمن الغذائي للمصريين تديره مافيا مرعبة من رموز فساد عهد مبارك رجال أعمال وقيادات رقابية سابقة في شراكة فعلية، وهؤلاء مستمرون حتى الآن بل يتصدرون المشهد الوطني محاولين خداع النظام الوطني الحاكم حاليا، الذي يمثل أمل شعب مصر في القضاء على هؤلاء المفسدين للنهوض بالدولة وإعادة بنائها. أكشف الستار عن هذه الحقائق تحت مسؤوليتي الكاملة أمام الله والتاريخ، لقد اكتشفت الأجهزة الحساسة باليقين وبزيارات ميدانية لخارج مصر ووثائق داخلية أن هذه المافيا تسيطر على استيراد اللحوم والدواجن والقمح ولبن الأطفال، بما تزيد قيمته سنويا على 10 مليارات دولار، واكتشفوا أنهم يستوردون نفايات العالم لا طعامها للمصريين، وان ذلك يتم برعاية لجان طب بيطري متآمر مع هؤلاء الفاسدين وبظرف دولارات يمنحونهم شهادات يدخلون بها النفايات من اللحوم والدواجن والقمح ولبن الأطفال».

&

أجواء الشارع المصري قابلة للغضب

&

وعن الفساد في البر قال أمس الاثنين زميلنا في «المقال» طارق أبو السعد عن الحكومة:

«الكل مقتنع بأن هذه الحكومة فيها فاسدون أكثر مما ظهر بكثير ومصرون على أن ما قاله المستشار هشام جنينه صادق مئة في المائة، ولديهم هاجس أن الفساد وأموالنا المنهوبة والمهربة خارج مصر أكبر بكثير من الحكايات. إن حالة الاستياء من قبل الشارع تجاه بعض الوزراء خاصة في المجموعة الخدمية وعدم توفيرهم الخدمات التي يحتاج إليها المواطن كل هذا جعل الأجواء النفسية والفكرية في الشارع المصري قابلة للغضب، وهو ما لا تتحمله الدولة والأحداث والظروف والأوضاع الاقتصادية. لا يقول أحد أن من يغضب خائن إنما ألقوا باللائمة على الفاشلين وعلى الفاسدين وعلى من اختارهم. إن الرعونة في التعامل مع الشارع هي السبب وكان يجب على من يختار الحكومة أن تكون هديته للشعب المصري في هذا العيد هي التغيير الشامل».

&

أجهزة الدولة معنية بالأمن السياسي فقط

&

وإلى «الشروق» عدد أمس الاثنين أيضا مع زميلنا الكاتب فهمي هويدي في مقاله اليومي، حيث أشار إلى ما ينشر عن فساد معلبات مصدرة لأمريكا وقال: « لم نفهم شيئا مما نشرته وسائل الإعلام المصرية عن الشبهات المثارة حول فساد المعلبات والمنتجات الغذائية التي تصدر إلى الخارج. وهي التي أشار إليها تقرير منظمة الغذاء والدواء الأمريكية، ورغم أن سمعة الصادرات المصرية تهمنا، وكذلك صحة الأوروبيين والأمريكيين الذين يتداولون تلك السلع، إلا أن الذي يهمنا بدرجة أكبر هو صحة ملايين المصريين، الذين يستهلكون تلك المنتجات في صمت وصبر، ولا يجدون من يبصرهم بحقيقة ما يتناولونه. لا أخفي أن الصدى عندي أضاف الشك إلى جانب الحيرة والبلبلة. إذ لم أستبعد صحة بعض المعلومات التي وردت في التقرير الأمريكي لثلاثة أسباب هي : الأول أن الفساد في مصر أصبح متفشيا بصورة لا يستبعد معها أن يتخلل عمليات التصدير والتعليب، حيث لا يعقل مثلا أن يشيع الفساد في مختلف المجالات في حين يستثنى قطاع تصدير المعلبات والمنتجات الزراعية. السبب الثاني أن أجهزة الدولة معنية بالأمن السياسي بحيث لم يعد الأمن الاجتماعي واردا ضمن أولوياتها. ذلك أن شغلها الشاغل أصبح محصورا في مراقبة الناشطين السياسيين، أما رقابة الأسواق أو التدقيق في عمليات الإنتاج السلعي فهو من اختصاص الأجهزة البيروقراطية عديمة الهمة وضعيفة الفاعلية. ورغم أن انتشار الفساد في قطاع المنتجات الغذائية يعد إرهابا حقيقيا إلا أنه يهدد المجتمع ولا شأن له بالنظام أو السلطة. السبب الثالث أن قيمة المساءلة والمحاسبة لم تترسخ بعد في مجتمعنا. وتجربتنا مع مجلس النواب أقنعتنا بأننا لا نستطيع أن نعول عليه في مساءلة الحكومة في مثل هذه الأمور أو غيرها».

&

الغذاء المسموم

&

وعن الموضوع نفسه كتب لنا أحمد بان في «التحرير» مقاله ومما جاء فيه: «حملت إلينا وكالات الأنباء أخبارا عن حظر هيئة الأغذية والأدوية الأمريكية العديد من المنتجات الغذائية التي تصدرها مصر، وعلى الرغم من أن الأمر انطوى على تضخيم مقصود من جهات بعينها فإن ذلك لا يلفتنا عن حقيقة مهمة لطالما أشرنا إليها في مقالات سابقة، وهي أنه لا يوجد في بلادنا جهة واحدة على غرار الهيئة الأمريكية لها مصداقية، خصوصا أن هذه المهمة موكلة إلى بعض الهيئات الحكومية في وزارة الصحة والتموين، وكلنا يعلم حال الوزارتين في النهوض بمهامهما الأصلية، وما حديث فساد القمح بفطر الإرغوت أو تلوث الأسماك والفواكه والخضراوات بمياه الصرف عنا ببعيد.. حقائق مهمة جدا يطالعها من يقرأ أرقام المرضى بالفشل الكلوي والكبدي وكل الأوبئة المسؤول عنها فساد الماء والهواء والغذاء في مصر.

ليس سرا أن الزراعة بمياه المجارى الملوثة أصبحت واقعا تعلمه الكافة، وليس سرا أنه لا توجد جهة تراقب سلامة ما يتناوله المصريون من غذاء أو دواء، سواء مصانع بير السلم أو تلك التي يملكها أباطرة ورجال أعمال تسد جنيهاتهم عيون جهات رقابية، نريد جهة مأمونة يملك أعضاؤها الجدارة الفنية والقضائية التي تمكنهم من حماية صحة وحياة المصريين. هل ينام الرئيس ملء جفونه وهو يعلم أن غذاء المصريين ملوث؟ إذا كان الإرهاب عدوانا على حياة البعض فإن فساد الغذاء تهديد خطير لحياة جميع المصريين المسؤول عنها الرئيس أولا وأخيرا. لا يتناول الرئيس غذاء أو دواء حتى تراجع سلامته لجان مختصة ومؤهلة، فماذا سيقول الرئيس لربه وهو لا يوفر لشعبه ما يوفره له الشعب، باعتباره دافع الضرائب التي تمول مصروفات الرئاسة وكل استخدامات الموازنة؟ ولا يزال المواطن رغم كل شيء هو الباب الأول لتمويل كل شيء في هذه البلاد المنكوبة.

&

نظرية المؤامرة

&

ومن التحرير إلى «المصري اليوم» ومقال عمرو الشوبكي وقوله: «إن التسليم بنظرية المؤامرة على أنها قوة خارقة لا نعرف عنها شيئا ولا نستطيع أن نواجهها أمر يكرس ثقافة الاستسلام أمام مواجهة تحديات الخارج والداخل معا، فلو اهتممنا بمشكلاتنا الثقافية والسياسية والاقتصادية وعرفنا أين هي العيوب والمثالب وأين نقاط التباين التي لا تحتاج إلى مؤامرة لأنها تمثل تعارضا طبيعيا في الرؤى والمصالح، لكان حالنا أفضل بكثير مما نحن فيه. والحقيقة أن أخطر ما تشهده مصر الآن هو تلك العودة البليدة لنظرية المؤامرة في التعامل مع قضايا الخلاف الداخلي وضعف التأثير الخارجي، بدلا من الاشتباك مع الواقع والاعتراف بالأخطاء والمثالب والعمل على إصلاحها. الطريقة التي نتحدث بها عن المؤامرة هي طريقة معطلة لأي تقدم، لأنها تقدم وصفة عجز واستسلام كامل أمام مواجهة أي مشكلة في الداخل والخارج، خاصة بعد أن أصبح حديث المؤامرة يعكس رغبة في كبت النقاش العام وعدم فهم قيمة التنوع والاجتهادات المختلفة داخل المجتمع المصري، وطالما اعتبرنا النقد مؤامرة، وحق أي حزب في الوصول للسلطة مؤامرة، والشباب متآمرا وأجندات، من أجل تجاهل مسؤوليات الحكم في بناء دولة القانون وإصلاح المؤسسات فسنبقى محلك سر…. وملتحفين بحديث المؤامرة».

&

جمال وعلاء مبارك في كافيه مدينة زايد

&

وإلى الرئيس الأسبق حسني مبارك ونظامه ورجاله حيث نشرت «البوابة» اليومية المستقلة مقالا لزميلنا محمد عبد اللطيف عنوانه «تخويف النظام بصورة جمال مبارك» عبر في بدايته عن عميق كراهيته لنظام مبارك، وحمله كل أسباب ما حدث لمصر، إلا أنه أبدى اعتراضه على امتلاء وسائل التواصل الاجتماعي بالهجوم على علاء وجمال مبارك لظهورهما على أحد الكافيهات في مدينة الشيخ زايد، وقال ردا على ذلك وتفسيرا له: «توقفت كثيرا أمام التكهنات غير المنطقية من ناحية الشكل والمضمون، خاصة بعد أن امتطى جهابذة التنظير والتقعير صهوة خيالاتهم في تفسير وتحليل التقاط الصور ومشاهد الفيديوهات، وكأننا أمام حدث جلل كاف بأن يهز أركان نظام الحكم القائم، ويقلب الدنيا رأسا على عقب، باعتبار أن ظهورهما إعلان حصري عن عودة نظام مبارك مرة أخرى بديلا للنظام. القراءة الدقيقة لظهورهما من حين لآخر تبدو ـ بالنسبة لي ـ لا تتجاوز الرغبة من جانبهم للاندماج في الحياة الطبيعية شأن كل المواطنين العاديين، أما تنامي الحديث حول الواقعة فيشير إلى أن هناك قوى غامضة تقف وراء ترويجها على نطاق واسع، ليس حبا في مبارك أو نظامه أو رغبة في عودة نجله لتصدر المشهد السياسي، إنما الهدف هو استثمارها بشكل يوصف بالسذاجة للهجوم الضمني على السياسات الحالية، عبر ترويج فكرة الحنين لنظام مبارك، فضلا عن استثمار فشل الحكومة في العديد من الملفات، للتلويح بأوراق وهمية نكاية في النظام. المثير للاستغراب أن انتشار الصور والفيديوهات صاحبها استدعاء للمصطلحات الجاهزة من عينة المجتمع أصيب بصدمة! وهنا أتساءل ألم يكن الذين احتفوا بهم جزءا من هذا المجتمع؟ أم أن رافضي ظهورهم نصبوا أنفسهم أوصياء على المجتمع؟ تساءل البعض كيف يهتم الناس بالتقاط الصور معهما بعدما أطاح الشعب بنظام مبارك؟ في المقابل أيضا ثمة تساؤل يفرض نفسه تلقائيا لماذا يطالب الرافضون لظهورهما بأي صورة بالإفراج عن المتورطين في جرائم إرهابية بدعوى أنهم سجناء رأي؟ كان لافتا للنظر أن أصحاب الصوت العالي من المحرضين ضد ظهورهما كانوا من المستفيدين من نظام مبارك لكنهم بدلوا جلودهم مثل الحيات».